ولادة الحداثة الروائية في العالم(٢).
يناقش المؤلف في مقدمته للكتاب موضوع الحداثة الروائية من حيث تاريخ اعتمادها في ميدان الفن الروائي، ثم من جهة طبيعتها والسمات التي وسمت كتابات الروائيين الحداثيين بخصائصها المميزة.
الحداثة الروائية
يناقش المؤلّف في مقدمته للكتاب موضوع الحداثة الروائية من حيث تاريخ اعتمادها في ميدان الفن الروائي، ثمّ من جهة طبيعتها والسمات التي وسمت كتابات الروائيين الحداثيين بخصائصها المميزة. وقد سلك في مناقشته مقاربة ممتعة ورصينة في الوقت ذاته باعتماده مؤشرات تطبيقية في الحداثة الروائية كما نشهدها في أعمال روائيين حداثيين طلائعيين مثل: جيمس جويس، غيرترود شتاين، فرجينيا وولف، جين توومر، ثم في أعمال روائيين حداثيين لاحقين لهم.
ويمكن للقارئ في هذه المقدمة متابعة الكيفية التي يوضّح بها المؤلف طريقة هيكلة تعريف الحداثة الروائية شيئا فشيئا حتى باتت تعني القدرة على التعامل مع المعضلات والإمكانيّات الملازمة للحداثة- الأعاجيب التقنيّة، الفوضى الاجتماعيّة، الأحجيات السايكولوجيّة، نمط التغيّر- وجَعْل تلك الموضوعات المادّة الأساسيّة والأثيرة التي تستمد منها الرواية تحدياتها وإلهامها.
كما تعني الحداثة الروائية مواجهة الحداثة بأشكال تجريبية غير مطروقة في الكتابة، وتجنحُ الرواية الحديثة لفعل ذلك وهي مسكونة بقناعة راسخة بأنّ الأشكال الجمالية يمكنها إحداث فرق جوهري في الطريقة التي يرى بها الناس، ويفكرون، ويعيشون، وربما عنى هذا شيئا يبدو قديما إلى حد يبعث على التناقض، شيئا بدأ قبل مائتي سنة تقريبا (عندما راحت الحداثة تبدو للمرّة الأولى كمعضلة عظيمة الطغيان)، ثمّ حلت الذروة الحداثيّة عام 1922 مع نشر “يوليسيس” لجيمس جويس مترافقة مع الفتوحات الحداثية الأخرى، ثمّ آذنت الحداثة الروائيّة بختام بعدما بدا أنّ المثالية الجمالية لم تعد تناسب حداثة حياة ما بعد الحرب، لكن لن تعدم الرواية الحديثة ما تجود به دوما، فكما سنرى لاحقا يمكن للرواية، في جميع الأوقات، أن تكون متّسمة بالحداثة، أو في أقلّ تقدير يمكن لأشكال الرواية الحديثة- ولو تقادمت- أن تكون مصدر حيويّة مدهشة لثقافتنا الراهنة.
يبدأ جيسي ماتز كتابه بفصل عنوانه “متى ولماذا: نشأة الرواية الحديثة” يبحث فيه تفاصيل بشأن نشأة الرواية الحديثة والآباء المؤسسين لها، خاصة في بواكير عام 1914 عند بداية الحرب العالمية الأولى، ثمّ يفرِد قسما مهما من هذا الفصل لسبعة من الروائيين الحداثيين، منهم: فرجينيا وولف، فورد مادوكس فورد، ويلا كاثر، ودي. إج. لورنس. ويتناول بالإشارة المقتضبة عملا حداثيا مميزا لكلّ من هؤلاء الروائيين.
العرب- موقع حزب الحداثة.