يوم الثامن من حزيران/يونيو الماضي، شنّت طائرات حربية إسرائيلية غارات جوية على مواقع بعمق الأراضي السورية، وصفتها تقاير إعلامية آنذاك بأنها “غير عادية”.
فتلك الغارات تميّزت عن مثيلاتها السابقات، بأنها لم تستهدف قوات إيرانية كما اعتدنا، ولا حتى شحنات أسلحة، بل منشآت عسكرية تابعة للنظام في سوريا، جميعها على صلة بالبرنامج السابق للأسلحة الكيمياوية، وذلك وفقاً لتقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية الاثنين الماضي.
ورغم أن إسرائيل رفضت التعليق حينها، وصف مسؤولو استخبارات وأمن حاليون وسابقون مطلعون على المسألة، تلك الغارات بأنها جزء من حملة لوقف ما يعتقد الإسرائيليون أنه محاولة ناشئة للنظام في سوريا لإعادة إنتاج غازات الأعصاب المميتة، وفق التقرير.
حقق هدفان.. اعتراف إسرائيلي بـ”قصف مميّز”
إلا أن الجديد اليوم أتى من تل أبيب نفسها، فقد أيدت أوساط سياسية وأمنية هناك، تقرير الصحيفة الأميركية، وكشفت في تصريحات لوسائل إعلام عبرية، الأربعاء، أن إسرائيل فعلاً هاجمت مواقع تطوير أسلحة كيمياوية تابعة لقوات النظام في سوريا في يوم 8 يونيو/حزيران.
وقالت إن ذلك القصف دمر مرافق سلاح غير تقليدي، واستهدف ردع النظام من جهة، وتوجيه رسالة تحذير إلى إيران، من جهة أخرى.
كما أشارت الأوساط إلى أن هذا القصف الذي استهدف 3 مواقع في محيط دمشق وحمص، كان مميزاً عن الغارات التقليدية التي شنتها إسرائيل على سوريا، فعادة تستهدف الغارات الإسرائيلية مواقع إيرانية أو مواقع للنظام يستخدمها حزب الله وغيره من الميليشيات الإيرانية، إلا أن “قصف حزيران ” جاء في موقع تحت الأرض تديره قوات النظام لإنتاج الأسلحة الكيمياوية.
أما غرضه، فكان توجيه رسالة إلى إيران مفادها أن بمقدور إسرائيل إصابة أهداف تحت الأرض حتى في طهران نفسها.
3 أغراض
وعن هذا الموضوع، شرح المحلل العسكري في صحيفة “يسرائيل هيوم”، يوآف ليمور، أن هدف هذا الهجوم تألف من 3 عناصر: الأول، منع حيازة النظام في سوريا قدرات غير تقليدية، حتى لو كانت في مراحلها الأولى. والثاني، التوضيح للأسد أن إسرائيل لن تسمح لسوريا بالعودة إلى تهديدها بسلاح دمار شامل. والثالث، إرسال رسالة إلى دول أخرى، وفي مقدمتها إيران، بأن إسرائيل ستعمل بالطريقة نفسها ضد أي جهة تطور سلاحاً يهدد وجودها.
كما اعتبر مسؤولون عسكريون إسرئيليون أن الهجوم على المرافق العسكرية الكيماوية في سوريا غير عادي، من حيث كونه بعيدا وعميقا، حيث استخدمت فيه الطائرات الحربية قنابل خاصة تخترق طبقة من الباطون المسلح على عمق كبير، وذلك وفقاً لتقرير لصحيفة “يديعوت أحرونوت”.
وأشارت المعلومات إلى أن ثمة عنصرين مثيرين في هذا الهجوم، الأول هو توقيت التسريب للصحيفة الأميركية، بعد انتهاء زيارة وزير الدفاع، بيني غانتس، للولايات المتحدة مباشرة والتلميح لجميع الجهات في إيران والولايات المتحدة، بأن نوايا إسرائيل جدية بالعمل ضد تطوير أسلحة غير تقليدية بحوزة أعدائها، والثاني هو وصف التنسيق الأمني الوثيق بين إسرائيل والولايات المتحدة، وفق التقرير.
كذلك نسبت الصحيفة لمسؤولي استخبارات وأمن حاليين وسابقين مطلعين على المسألة، أن غارة 8 يونيو أتت كجزء من حملة لوقف ما يعتقد المسؤولون الإسرائيليون أنه محاولة ناشئة لسوريا لإعادة إنتاج غازات الأعصاب المميتة، وفق قولهم.
7 قتلة وإدانة ونفي
يشار إلى أن استهدفت إسرائيل كانت استهدفت في شهر حزيران/يونيو الماضي 3 منشآت لأسلحة كيمياوية في سوريا، حسبما ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية في تقرير لها الاثنين (13 ديسمبر/ كانون الأول 2021) نقلا عن 4 مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين، ومسؤولي استخبارات غربيين اطلعوا على معلومات استخباراتية حساسة في وقت شن الهجمات.
فيما حددت المعلومات أن العملية أسفرت عن مقتل 7 جنود، بينهم عقيد وصفته تقارير محلية بـ”الشهيد البطل” ومهندس عمل بمختبر عسكري سوري “سري للغاية”.
وقد دانت حكومة النظام بشدة حينها الهجمات الإسرائيلية، وذلك في وقت ينفي فيه مسؤولون هناك مرارا استخدام أو تصنيع الأسلحة الكيمياوية منذ 2013، إلا أن مسؤولين من الاستخبارات الأميركية يشككون منذ فترة طويلة عن أن النظام يحتفظ، إن لم يكن يعيد بناء، عناصر أساسية من برنامجه.
وعند طلب التعليق، من الصحيفة لم يؤكد المسؤولون الإسرائيليون الهجمات أو يوضحوا أسبابها، حتى جاء الكشف اليوم نقلاً عن وسائل إعلام عبرية.