لقاءات وميديا

حوار الزميل رئيس الحزب على وكالة نورث برس الإخبارية حول موضوع شمال شرقي سوريا.. منطقة منكوبة وخيارات محدودة لوقف الاعتداءات التركية

تحولت شمال شرقي سوريا إلى منطقة منكوبة نتيجة دمار طال المعامل والمصانع ومحطات الكهرباء والمياه والنفط بسبب القصف التركي، بينما الخيارات أمام الإدارة الذاتية “محدودة” لوقف الاعتداءات التركية.

وفي الثالث والعشرين من الشهر الماضي، شنت تركيا عملية عسكرية، استهدفت شمالي سوريا بغارات جوية وقصف مدفعي، أسفر عن تضرر ودمار في مشافٍ ومراكز صحية، ومنشآت خدمية وحيوية.

وخلال ثلاثة أيام من القصف، بلغت حصيلة الاستهدافات التركية، بحسب ما سجله قسم الرصد والتوثيق في نورث برس، 121موقعاً بعدد ضربات 179 ضربة في شمال شرقي سوريا.

“منطقة منكوبة”

وبسبب الدمار والخراب الذي لحق بالبنية التحتية والمنشآت النفطية في المنطقة، باتت أقرب لـ”منطقة منكوبة”، بحسب مسؤولين في شمال شرقي سوريا. وهو ما أثار تساؤلاً حول خيارات الإدارة الذاتية لوقف الهجمات التركية؟

يرى خورشيد عليكا، وهو خبير اقتصادي، أنه على اعتبار أن سكان شمال شرقي سوريا، يعيشون تحت خط الفقر، نتيجة الجفاف الذي تعرضت له المنطقة خلال الأعوام الماضية، بالإضافة لعدم كفاية الرواتب التي يتقاضاها الموظفون، جاءت الاستهدافات التركية لتزيد الوضع سوءاً، باستهداف المنشآت الحيوية والخدمية، وبالتالي “باتت المنطقة منكوبة”.

ويضيف الخبير الاقتصادي، لنورث برس، أن إنتاج الغاز والنفط والكهرباء سيتراجع في المنطقة، وسترتفع أسعارها في السوق السوداء، ولن تتمكن الإدارة الذاتية من توفيرها للشعب بالمستوى المطلوب، وبالتالي سينعكس ذلك على حياة السكان”.

ويعدد “عليكا” التداعيات الاقتصادية للقصف التركي على المنطقة: “استمرار انقطاع الكهرباء النظامية عن معظم المدن والبلدات إلى صفر ساعة في اليوم، ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية وأسعار النقل لنقص المحروقات”.

ومن التداعيات أيضاً: “عدم تمكن عمال المياومة من العمل بشكل مستمر. توقف حركة البناء والعمران والإكساء إلى مستوى صفر. توقف عجلة الاستثمار في المنطقة وغياب نية المستثمرين في توسيع مشاريعهم الاقتصادية إلى الخارج”.

وينتج عن استمرار الاستهدافات التركية، “بيع المئات من العائلات عقاراتهم وأراضيهم والبحث عن طرق للهجرة إلى أوروبا. نية بعض من قام بشراء أراضٍ وعقارات في المنطقة، ممن يقيمون في الخارج، ببيعها مجدداً واستثمار أموالهم في الخارج. جمود في مؤسسات الإدارة الذاتية نتيجة الصدمة النفسية للموظفين والإداريين نتيجة فقدانهم لزملائهم في العمل وتدمير منشآتهم”، بحسب الخبير الاقتصادي.

ويرى أن تركيا تهدف من استهدافها للبنية التحتية، “أن لا تمكّن الإدارة الذاتية ومؤسساتها من استغلال الموارد المتاحة في تمويل موازنتها ومؤسساتها الخدمية وموظفيها لتظهر للعالم بأن الإدارة الذاتية فشلت في إدارة مناطقها”.

ويستدرك “عليكا” بالقول: “أنقرة تريد من شمال شرقي سوريا أن تكون خاضعة لسيادتها وتعمل تحت إمرتها كما هي مناطق المعارضة التابعة لها في الشمال الغربي من سوريا”.

خيارات الإدارة الذاتية

يقول أحمد الدرزي، وهو سياسي سوري، إن خيارات الإدارة الذاتية “محدودة جداً” في ظل دور تركيا الإقليمي وتواجدها في حلف الناتو وعلاقاتها مع روسيا، ليس أمامها سوى الدفاع في الوقت الحالي.

ويضيف في تصريح لنورث برس، أن “الشيء الوحيد الذي يمكن أن يوقف الهجمات التركية، هو تغير الوضع الإقليمي والدولي والوصول إلى تفاهمات، وفقاً لقواعد القوى وما يمتلكه كل طرف من أوراق. الأمر الذي يمكن أن يخضع تركيا لهذه الاتفاقات الجديدة وبالتالي وقف عملياتها بناءً على خارطة سياسية جديدة لسوريا”.

ويشير السياسي السوري إلى أن “عنصر القوة الوحيد” الذي يمكن أن يؤدي إلى تخفيف هذه الهجمات التركية والمشروع التركي هو “الإقرار بمسألة شرعية الدولة السورية بشكل عام ووجود القوات السورية على الحدود ورفع العلم السوري”.

ويضيف أن التفاهمات بين الإدارة الذاتية ودمشق يمكن أن توقف استمرار تركيا بهذه الهجمات، “ولكن مع الأسف كل المؤشرات حتى الآن تؤكد على استمرار الفوضى وعدم الاستقرار ليس فقط في شمال شرقي البلاد وإنما كل أنحاء سوريا، التي تخضع الآن لعامل الصراع الدولي والإقليمي المرتبط بأوكرانيا وبما يحصل في غزة”.

بينما يرى فراس قصاص وهو سياسي سوري، أنه “ليس أمام الإدارة الذاتية سوى توظيف الأبعاد الشعبية والإعلامية والدبلوماسية في محاولة كبح جماح الهجمات التركية وتسليط الضوء عليها وعلى الأجندة التي تستند إليها ودعوة المجتمع الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان لبذل ما يلزم في سبيل وضع حد للإجرام التركي الذي يريد تخريب تجربة الإدارة الذاتية وضرب حياة مكوناتها وتقويض الأسس اللازمة لنجاح الاجتماع السياسي فيها”.

ويضيف لنورث برس، أن الإدارة الذاتية لم تزل تستبعد اللجوء إلى خيارات التصعيد ضد تركيا، مكتفية بترك العنان للفعاليات السياسية والشعبية، للإعلام وللقنوات الدبلوماسية التي يمكن من خلالها التواصل مع قوى التحالف الغربي والدول الفاعلة في الملف السوري، من أجل الضغط على تركيا وإجبارها تحت وطأة القانون والمواثيق الدولية على إيقاف جرائمها والكف عن استهداف عوامل الحياة في المنطقة.

ويرى السياسي أن تركيا لن تتوقف على المدى المنظور عن استهداف الإدارة الذاتية حتى يحصل تغيير داخلي جوهري في البنية السياسة الخارجية لتركيا وهو ما يظل مستبعداً في الآونة الحالية.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
Translate