بعد أن كان يصفها بـ“دولة الإرهاب” ويهاجمها في كل مناسبة، يبدو أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اتجه خلال الفترة الماضية إلى تخفيف التصعيد مع إسرائيل لإنشاء علاقة ودية، متأثرا بالأزمات الداخلية التي تعصف ببلاده وأبرزها المتعلقة بالاقتصاد، إضافة إلى تراجع شعبية حزبه الحاكمة للدولة التركية في الوقت الحالي، في حين يتضاءل الرضا والدعم الأميركي لأنقرة.
وأعلن أردوغان الأربعاء الماضي، عن زيارة رسمية مرتقبة للرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ إلى تركيا مطلع شهر شباط /فبراير المقبل.
وقال أردوغان خلال مقابلة مع شبكة “إن تي في” التلفزيونية إن “هذه الزيارة يمكن أن تفتح فصلا جديدا في العلاقات بين تركيا وإسرائيل“، مؤكدا أنه “على استعداد للقيام بخطوات نحو إسرائيل في المجالات كافة” بحسب قوله.
وبدأ التقارب بين البلدين منذ فترة، وتجلى ذلك مؤخرا عبر اتصال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ونظيره الإسرائيلي يائير لابيد، الأسبوع الماضي. كما نقلت وكالة “الأناضول” التركية، عن ما وصفتها بـ”مصادر دبلوماسية” قولها إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وجه دعوة للرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ لزيارة تركيا، وأضافت المصادر أن اللقاءات بين البلدين مستمرة لترتيب الزيارة.
وأشار أردوغان، على هامش مؤتمر صحفي مع نظيره الصربي أكسندر فوتشيتش إلى أن أنقرة أجرت محادثات مع أطراف إسرائيلية في الفترة الماضية.
وأضاف: “عقدنا اجتماعات في الماضي مع الأطراف الإسرائيلية، وأكدنا على التعاون المشترك لنقل الغاز إلى أوروبا وتركيا لا تزال مستعدة للعمل المشترك”، وفقا لقناة “تي آر تي” التركية الرسمية.
ماذا وراء التقارب التركي الإسرائيلي
ويؤكد الباحث في العلاقات الدولية، الدكتور طارق وهبي، أن التقارب الأخير بين تركيا وإسرائيل عنوانه النفط والغاز في شرق المتوسط.
ويقول وهبي في حديث له إنه وبعد تدخل تركيا في نزاعات المنطقة، فإن إسرائيل وفق تقديره تستطيع أن تستفيد من المعلومات الاستخباراتية المشتركة، “وهكذا تستطيع إسرائيل أن تحصل على معلومات عن عدوها الأول إيران، وحتى أذرعه بالتحديد في سوريا“.
الجدير ذكره حصول اتصال هاتفي بين الرئيس التركي ونظيره الإسرائيلي ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر الماضي في أول محادثة من نوعها بين رئيس وزراء إسرائيلي وإردوغان منذ عام 2013.
وقال أردوغان لنظيره الإسرائيلي بحسب بيان صادر عن الرئاسة التركية، آنذاك “إذا عملنا في إطار تفهّم متبادل للمسائل الثنائية والإقليمية، يمكن تقليص الخلافات بأقصى قدر ممكن“.
الأوضاع الاقتصادية أجبرت أردوغان على إعادة حساباته
ويعتقد وهبي أن الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في تركيا هي السبب الأبرز في دفع أردوغان لإعادة حساباته في علاقة بلاده مع إسرائيل ويردف قائلا: “الأيام الصعبة لتركيا لا تزال موجودة، مع هبوط قيمة الليرة التركية أمام الدولار، والاستثمار في النفط والغاز وبالتحديد في نقله إلى أوروبا“.
أما عن مصالح إسرائيل بعودة العلاقات مع تركيا فيوضح وهبي أن “إسرائيل تبحث عن إبعاد تركيا عن الحركات الاسلامية بعد أن وضعت إيران بتصرف هذه الحركات كل الامكانيات لضرب اسرائيل“.
وبحسب التقديرات، تخطط أنقرة لتعيين السياسي والباحث التركي المقرب من أردوغان، أفق أولوطاش، سفيرا لها في إسرائيل، وتخطط الأخيرة لتعيين إيريت ليليان سفيرة لها في أنقرة.
تأتي هذه التطورات في أعقاب نحو عام اتخذت فيه تركيا التي تعاني من أزمة اقتصادية خطوات لتحسين العلاقات مع مجموعة من الخصوم الإقليميين، بفعل ضغوط سياسية داخلية وخارجية، فضلا عن ضغوط اقتصادية متزايدة.
وتوترت العلاقات التركية-الإسرائيلية في عام 2010، ثم بدأت إسرائيل ومجموعة من الدول، بما في ذلك اليونان خصم تركيا التاريخي، العمل على خط أنابيب مشترك لنقل غاز شرق البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا.