الأم رمز التضحية
الأم، ذلك القلب الكبير الذي ينبض بالعطاء والمحبة، هي أعظم رمز للتضحية والإيثار. وفي عالمنا، هناك أمهات يتحدين أصعب الظروف ويكافحن كل يوم من أجل أطفالهن، وخصوصًا حين يكون للطفل احتياجات خاصة. الأم التي تعمل من أجل طفلها المعاق، هي قصة إنسانية تستحق أن تروى، فهي رمز للتفاني الذي يتجاوز حدود الاحتمال.
الصفحة الأولى:
مع بزوغ كل فجر جديد، تستيقظ هذه الأم مبكرًا، وهي تدرك أن أمامها يومًا طويلًا مليئًا بالتحديات. تقف أمام مرآتها، تحاول أن ترسم على وجهها ابتسامة رغم التعب الذي يتسلل إلى جسدها. فحبها لطفلها المعاق هو القوة الدافعة التي تجعلها تتغلب على كل الصعوبات. تعرف أن حياتها تختلف عن حياة الأمهات الأخريات، فالمسؤولية التي تقع على عاتقها تفوق كل حدود.
في المنزل، يبدأ يومها بالعناية بطفلها. قد يكون بحاجة إلى مساعدة في النهوض، في الأكل، أو في التحرك. لكن الأم لا ترى هذه المهام عبئًا، بل تراها جزءًا من حياتها اليومية. كل حركة وكل خطوة تقوم بها لطفلها تُعتبر بالنسبة لها استثمارًا في مستقبله، محاولة منها لتجعل حياته أفضل. تلك اللحظات التي قد تبدو بسيطة في نظر الآخرين، تحمل بالنسبة لها معاني كبيرة، فهي ترى فيها قوة طفلها وإرادته في التغلب على إعاقته.
الصفحة الثانية:
خارج المنزل، تتحمل الأم عبء العمل لتحقق حياة كريمة لطفلها. قد تكون مضطرة للعمل لساعات طويلة، وأحيانًا في أكثر من وظيفة، لتلبية احتياجاته الطبية والتعليمية. هي تعلم أن طفلها يحتاج إلى رعاية خاصة، وربما إلى جلسات علاجية متواصلة أو أدوات طبية معينة. ومع كل تعب تشعر به، تدرك أن كل جهد تقدمه ينعكس مباشرة على رفاهية طفلها.
تتحد الأم مع الزمن، فهي تسابق الوقت لتنهي مهامها اليومية. تعمل خارج البيت ثم تعود لتحمل على عاتقها مسؤوليات المنزل ورعاية طفلها. وفي كل لحظة، تشعر بأن حبها وواجبها تجاه طفلها المعاق يضفي عليها قوة لا يمكن لأي تعب أن يهزمها. إنها تتحلى بصبر لا ينفد، تتحدى الضغوط، وتسعى دائمًا لتكون السند لطفلها الذي يرى فيها العالم كله.
الصفحة الثالثة:
إلى جانب العمل الجسدي، تعيش الأم رحلة نفسية مليئة بالتحديات. قد تشعر بالعزلة في بعض الأحيان، حين تجد أن من حولها لا يفهمون تمامًا ما تمر به. قد تتجنب المناسبات الاجتماعية لأنها تشعر بأن طفلها لا يستطيع المشاركة فيها بنفس السهولة التي يستطيعها الأطفال الآخرون. لكن الأم تتغلب على هذا الشعور بالوحدة من خلال الإيمان بأنها تقدم الأفضل لطفلها. تظل تلك الأم قوية، متفائلة بأن طفلها، رغم إعاقته، قادر على أن يعيش حياة مليئة بالحب والسعادة.
الأم لا تعمل فقط من أجل توفير الاحتياجات الأساسية لطفلها المعاق، بل إنها تبحث دائمًا عن وسائل لتمكينه وإعطائه الفرصة ليكون مستقلاً. هي تسعى لتعليمه، تشجعه على تطوير مهاراته، وتتابع تقدمه في العلاج والتعليم. قد تشعر بالقلق أحيانًا حين تتساءل عن مستقبل طفلها، لكنها تدرك أن كل خطوة صغيرة تحققت اليوم ستكون بداية لمستقبل أفضل.
الصفحة الرابعة:
في الليل، وعندما يهدأ كل شيء، تجلس الأم بجانب طفلها، تنظر إليه وهو نائم. تتأمل وجهه الصغير وترى في ملامحه كل ما يجعل حياتها مليئة بالمعنى. قد تشعر بالتعب، وقد تتسرب الدموع من عينيها في لحظات الخلوة، لكن قلبها مفعم بالأمل. هي تعلم أن رحلة الحياة مع طفل معاق ليست سهلة، لكنها تؤمن أن حبها ودعمها يستطيعان تغيير مجرى الأمور.
لا تنحصر قصة هذه الأم في التضحيات الجسدية أو العمل الشاق، بل إنها قصة حب لا ينتهي، حب يجمع بين الأم وطفلها المعاق. هي رحلة تعلم وتحدٍ، تستمر فيها الأم في اكتشاف طرق جديدة لدعم طفلها، وفي نفس الوقت تكتشف قوتها الذاتية. هي تعرف أن الحياة قد تكون مليئة بالتحديات، لكن حبها لطفلها يجعلها تتخطى كل ما يمكن أن يقف في طريقها.
في النهاية، تبقى الأم رمزًا للتضحية والشجاعة، خاصة عندما تكون تعمل من أجل طفل معاق. هذه الأم لا تعطي فقط من جسدها ووقتها، بل تقدم كل ذرة من حبها وأملها، وكل ذلك لكي تمنح طفلها فرصة في حياة مليئة بالحب والكرامة. هي أم عظيمة، تستحق كل تقدير واحترام، لأنها تعلمنا معنى العطاء غير المشروط، والتفاني الذي لا يعرف حدودًا
لعضو هيئة القيادة في لجنة الادارة العامة للحزب الزميل محمد داوود شحادة.