مر أكثر من أسبوعين على عودة وفد مجلس سوريا الديمقراطية “مسد” و”الإدارة الذاتية” بعد زيارة رسمية إلى موسكو، ولا جديد حتى الآن فيما يخص إطلاق حوار بينهم وبين الحكومة السورية.
وكانت الزيارة قد أعقبتها تقارير إعلامية تطرق خلالها أعضاء الوفد الذي التقى بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إلى استعداد روسي لإطلاق حوار مزمع بينهم وبين دمشق، وصفوا خلالها لقاءاتهم بـ”الإيجابية” مع الوزير لافروف ونائبه ميخائيل بوغدانوف.
عودة على بدء؟
وبخلاف ما تقدم جاءت مؤخراً تصريحات أحد المسؤولين في “مسد”، وكأنها عودة إلى المربع الأول، رغم توجه قيادات “مسد” إلى موسكو مرتين منذ أيلول/ سبتمبر الماضي، وكان الحوار مع دمشق هو المحور الرئيس فيهما.
وكان قد نفى، نائب رئيس الهيئة التنفيذية في “مسد”، علي رحمون، في تصريح له إمكانية إطلاق حوار غير مشروط مع دمشق وبنبرة تختلف كلياً مع توجهات وردت في وقت سابق عن قيادات في “الإدارة الذاتية” و”مسد”، خصوصاً منذ أيلول/ سبتمبر الفائت حول استعدادهم للحوار مع دمشق، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول احتمالية حدوث تغيير في المواقف.
بحسب مصدر مشارك في ندوة نظمتها “مسد” في منبج الأسبوع الفائت، قال علي رحمون إن الحوار مع دمشق لابد أن يكون مشروطا، وأنه مرهون بتوافق أمريكي روسي الأمر الذي لا يتوفر حتى الآن، وأضاف المصدر أن رحمون أشار إلى أن الأميركيين لم يبلغوا “الإدارة الذاتية” حول وجود توافق مع الروس على شمال شرق سوريا وإن الوضع على ما هو عليه.
كما اعتبر رحمون أنه لن يكون هناك حوار جديّ مع دمشق، وعبر عن رفضهم لعودة “نظام مجرم وقاتل ومسؤول عن تهجير نصف الشعب السوري من منازله، ودمار كبير في البنية التحتية في سوريا”، وإنه لا يمكن القبول بعودته دون تحقيق مطلب “الكرامة والحرية والديمقراطية”، بحسب المصدر.
تصريحات متناقضة
وتأتي تصريحات رحمون الأخيرة متناقضة مع ما قاله في وقت سابق فنر الكعيط وهو أحد المسؤولين في دائرة العلاقات الخارجية في “الإدارة الذاتية” لشمال شرقي سوريا، حيث أشار إلى أنهم تلمسوا خلال زيارتهم إلى موسكو وجود مساع جديدة لإطلاق حوار جديّ بين “الإدارة الذاتية” ودمشق، ترعاه موسكو وبدعم أميركي. لكن المسؤول في العلاقات الخارجية نفى تحديد مكان أو موعد لبدء الحوار مع دمشق.
ضمن ذات السياق تتناقض تصريحات رحمون أيضا مع تصريحات قيادات أخرى في “الإدارة الذاتية” وأحزابها، منها تصريحات سابقة للقيادي البارز في حزب “الاتحاد الديمقراطي” آلدار خليل كان قد أطلقها مطلع الشهر الماضي، وعبر فيها عن استعدادهم والإدارة الذاتية “للحوار المباشر وغير المشروط مع دمشق”.
ومن أجل إيضاح حقيقة التناقض صرح قيادي في “مسد” علي رحمون، الذي أكد “على عدم وجود توافق أميركي وروسي في ما يتعلق بالملف السوري” مشيراً إلى إمكانية أن يكون الملف السوري متروكاً “للتجريب للروسي أو لكي يقوم بمحاولاته الابتزازية”.
وأقر رحمون بوجود “خلاف حول التصريحات” مع قيادات “الإدارة الذاتية”، معتبراً أن “البعض كان يراهن على إحراج النظام، لكن النظام غير معني بأي إحراج لا بالتصريحات ولا بالسلوك”.
وأضاف المسؤول في “مسد” أن “هدف النظام هو الاستمرار في الوجود على كرسي السلطة على حساب دماء شعبه وبالتالي لن تحرجه التصريحات” كما أعتبر أن القيادات التي أعلنت انفتاحها على الحوار مع دمشق “وجدت بأن تصريحاتها كان لها أثر سلبي وليس إيجابي، وقد تم تصحيح بعض هذه التصريحات”.
“تخبط دولي”
كما وأشار رحمون إلى وجود “تخبط على المستوى الدولي في إدارة الملف السوري”، معتبرا أنه لا يزال “غير موجود على طاولة المجتمع الدولي وغير مهتمين به وهو ملف منسي”.
وأردف المسؤول بأن “كل ما يعمل عليه مجلس سوريا الديمقراطية، هو إعادة الملف السوري إلى طاولة المجتمع الدولي وتحريكه من أجل أن يتم البحث في آليات الحل السياسي، بخاصة أن هناك القرار 2245 الذي صدر من مجلس الأمن بإجماع دولي، ولابد لنا من العمل على تفعيل هذا القرار والضغط من أجل تنفيذه”.
كما قال رحمون إن “محاولات إعادة تعويم النظام من جانب دول شريكة له لن تنجح كما ذكرت مصر في مرة من المرات في إعادته إلى الحظيرة العربية”.
وأضاف أن “أميركا اعتمدت سياسة الخطوة خطوة تجاه النظام لكنه لم يقدم أي خطوة، وبالتالي لن يكون هناك أي خطوة تجاهه ولن تسمح واشنطن للدول بإعادة تعويمه بالمطلق”.
توتر وفجوة
في سياق متصل، تشهد مدينة القامشلي منذ أكثر من أسبوع توترا بين قوى الأمن الداخلي “الأسايش” وبين قوات الحكومة السورية بعد أنباء عن قيام الطرفين باعتقالات متبادلة.
وتمنع “الأسايش” مرور السيارات العسكرية أو التابعة للإدارة الذاتية من التوجه نحو منطقة المربع الأمني في القامشلي حتى اليوم.
وكان تقرير لصحيفة “الشرق الأوسط” قد تحدث مؤخرا عن توجه روسيا إلى رعاية حوار بين “الإدارة الذاتية” ودمشق قريبا، في ضوء وعد قدمه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لوفد “مسد”، وذلك على اعتبار أن تشجيع الحوار بين الطرفين وإيصال المساعدات الإنسانية إلى جميع السوريين بندان يتوافق عليها الأميركيون والروس.
وذكرت الصحيفة أن مبعوثي الرئيسين الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين، اتفقوا خلال جولات غير علنية في جنيف على توفير “غطاء” أميركي و”رعاية” روسية للحوار بين الطرفين.
ولا يزال الفارق كبيراً بين رؤية الطرفين، حول كيفية الوصول إلى حل نهائي، إذ ترفض دمشق انضمام قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، والاسايش، إلى الجيش السوري والقوى الأمنية ككتلة واحدة، وتطالب باندماجهم بدلا عن ذلك.
كما تتحدث دمشق عن ضرورة وجود وفد يمثل الكرد السوريين فقط، فيما ترفض “الإدارة الذاتية” مبدأ الحوار ما لم يكن مع ممثلي مكونات مناطق الإدارة الذاتية.
وطرحت دمشق سابقا قانون الإدارة المحلية 107 كمشروع بديل عن “الإدارة الذاتية” وترى أنه يمكن زيادة عائدات الثروات على مناطق شمال وشرقي سوريا بشرط أن يبقى قرار إدارتها مركزيا.