المرأة

المرأة أول من يدفع ثمن الحروب الأم والزوجة.

تعتبر المرأة دائما في حالات النـزاع، فئـة تتسم بضعف خاص أمام الأخطار، إلا أن المرأة برهنت في كثير من الأحيان وخاصة في مواجهة الحروب قدراتها المذهلة وبراعتها الملحوظة لمواجهة الصعاب، وعلى الرغم من ذلك المرأة أولى ضحايا الحروب والثورات والقلاقل الأمنية والاقتصادية والسياسية.

المرأة ضحية أمام الخطر

المرأة في كل الأحوال هي ضحية أمام الخطر الذي تواجهه في الحروب ولكن نساء كثيرات كان لهن دورا كمقاتلات وناشطات من أجل السلام في الحروب، هذا وبجانب الدور الكبير أيضا من خلال المهام والمسؤوليات الملقاة على كاهلهن لحماية عائلاتهن ومؤازرتها زمن الحرب.

وتظهر النساء اللائي يتأثرن بالنزاعات في جميع أنحاء العالم أنه بمقدورهن ليس التحلي بشجاعة وقوة كبيرتين فحسب، وإنما أيضا استخدام براعتهن وقدرتهن على مواجهة الصعاب إلى أقصى الحدود.

وثبتت المرأة ذلك في تأدية مهامها اليومية بصفتها ربات عائلات، ومصدر دخل الأسرة، ومسؤولات عن تقديم الرعاية داخل الأسرة، فضلا عن مشاركتهن مشاركة نشطة في حياة مجتمعاتهن المحلية.

وعلى الرغم من ذلك واجهت المرأة أزمات كثيرة ومشاكل في ظل الحروب، فكانت المرأة ضعيفة أمام الخطر وخاصة عوامل الضعف المرتبطة بالخصائص الجسدية كما هو حال النساء الحوامل أو النفاس أو أمهات صغار الأطفال.

وأيضا عوامل الضعف المرتبطة بعوامل اجتماعية، واقتصادية، وسياسية، وثقافية، أن حالة الضعف في الحروب تنجم عن ظروف عيش هشة يعرفها الأشخاص أو الأسر أو المجتمعات المحلية أمام تهديد يتخذ شكل تغيير مفاجئ في البيئة المحيطة، وخاصة معاناة المرأة الأرملة في ظل هذه الظروف.

فالمرأة في الحروب تواجه مشكلة كبيرة من ضعف العوامل الاجتماعية والاقتصادية، أي العمل أو الدخل، والحصول على التعليم والصحة، والسكن، والأدوار الاجتماعية والاقتصادية وتوزيعها داخل الأسرة، بجانب محو العلاقات والتبادل الاسري في ظل الحروب.

أما عن عوامل الضعف المرتبطة بالنزاع، تكمن طبيعة ضعف النساء، في كثير من الأحيان، في كيفية تطور النزاعات المسلحة حيث يجد السكان المدنيون أنفسهم مقحمين أكثر فأكثر في أتون القتال، وفي أن النساء هن غالباً اللواتي يحاولن الحفاظ على الأسرة وتأمين حاجاتها اليومية.

أزمات تواجهها في الحروب

ومن المحتمل أن تتعرض النساء بشكل خاص للاستبعاد الاجتماعي والفقر والمعاناة المترتبة على النزاع المسلح.

وإذا تركنا الحروب التقليدية جانبا، وانتقلنا إلى الحروب الأهلية والثورات ضد الطغاة، فإننا سنرى وضع المرأة البائس، فهي خاسرة في كل الأحوال، إن فقدت زوجها في الحرب فهي الأرملة التي خسرت عشيرها ومعيلها.

وإن فقدت ابنها فهي الثكلى التي ستعيش محروقة الفؤاد مدى حياتها حزنا على ابنها، وكذلك الأخت التي تفقد أخاها أو أباها.

لكن الخسارة الكبرى حينما تكون المرأة هي الضحية الفعلية للحرب، عندما تقع ضحية أعمال الخطف أو الاعتقال أو السبي، فهي أول ما تخسر ومثال على ذلك حرب استقلال البوسنة والهرسك واجهت المرأة العزاب بعد وفاة زوجها واطفالهم واستغلال النساء كما حصل الأمر ذاته في حرب استقلال كوسوفو، وحدث كذلك في بورما وأفريقيا الوسطى.

أما حديثأ، في سورية قدمت المرأة السورية أعظم التضحيات، إذ قدمت أولادها وزوجها وإخوتها شهداء فداء للحرية والكرامة، وتعرضت للاعتقال والتعذيب والاغتصاب من قبل الطغاة والمجرمين، في سابقة تاريخية لا مثيل لها.

وربما لسان حال الأم يقول: يموت الرجال فيستشهدون ويرحلون إلى الجنة، ولكنهم يتركون الحسرة عند الأم والزوجة والأخت، وترفع القبعات للمرأة، الرقيقة اللطيفة، القوية الجسورة، التي تحمل على كاهلها جنون هذا العالم.

إن النساء في سوريا تعرضن للاعتقال والاحتجاز التعسفيين، والأذى البدني، والتضييق، والتعذيب أثناء النزاع السوري، من جانب القوات النظامية، والمليشيات الموالية لها، والجماعات المسلحة المعارضة للحكومة.

معاناة السوريات والأوكرانيات

هذا وبجانب، مؤشرات ارتفاع نسبة عمالة النساء والفتيات في مناطق سيطرة النظام، مشاهدة فتيات لا يتجاوز عمر الواحدة منهن الثامنة عشرة يعملن نادلات في المقاهي، التي انتشرت خلال الحرب بشكل لافت في العاصمة دمشق، حيث يقمن بالترحيب بالزبائن ومرافقتهم إلى أن يختاروا طاولة يجلسون عليها، ومن ثم تلبية طلباتهم، والتردد عليهم بين الحين والآخر إلى أن ينهوا جلستهم، ثم قبض قيمة الفاتورة والبقشيش، ونتيجة لذلك ساهمت عمالة النساء في رفع نسبة الأنشطة التي تقوم بها المرأة السورية في ظل الحروب.

أما الحديث عن المرأة الأوكرانية بعضهن يختبئن مع أطفالهن في أقبية المشافي والملاجئ خوفا من القصف، بينما تضطر أخريات للجوء إلى الدول المجاورة، ومنهن من تحمل السلاح للدفاع عن بلدها، وهذا معاناة النساء الأوكرانيات خلال الغزو الروسي.

وبينما كانت القنابل الروسية تنهمر على كييف الأوكرانية، والجميع يحاول البحث عن أماكن للاختباء وهم مذعورين، كانت في ذلك الوقت سيدة أوكرانية بالغة من العمر 23 عاما، على وشك الولادة مختبئة في ملجأ بمحطة مترو بالمدينة ثم ولدت طفلتها ميا، ولم تكن الطفلة ميا الوحيدة التي ولدت خلال الهجوم الروسي على أوكرانيا.

فيما لا نشهد الا القباحة والموت واللامساواة التي يفرضها منطق القوة والعنف، ونحن نترقب بقلق مسار الحرب على أوكرانيا.

ولكن النساء في أوكرانيا معظمهن خارج لعبة الحرب بل يشكلن المشهد النقيض لها، الذي يشمل الملاجئ والنزوح والتصدي لمآسيها الإنسانية عبر الإغاثة وتضميد الجروح والدعم النفسي.

لذلك واجهت النساء أشكال متعددة من الظلم أثناء الحروب ومازالت تعاني في لبنان وسوريا وفلسطين وأوكرانيا وأفغانستان ، في كل الأحوال كل عيد عالمي للمرأة وانت طيبة وصامدة وقوية في تلك الازمات والحروب والمشاكل.

لميرنا رزق.

البلد-موقع حزب الحداثة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
Translate