المرأة

المرأة و رذائل السياسة الذكورية

وهذا النمط من السياسة لا يقتصر على النظم الشمولية والسلطوية والنظم المسخ، بل تعانى منه أيضا وبين الحين والآخر الديمقراطيات المستقرة.

كما أن مضامين السياسة الذكورية غير قابلة للاختزال إلى التمييز ضد المرأة أو ممارسة القمع المادى أو المعنوى ضد النساء فى المساحات المجتمعية، بل تتجاوز ذلك بكثير وترتبط بها صفة الذكورية بطائفة من الرذائل التى تتشابه مع السلوكيات والممارسات الذكورية للرجال فى المجال الخاص ــ التورط فى العنف المنزلى ضد النساء، ماديا ومعنويا، واستغلالهن جنسيا وتقييد حريتهن وانعدام تكافؤ الفرص وظلمهن اقتصاديا واجتماعيا ــ وفى المجال العام ــ العنف الجنسى وانتهاك حقوق النساء وحرياتهن وضعف الأطر الدستورية والتشريعية الضامنة للحقوق وللحريات هذه وتهميش تمثيل النساء السياسى والمجتمعى.

فى السياسة، تتمثل الرذيلة الذكورية الأولى فى التعويل الأحادى على الأدوات الأمنية وتغييب جميع الأدوات الأخرى والانتقاص من الحقوق والحريات إما لمواجهة تحديات الإرهاب والعنف كما فعل الذكورى جورج بوش (الابن) فى أعقاب ١١ سبتمبر ٢٠٠١ أو للسيطرة القمعية على الدول والمجتمعات وإحكام قبضة النخب وحلفائها على الموارد الطبيعية ومقومات الثروة والنفوذ وإقصاء أغلبيات واضحة والتمييز ضدها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا على النحو الذى تدلل عليه مجمل الأوضاع العربية والمصرية الراهنة.

فى السياسة، تتمثل الرذيلة الذكورية الثانية فى تجاهل كون الدول والمجتمعات، وكما تدلل خبرات البشرية المعاصرة، لا تستقر أو تتقدم إلا بالعدل وسيادة القانون واحترام كرامة الإنسان التى تلزم بضمان حقوقه وحرياته ومن ثم يتصاعد تورط النخب فى الظلم والانتهاكات وعلى ذات المنوال يتراجع تماسك الدولة والسلم المجتمعى والعيش المشترك.

فى السياسة، تتمثل الرذيلة الذكورية الثالثة فى ادعاء احتكار الحقيقة المطلقة ورفض الاختلاف واضطهاد الرأى الآخر ومن ثم الامتناع الكامل عن ممارسة النقد الذاتى أو إعادة النظر فى السياسات والممارسات المتبعة بهدف التغيير والإصلاح، فالنخب الذكورية لا يأتيها الباطل من بين يديها أو من خلفها وهى على صواب دائم.

فى السياسة، تتمثل الرذيلة الذكورية الرابعة فى تصدر الأصوات المؤيدة للأدوات الأمنية ولإقصاء المعارضين وتهميش الرأى الآخر وتقييد مساحات حضوره لواجهة العمل العام والسياسى واحتدام التنافس فيما بينهم على الترويج للرأى الواحد دون اعتبار لا لقيم إنسانية ولا مصالح مجتمعية ولا للجوهر السياسى كنشاط بشرى يستهدف تحقيق الصالح العام.

لعمرو حمزاوي.

الشروق -موقع حزب الحداثة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
Translate