فايروس كورونا، تغيير المناخ، إغلاق الحدود والمعابر، والحرب المستمرة منذ أكثر من 10 سنوات، كلها أسباب تجعل السوريين على حافة الهاوية، بعدما وصلت بهم الأحوال إلى تدهور وسوء الأوضاع المعيشية والفقر الشديد، حتى أنها قد وصلت بالنسبة للكثير منهم إلى حد المجاعة.
وما يزيد الأوضاع الغذائية سوءا أنها تتدهور كل يوم أكثر من الذي سبقه، ولا حلول تلوح في الأفق حتى اللحظة.
مجاعة كبرى قادمة إلى سوريا!
أشار برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، الاثنين، إلى أن 45 مليون شخص بلغو حد المجاعة في 43 دولة حول العالم، منهم أكثر من 12 مليون شخص في سوريا فقط، لافتا بالقول: «لا يعرفون من أين ستأتي وجبتهم التالية».
وسبق أن قدر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، أعداد السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر بأكثر من 90 بالمئة من إجمالي عدد سكان البلاد.
وأوضح أن غالبيتهم يضطرون لاتخاذ خيارات صعبة للغاية من أجل تغطية نفقاتهم.
انعدام الأمن الغذائي
الباحث والخبير الاقتصاي يونس الكريم، يشير من خلال تصريحه إلى أن هذه المشكلة ليست حديثة الولادة، حيث أن هناك عدة تقارير من منظمة الفاو قبل ثلاث سنوات تتحدث عن انعدام الأمن الغذائي في سوريا، وأن استمرار النزاع المسلح في البلاد سيكون له عقبات كثيرة.
ويكمن جوهر انعدام الأمن الغذائي في سوريا في عدة نقاط أساساية تتجسد في استخدام الميليشيات المسلحة على اختلاف مكوناتها السلعة الغذائية كوسيلة لتمويل آليتها العسكرية، وبالتالي يكون هناك جوع، وفقا لما قاله الكريم.
لافتا إلى أن الجوع يستخدم كوسيلة من وسائل الضغط أو الانتصار العسكري.
ويضيف، أن سوريا شهدت خلال السنوات الماضية، حرق الأراضي والمحاصيل الزراعية، كما حصل في مناطق كثيرة من إدلب والغوطة ودرعا، في محاولة من قبل القوات الحكومية للسيطرة على تلك المناطق.
في حين، تسببت الحكومة السورية بأزمة اقتصادية أخرى بعد إعطاء الروس مناجم الفوسفات الذي يعتبر جزء من السماد الطبيعي المستخدم في تحسين الزراعة، واستبداله بالنفط والعملة الأجنبية من إيران، وحتى أن بيع السماد عن طريق لبنان إلى العالم الخارجي كان له تأثير سلبي على الأراضي الزراعية في سوريا.
إرادة روسيا
يأتي ذلك، إلى جانب السياسات الحكومية المتبعة في الصناعة والتجارة، فضلا عن رفع الدعم والتضييق على التجار والصناعيين للمنتجات الغذائية.
ولم تعمل الأمم المتحدة على تأمين أمن غذائي مستدام للسوريين، إنما اكتفت بمنح سلل غذائية وأموال على حساب دعم الأراضي الزراعية ودعم المنتجين الزراعيين.
فضلا عن أن الأمم المتحدة لم تضغط على المجلس الأمن بموضوع تحييد الأراضي الزراعية والتشجيع على الصناعة، وإنما انصاعت لإرادة روسيا التي تطمح للسيطرة على البلد من خلال سياسة التجويع حتى تتمكن القوات الحكومية من ضبط حركة السوريين.
وفي الوقت الذي تعاني الدول المجاورة من أزمة طاقة وجفاف، لعب البعض منها دورا بارزا في مجاعة السوريين.
مثل تركيا ومحاولة التلاعب بسد الفرات للضغط على الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا، بعد استخدامه كـ«سلاح حرب».
المجاعة مرهونة بالحل السياسي
الباحث والخبير الاقتصاي يونس الكريم يرى أن الأزمة ستستمر طالما لا يوجد هناك أي حل سياسي، وهذا الحل يبدأ حقيقة على الأقل من الجلوس على طاولة التفاوض وتحييد الأراضي الزراعية أولا، ثم إيقاف عملية التنافس للسيطرة على الأراضي الزراعية واستخدام الغذاء كوسيلة من وسائل الحرب.
مشيرا إلى ضرورة وضع خطط حقيقية نحو تحقيق أمن غذائي حقيقي ومستدام، إلى جانب دعم القطاع الزراعي والصناعات، بالإضافة إلى منع تصدير منتجاتها ليتم توفيرها للمواطنين.
ويقول الكريم، «سنعاني من مجاعات نتيجة تغير المناخ وعدم توفر المحروقات وارتفاع الأسعار العالمي للغذاء، وكذلك بسبب كورونا وصعوبة الشحن والنقل وسلاسل التوريد».
وبالتالي، سنكون مقبلين على أسباب داخلية وخارجية دولية لانعدام الأمن الغذائي، وهذا الأمر سيجعل نسبة المعرضين للمجاعة من السوريين، ترتفع إلى أكثر من 90 بالمئة.