حداثة و ديمقراطية

عن العلمانية و الاسلام ملخص سريع و مكثف

المقابل اللغوي العربي لكلمة Secularism الإنجليزية يترجم حرفيا “دنيوية”، وكان يستعمل هذا المصطلح كمصطلح لوصف العامة من غير رجال الدين قبل أن يتّخذ دلالة سياسية، وقد يظن البعض أن المصطلح في اللغة العربية لمعنى الكلمة هو العلمانية وهي مشتقة من كلمة العالم، وهو المصطلح الذي يستخدمه بعض الكتاب لتجنب الارتباك، في حين يفضل البعض الآخر مصطلح الدنيوية على النقيض من “الدينية”.[1] و مصطلح العلمانية هي ترجمة غير دقيقة، وغير صائبة لكلمة علمانية في الإنجليزية، أو Secularite أو Lauque بالفرنسية، وهذه الكلمة حسب أصلها في الاتينية لا علاقة لها بلفظ العلمومشتقاته، على الإطلاق. فلفظة العلم في الإنجليزية والفرنسية، يعبر عنها بكلمة علم، وأما المذهب العلمي، فيطلق عليه كلمة علموية، والنسبة إلى العلم هي لينكس علمي أو عالم (مهنة) في الفرنسية.

و التكوين اللغوي للفظة العلمانية فهو من خلال إضافة ياء النسب إلى مادة العلم وإضافة ألف ونون زائدتين وذلك غير قياسي في اللغة العربية بل سماعيا كما في نسبة رباني إلى رب، ثم شاع ذلك أخيرا في كلام المتأخرين، كقولهم: روحاني، نفساني، ونوراني، واستعملها المحدثون في عبارات، مثل: عقلاني وشخصاني، ومثلها علماني. وأما الترجمة الدقيقة لكلمة العلمانية فهي اللادينية أو الدنيوية، فهي لا تقتصر على معنى يقابل الأخروية فحسب، بل بمعنى أخص، وهو ما لا صلة له بالدين أو ما كانت علاقته بالدين علاقة تضاد، وقد حصل ذلك اللبس في الترجمة بسبب اعتماد المترجمين المنطلق المسيحي الغربي الذي يعتبر العلم في مقابل الدين وكونهما مفهومان متغايران متضادان لايمكن الجمع بينهما، فالعلم والعقل، يقعان في مقابل الدين، والعلمانية والعقلانية، في الصف المضاد للدين.[2]

وذكرت تعريفات متعددة للعلمانية أفضلها وأشهرها للفرنسي جان بوبيرو الذي شبه العلمانية بمثلث :«الضلع الأول فيه (وهو يتعلق بخاصية العلمانية) هو عدم تسلط الدين (أو أي نوع آخر من المعتقدات) على الدولة، ومؤسسات المجتمع والأمة والفرد، والضلعان الآخران من المثلث هما: حرية الضمير والعبادة والدين والعقيدة، وذلك في التطبيق المجتمعي وليس كمجرد حرية شخصية باطنية. والمساواة في الحقوق بين الأديان والمعتقدات؛ مع ضرورة تطبيق هذه المساواة واقعيا ومجتمعيا». ويوجد هذا التعريف كنصوص في كثير من دساتير العالم وبذلك الدستور العراقي لعام 2005 الذي استمدت مواده من الدين الإسلامي بعنوانه المصدر التشريعي الأول، كما يوجد أيضا في لوائح وقوانين حقوق الإنسان والإتفاقيات الدولية.[3]

كان البعثيون وغير المسلمين العرب والليبراليون من أوائل المؤيدين للمبادئ العلمانية في بلدان الشرق الأوسط وهم الذين سعوا لإيجاد حل لمجتمع متعدد الطوائف والسكان، والأخذ بيد المجتمع نحو التطور والحداثة.[4]

أحد الأعمال الأكثر إثارة للجدل في ذلك الوقت هو عمل لعلي عبد الرازق، أحد علماء الشريعة الإسلامية، والقاضي الذي أثار جدلاً كبيراً في كتابه “الإسلام وأصول الحكم” في عام 1925، الذي صرح فيه لأول مرة في التاريخ الإسلامي بأنه لا يوجد في النصوص الإسلامية المقدسة ما يلزم المسلمين باتباع نموذج الخلافة بالحكومة الدينية، وأن بإمكانهم اختيار النظام السياسي الذي يناسبهم. وقد سبب هذا الكتاب جدلاً حاداً وخصوصاً أنه أوصى بأن الدين يمكن أن ينفصل عن الحكومة والسياسة. وقد أقيل عبد الرازق في وقت لاحق من منصبه في الأزهر. وعلق روزنتال عليه بقوله:

لأول مرة نرى ثبات على المبدأ، وتمسكاً نظرياً ومطلقاً بمعنى الكلمة، وشخصية دينية لا مثيل لها في الإسلام [5]

والحال أن مصطلح علمانية اكتسب دلالة سيئة في العالم الإسلامي بعد إقامة النظام السياسي العلماني في تركيا في عام 1924 على يد مصطفى كمال أتاتورك.[6]

عن ويكيبيديا / موقع الحداثة

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
Translate