حداثة و ديمقراطية

مفهوم المواطنة و الدولة الوطنية

يقوم مفهوم الدولة الوطنية الحديثة التي عرفها العالم وترسخت خلال القرون الثلاثة الأخيرة، على فكرة أن الدولة كيان ضروري لحياة البشر، وأنها تُبنى على أساس فكرة جوهرية هي أن “الدولة لكل مواطنيها” دون تمييز بينهم على أساس الدين أو العرق أو الجنس أو المستوى الاجتماعي أو المذهب أو أي تباين في أي من الصفات الاجتماعية والسياسية والثقافية.

بهذا المعني، قضت الدولة الوطنية الحديثة على العديد من الظواهر التي عاش فيها مجتمع الدول عشرات القرون، مثل التسليم بوجود طبقات بين مواطني الدولة وبعضهم البعض ترتب تمييزا في الحقوق والواجبات، مثل تمييز عنصر أو عرق على آخر وتعدد درجات المواطنة مثل ما شهدناه من ممارسات الدول الامبراطورية الاستعمارية، وكذلك مثل تسلط دول على إرادة ومقدرات دول أخرى.. وغير ذلك.

في الوقت نفسه تقوم العلاقة بين مكونات الدولة الوطنية على أساس “عقد مواطنة” يرتب حقوقاً للفرد في قيم المســاواة وتكافؤ الفرص والعدالة والأمن والحريات ويرتب أيضـاَ على فـرد واجبات تجاه الدولة وتجاه غيره من المواطنين.

وفي السنوات الأخيرة يتعرض جوهر مفهوم المواطنة بمعناه السابق للعديد من محاولات التشويه، لذلك كان من واجب هذه الدورية “دراسات في حقوق الإنسان” فتح هذا الملف، وإتاحة المجال لنخبة من ألمع المفكرين والمتخصصين في مجال علوم القانون والمجتمع والسياسة والثقافة، للإدلاء بمساهماتهم الفكرية الرفيعة لإعادة المفاهيم إلى أصولها الصحيحة، وإبراز حقيقة المواطنة في الفكر والقانون والممارسة، وما يقتضيه ذلك من مسئوليات على الدولة والفرد، مع شرح علمي مستفيض لواقع وتطبيق مبدأ المواطنة في مصر، سواء في نصوص القانون والدستور أو في أحكام المحاكم أو الواقع العملي في حياة الشعب بالإضافة إلى ذلك، تضمن هذا العدد من “دراسات في حقوق الإنسان” العديد من المساهمات العلمية الأخرى عن “حقوق المرأة في الدستور والتشريعات المصرية” وكذلك عن “معالجة الدراما المصرية في السينما والتليفزيون لمواجهة خطاب العنف والكراهية”، فضلاً عن الأبواب الأخرى في الدورية من متابعات وعروض كتب وندوات ومؤتمرات وتقارير وغيرها، آملين أن يلقى هذا العدد اهتمامكم كسابقيه..

لعبد المعطي أبو زيد 

دراسات في حقوق الإنسان ـ موقع حزب الحداثة

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
Translate