افتتاحية الحداثةالحزبعن الحزب

بمناسبة الذكرى الثالثة والعشرين لتأسيس حزب الحداثة والديمقراطية …بيان

تمر اليوم الذكرى الثالثة والعشرين لتأسيس حزب الحداثة والديمقراطية لسورية الذي تطور عن تنظيم طلابي بدأ نشاطه السري في جامعة حلب عام ١٩٩٦ في الذكرى الخمسين لاستقلال سورية عن المحتل الفرنسي …. تمر هذا الذكرى وحزب الحداثة لا يزال مثابرا ومواظبا على نحت مسارات فاعلية صعبة واستثنائية في سورية، مصرا على ان يكون أحد اهم الفواعل السياسية المنظمة التي تؤثر وتسهم في صناعة مستقبل البلاد. لقد قاوم الحزب ابان نشأته الاولى وفي مرحلة الجذور الطلابية ، بيئة الموات السياسي و حالة الاستنقاع و اليأس في الحقل العام الذي استحوذت عليه سلطة مستبدة قتلت كل شكل سياسي لم تنتجه ولا تتحكم فيه وجعلت  حزب البعث الذي رسمته حزبا قائدا للدولة و المجتمع ، اطارا واسعا للاستحواذ على الشأن العام و لقتل التجربة الحزبية في سورية ،ولم تنفك هذه السلطة تحاول وهي ممسكة بنواصي الوعي و الفعل العام أن تعيد هيكلة  الشخصية  السورية  و تبعدها  عن سمتها التاريخية  الاجمل بوصفها  مصدرا لا ينضب لإنتاج المناضلين السياسيين ، الى حيث تنتج افرادا لا يهمهم سوى خلاصهم الفردي ، لا يعرفون ما يعنيه العمل العام من اهمية وجودية للمجتمع و الدولة و الانسان ، ولم يكن تأسيس حزب الحداثة و الديمقراطية ،الذي لم يفتعل وجوده احد ،و لم يتكئ في سيرورة نضاله الطويلة  الا على ارادة رواده و شدة بأسهم و ايمانهم بأنفسهم و بالمجتمع السوري الذي احبوه وآمنوا بحقه في الرفاه و الحرية ..في الحداثة و الديمقراطية … لم يكن تأسيس الحزب الا ردا سوريا واعيا و استجابة موضوعية ، بل نتاجا حرا لحاجة المجتمع السوري الى خطاب سياسي جديد و قوى مناعة سورية لم تنل الازمة الوجودية التي صنعها النظام في البلاد ، منها .

وهكذا وفي سابقة تتجاوز اثار انقلاب العسكر البعثيين على الحياة الحزبية في سورية  اطلق  حزب الحداثة على سورية في أدبياته و منذ مرحلته الطلابية الاسم  الذي عرفت به و استقلت عليه عن الاستعمار الفرنسي (الجمهورية السورية ) بدلا من الجمهورية العربية السورية ،ليس انكارا لمكونها العربي الكبير وانما اعترافا بالهوية السورية المركبة و التعددية وانكارا لاستحواذ البعد الواحد على هويتها ، فسورية عربية و كردية و اشورية سريانية ..الخ سورية لكل مكوناتها ، تأخذ من هويتهم الحية هويتها ، و هكذا تصبح سورية وطنا يتحدد بتعريف انسانها لهويته في كليتها  الاثنية و الدينية و المذهبية و الاجتماعية ..سورية وطن السوريين جميعا على تعدد انتماءاتهم و قراءاتهم لذواتهم كلها (..)

لقد كان حزب الحداثة سباقا في رصد الازمة الوجودية التي تعاني منها سورية و حذر منذ بدايات تأسيسه الاولى في جامعة حلب و دمشق من ان سورية تعيش على لغم وجودي قد ينفجر في اي لحظة وان هذا اللغم انما يطال وجودها برمته و ان آثار انفجاره لن تكون محلية قط ، و هو ما حصل لاحقا ..ورغم ان الحزب بذل كل ما لديه من قراءات و ادوات قبل وأثناء وبعد اشتعال الثورة السورية عام ٢٠١١ الا ان قوى المعارضة السورية التاريخية  للنظام أعاقت تأثيره و حاولت تهميش حضوره ، كيف لا وهي التي تتقاطع مع النظام السوري في معظم ايديولوجيته النظرية والتي رغم اعلانها الانحياز للديمقراطية في معناها المنتصر بعد انهيار المعسكر الاشتراكي ، لم تستطع ان تمارسها في علاقاتها السياسة البينية ولم تنج قط من  تشويه الاستبداد لعلاقاتها بالسياسة ، إضافة الى انها حصرت ممارسة السياسة على تعبيراتها اللغوية دون ان تتمكن من بناء علاقة عمليةـ علمية مع الواقع ، علاقة تستطيع من خلالها فتح مسارات عمل وخلق ديناميات تأثير فيه ، الامر الذي انعكس لاحقا على الثورة و عقد مسارها و ادخلها في نفق صعب لم تزل تعيشه معظم مناطق البلاد

و من ثم و حين اشتعلت ثورة شمال شرق سورية من قبل قوى سياسية رائدة كان يرتبط بها حزب الحداثة  ايمانا و تفاعلا منذ مرحلة مبكرة ،ايدها و اعتبرها تنتمي بنيويا الى الثورة السورية التي اشتعلت عام ٢٠١١ وانها وجهها الآيل  للتحقق ،  فشارك في تأسيس مجلس سورية الديمقراطية و انضم الى  مؤسساتها و بلدياتها و مجالسها التشريعية و التنفيذية ،منخرطا  في الحراك السياسي الحاصل فيها بشكل علني من داخل سورية لأول مرة منذ تأسيسه ، ورغم ان ازمة الشخصية السورية عامة تطال السوري حيث يعيش و يتواجد وهو ما سبب الكثير من الاعاقات والانحسارات ، الا ان الحزب استطاع ان يتواجد في كل مدن الادارة الذاتية الكبرى والرئيسية وفي عديد من بلداتها مفتتحا مكاتب رسمية فيها ورغم عدم عقده مؤتمرا عاما بسبب لجوء الحزب الى طرق ثورية تنظيمية شرعها نظامه الداخلي بعد انعقاد مناسبتين لمؤتمرين حزبيين سابقين ،هذه الطرق التي تتناسب مع ازمة الشخصية السورية في علاقتها  مع قضية العمل و الالتزام بتنظيم حزبي و الفعالية فيه ، تمكن الحزب من بناء معظم مستوياته التنظيمية منتخبا معظم اعضاءها من بين الاكثر كفاءة و مصداقية و التزاما، بعد ان تسللت الى صفوفه شخصيات لا بوصلة لها الا مصالحها الضيقة المبتذلة و لا فرق لديها بين  حزب و اخر او ايديولوجية و أخرى ، و لو كانوا يعيشون في مناطق تهيمن عليها  داعش او هيئة تحرير الشام ،او حزب النظام لكانوا احد منتسبي هؤلاء يلونون جلودهم و شخصياتهم بحسب ما تتطلبها مصالحهم و تدفع اليها غرائزهم ..دون تردد

ان حزب الحداثة والديمقراطية الذي يهنئ اعضاءه و اصدقاءه و كل من يثق به وكل حداثي ديمقراطي سوري يعلن للسوريين و لكل من يهتم بأمر الحزب وي تابعه ، أنه لن يحتفل كالمعتاد بذكرى تأسيسه الثالث و العشرين ، كما لم يحتفل بعيد المرأة و عيد النوروز  ، و ذلك تضامنا مع أهل غزة الذين يتعرضون لحرب انتهكت كافة المواثيق الدولية قتلت الأطفال و المدنيين و لم تفرق بين مشفى و اكاديمية و جامع و كنيسة و بيت ، و يؤكد أنه رغم رفضه لاعتداء حماس في ٧ تشرين الأول ـ  أكتوبر ، على منطقة غلاف غزة في إسرائيل و ادانته لاستهداف المدنيين اثناء ذلك إلا أن الرد الإسرائيلي خرج منذ مراحله الأولى عن كونه دفاعا عن النفس و اصبح حربا انتقامية شاملة يقودها يمين مهووس و فاسد لا يختلف في سلوكه و جوهر حضوره في السياسة و المجتمع عن النظام السوري المستبد الذي قتل الالاف و شرد الملايين . ان تأييد حزب الحداثة للسلام بين إسرائيل و فلسطين و بينها و بين سورية انما يستند الى قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالصراع العربي الإسرائيلي و يعتبر أن قوى السلام في إسرائيل هي قوى ينبغي مد اليد لها و الثقة بها  لكن قوى اليمين  والقوى التي تؤمن بالحرب فيها  ولا تفرق بين مدني و عسكري ، بين مدرسة ومشفى و بيت و تمتنع عن تطبيق الشرعية الدولية و الانسحاب من حدود ١٩٦٧ و تعارض قيام دولة فلسطينية على هذه الأراضي ،هي قوى حليفة موضوعية للاستبداد و للقوى و الأطراف المتطرفة و الإرهابية ، ما ان يتقدم احدها حتى يتقدم الاخر و العكس بالعكس . وليس هناك أكثر سعادة ورضا من رأس الاستبداد في سورية عندما يرى سواه يقتلون كما قتل ويدمرون كما دمر، فتتطبع صورته وتخرج عن شذوذوها وفرادتها الاجرامية في المنطقة، تلك التي لازمته منذ تأسيس الاسدية في سورية وحتى الحرب الإسرائيلية الأخيرة.

إن حزب الحداثة والديمقراطية لسورية وإذ يؤكد لأعضائه ومؤيديه ولكل سوري، في ذكرى تأسيسه، أنه ماض من أجل تحقيق أهدافه، وهو أكثر ثقة بمشروعه وأكثر إصرارا على تحقيقه، يؤكد أنه يقف الى جانب الانسان وحقوقه في كل مكان وفي كل زمان، في صف ثقافة حقوق الانسان في السلم وفي الحرب وهو في الجهة المناهضة لكل من ينتهكها.

كل عام والحداثيين السوريين وسورية بألف خير.

حزب الحداثة والديمقراطية لسورية 

مجلس الإدارة السياسي 

الثالث من نيسان من عام ٢٠٢٤ 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
Translate