بمناسبة احداث جنوب لبنان و الضربات التي يتلقاها حزب الله و اغتيال أمينه العام.. افتتاحية عدد الأسبوع من موقع الحداثة و جريدته الاكترونية
كان السوريون قبل عام ٢٠١١ لا يرون في حزب الله إلا جهة مناضلة وورعة لا تعنى بالسياسة من زاوية الرغبة في حيازة السلطة و ممارسة الهيمنة ، جهة مقاومة غرضها مناهضة إلاحتلال الاسرائيلي ودفعه إلى إنهاء احتلاله ، حتي ان موقفهم ووعيهم لحالة هذا الحزب كانا قد تأخرا في التقاط صورة موضوعية له ، فلم يتأثرا من تدخله في الحياة السياسية اللبنانية ، ولا حتى حينما هاجم حزب الله بيروت و بعض مناطق جبل لبنان و اظهر وجهه المعني باغتصاب الدولة اللبنانية ،في سيادتها و قرارها و مؤسساتها ، لم ير السوريون آنذاك خطورة مشروع الحزب الذي يستهدف تقويض الدولة اللبنانية وكسر احتكار العنف المشروع المناط ممارسته بسلطتها الشرعية و اتباع وضعها و مصيرها إلى إرادة الولي الفقيه في ايران . إلى أن جاء الحدث السوري وبدأت التظاهرات السلمية ضد الاستبداد ، صدم السوريون من الانحياز الاعمى و الأوتوماتيكي لحزب الله الي جهة النظام ، وذهلوا حين رأوه يشارك عسكريا في قمع الحراك السوري ،و في تجويع المناطق الثائرة و محاصرتها ، و قطعوا مع حالته نهائياً و نفسيا حين ارتكب ممارسات وحشية ضد ثائرين و ضد مدنيين عزل ، ذلك كله من نجح في اسقاط القناع عن صورة الحزب “المقاوم ” أمام السوريين ،لقد عراه أمامهم و أظهر وجهه الثيوقراطي الذي يأخذ تحديداته للسياسة من تموضعه في ثقافة السماء و إسقاط مقولاتها على الارض و السياسة ، لقد بدا امام العالم ،و السوريين على نحو التحديد، على حقيقته، ، ظهر يحتقر نزوع المجتمعات إلى الديمقراطية ، يناصر الطغيان و الاستبداد و لا يتورع عن ارتكاب الجرائم بحق الأطفال و المدنيين ، حينها اكتمل تشكل موقف صلب إزاءه لملايين من السوريين ،ازاء الحزب ،اعضائه و قادته و أمينه العام حسن نصر الله تحديدا ، موقف يعتبر هذا الحزب و أمينه العام عدوا للحرية و مريديها ، للسوريين الذين ثاروا ضد الاستبداد في سورية ،
وفي حين كانت حجج حزب الله وأمينه العام في دعم النظام السوري تصب في أنه بذلك يصلب محور المقاومة و يمهد الطريق إلى القدس الذي يمر في سورية ..! ، كيفما كان ، حتى عبر مشاركة الاستبداد جرائم الحرب و الإبادة الجماعية ضد السوريين ، تبين اليوم هراء هذا المنطق و تهافته و سقوطه ، فحضوره في سوريا حربا و حصارا ، عسكريا و استخباراتيا ، لم يعر وجهه الطغياني ويفقده دعم و حب قطاعات واسعة من الشعب السوري و انما كشف أدواته العسكريه و فتحه على الاختراق الشامل متعدد المستويات ، الأمر الذي جعله ضعيفا و منهكا تتساقط قياداته بمن فيها أمينه العام، قتلا و اغتيالا ، حتى ان الحاق الهزيمة بالحزب بات قاب قوسين او ادنى
لقد قتل نصر الله و معه كبار قادة حزبه ، جسم حزب الله و مقدراته لا يزالان يتلقيان ضربا شاملا و مستمرا ، و محور المقاومة آيل ” للانهيار ” و كثير من السوريين الذين شردهم ودمر حياتهم حزب الله حينما قاتل الشعب السوري و ارتكب المجازر إلى جانب النظام ، يحسون بتحقيق جزئي للعدالة اليوم ، ووصل ببعضهم انه يتشفى و يفرح (بطريقة لا تليق بالسوري الحر) بعذابات المدنيين الذين ينتمون إلى بيئة حزب الله اثناء نزوحهم عن قراهم و بيوتهم و مناطقهم .
و إذا كنا نحن في حزب الحداثة نعتد بصوابية قراءتنا القديمة لختل و ضلال موقف حزب الله من الشأن السوري و لميوله ممارسة السياسة واستخدام العنف تحت تأثير موقفه و تصوره الاسلاموي السياسي ذو النكهة الشيعية ، و استخفافه بارادة المجتمع السوري و قبله المجتمع اللبناني ، ووقوفه مع الاستبداد و قتاله إلى جانبه ، و ان كنا نعتبر ان اضعافه الآن هو إضعاف للموقف المستبد في منطقتنا ، إلا اننا لا نملك إلا ان نتضامن مع بيئة هذا الحزب المجتمعية وأن ندين استهداف المدنيين من الشيعة اللبنانيين وتعريض حياتهم للخطر، و نكرر أن انتهاك إسرائيل للقانون الدولي و ارتكاب المجازر الجماعية كما حدث في غزة و يحدث الآن في جنوب لبنان ،بحجج استهداف قوى حماس و حزب الله ، و عدم إنهاء إسرائيل لاحتلالها الأراضي الفلسطينية و الامتناع عن تطبيقها لقرارات الشرعية الدولية و عن إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية هو الذي يعمق من مسار الحرب و الكراهية في منطقة الشرق الأوسط و يترك مستقبلها نهبا للعنف و التشدد و الصراع الذي لا ينتهي ، و هو الذي سيفقدها الفرصة المثلى لتحقيق السلام و الامن للاسرائيليين ،الفرصة لاضعاف و إبراز تهافت منطق قوى الإسلام السياسي و تفكيك احد اوجه وجودها في المنطقة ، الامر الذي سيترك الشرق الاوسط خزانا للأزمات و بيئة متفجرة بلا نهاية .
مجلس الادارة السياسي
28/09/2024