أخبارمحلية

ماذا وراء الاشتباكات الأخيرة بريف دير الزور؟

منذ أيام وبعض مناطق ريف دير الزور الشرقي الشمالي والغربي في سوريا تشهد اشتباكات بين “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) وعناصر من “مجلس دير الزور العسكري” الذي يضم مقاتلين محليين يعملون تحت إشراف “قسد”.

هذه الاشتباكات جاءت بعد اعتقال “قسد” لقائد “مجلس دير الزور العسكري”، أحمد الخبيل، الملقب بـ “أبو خولة”، وعدد من الأعضاء الآخرين من المجلس بعد دعوتهم لحضور اجتماع مساء يوم الأحد، في مدينة الحسكة، وفق العديد من المصادر المحلية.

اشتباكات دير الزور

بحسب المصادر المحلية، فإنه بعد اعتقال أبو خولة، تواصلت قيادات في “مجلس دير الزور العسكري” مع قواتهم في مناطق ريف دير الزور الشمالي الشرقي، وطالبتهم بالسيطرة على كافة نقاط “قسد” واعتقال جميع قادتهم في تلك المواقع، ومن ثم دارت اشتباكات عنيفة في ريف دير الزور الشمالي الشرقي والغربي، والسيطرة على عدة نقاط تابعة لـ”قسد”، فضلا عن السيطرة على عدة قرى، ومنها بلدة العِزبة، ومنطقة معيزيلة ورويشد وعضمان.

غير أن قوات “قسد” نجحت في استعادة العِزبة ومناطق أخرى بحسب “المرصد السوري لحقوق الإنسان“، الذي أردف أن اشتباكات عنيفة اندلعت عند حاجز السرب الواقع بين الطيانة وذيبان، نتيجة هجوم مسلحينَ ملثمينَ على نقطة لـ”قسد” دون ورود معلومات عن خسائر بشرية.

كما تجددت الاشتباكات في كل من جديد عكيدات والربيضة بريف دير الزور الشرقي، لترتفع عدد نقاط الاشتباك إلى 3 مساء يوم الأربعاء. وكان المسلحون من “مجلس دير الزور العسكري” وأبناء بعض العشائر قد استهدفوا حاجزا عسكريا ومقرا للشرطة العسكرية التابعة لـ”قسد” في بلدة غرانيج شرقي دير الزور، بالأسلحة الرشاشة، فيما اشتبك عناصر الحاجز مع المسلحين.

طبقا للمرصد السوري، فقد ارتفع عدد ضحايا الاشتباكات منذ بدايتها في يوم الأحد الماضي، إلى 40، هم، 5 مدنيين، و20 من المسلحين العشائريين، ونحو 8 من عناصر “قسد”، و7 من مدنيين وأشخاص غير معروفين، وأصيب مالا يقل عن 15 جريح.

المرصد السوري أكد من جانب آخر أن عناصر من “مجلس دير الزور العسكري” لا يزالون يشنّون هجمات متفرقة تستهدف نقاط تفتيش تابعة لـ”قسد” في المنطقة، وهم يسيطرون حاليا على خمسة قرى فقط من أصل 300 قرية في دير الزور، مرجحا أن تنجح “قسد” في استعادة باقي القرى خلال الأيام المقبلة، وفق تقرير لقناة “الحرة”.في المقابل، أفادت “وكالة أنباء هاوار” المحلية، يوم الإثنين الماضي، بأن قوى الأمن الداخلي التابعة لـ”الإدارة الذاتية” لشمال وشرق سوريا فرضت حظر تجوال في الحسكة، في منطقتي الشدادي والهول.

وأضافت أن ذلك جاء تدبيرا وقائيا لدعم عملية تعزيز الأمن في الضفة الشرقية لنهر الفرات، التي أطلقتها “قسد” بالتعاون مع قوات التحالف الدولي.

بينما قال المرصد السوري آنذاك بأن سجناء من تنظيم “داعش” الإرهابي نفذوا عصيانا في سجن الصناعة “غويران” بمحافظة الحسكة مما دعا القوى الأمنية لإغلاق جميع الطرقات في أحياء المدينة. وأضاف المرصد أن أفرادا من قوات الأمن انتشروا في محيط السجن، وأن السلطات ناشدت الأهالي التزام منازلهم بالتزامن مع عمليات بحث عن خلايا للتنظيم في أحياء الحسكة.

وقال إن ذلك جاء بالتزامن مع وجود معلومات عن تنفيذ التنظيم عملية فرار تماثل العملية الكبرى التي جرت في مطلع العام الماضي، وسط أنباء عن هروب أو تهريب عناصر من السجن.

لماذا تم عزل أبو خولة؟

يوم الاربعاء، أصدر المركز الإعلامي لـ”قسد” بيانا حول حيثيات عزل أحمد الخبيل من منصبه، وأضاف ضمن البيان “بعد فترة من المتابعة، وبالنظر في العديد من التقارير وشكاوي الأهالي، وبناء على أمر اعتقال من النيابة العامة في شمال وشرق سوريا وذلك بسبب ارتكابه العديد من الجرائم والتجاوزات المتعلقة بتواصله والتنسيق مع جهات خارجية معادية للثورة، وارتكاب جرائم جنائية بحق الأهالي والاتجار بالمخدرات، وبسبب سوء إدارته للوضع الأمني ودوره السلبي في زيادة نشاط خلايا داعش”، في إشارة على ما يبدو إلى اتصالاته المزعومة مع الحكومة السورية في دمشق وحلفائها الإيرانيين والروس.

البيان نوّه إلى أن أبو خولة يستغل منصبه في مصالحه الخاصة والعائلية بما يخالف النظام الداخلي لـ”قسد”، وعلى إثره قرر المجلس العسكري في دير الزور وبموافقة المجلس العسكري لـ”قسد”، عزل أحمد الخبيل، أبو خولة، من مهامه في قيادة “مجلس دير الزور العسكري”، وإنهاء مهام أربعة أشخاص آخرين ضمن المجلس على علاقة مباشرة بتلك الجرائم والتجاوزات.

“مجلس دير الزور العسكري”، تابع لـ”قسد”، وفيه مجموعة من المقاتلين المحليين ويتولى المجلس أمن المناطق في دير الزور، التي سيطرت عليها “قسد” بعد دحر تنظيم “داعش” الإرهابي من المنطقة. ويرأس أبو خولة المجلس منذ عدة سنوات، لكن الكثير من الشبهات أُثيرت حوله خلال السنوات الماضية.

وفق مدير المرصد السوري، رامي عبد الرحمن، فإن أبو خولة وشقيقيه، وهم شركاؤه في القيادة، متّهمون باختطاف وقتل عدد من السكان المحليين وقيادات في “الجيش السوري الحر” في عام 2019، كما لديه ارتباطات مع شخصيات معروفة بقربها من طهران، ومنهم على سبيل المثال نواف البشير.

يوم الثلاثاء الماضي، أصدر المركز الإعلامي لـ”قسد” بيانا، أشار فيه إلى أن قوات “قسد” تتعامل بحزم مع عناصر مسلحة في العزبة بدير الزور، وأضاف في البيان المقتضب “تتعامل قوات عملية تعزيز الأمن والتي أطلقتها قواتنا لملاحقة خلايا داعش والعناصر الإجرامية في دير الزور بحزم مع أفعال إجرامية وأعمال القناصة وفرض الإغلاق على المؤسسات الخدمية الرسمية تقوم بها عناصر مطلوبة ومتورّطة في الاتجار بالمخدرات ومستفيدة من أعمال تهريب الأسلحة في بلدة العزبة بريف دير الزور الشمالي..”.

ماذا وراء هذه الاشتباكات؟

بحسب مصادر فإن قضية اعتقال أبو خولة جاءت نتيجة تجاوزاته وارتباطاته مع ميليشيات تابعة لإيران، إضافة إلى العلاقة الوثيقة التي تربطه بالحكومة السورية، وأن أبو خولة وشقيقه جلال الخبيل يربطهما علاقة وطيدة مع نواف راغب البشير، وهو أحد الأشخاص المقربين من طهران، وتحديدا أفراد من “الحرس الثوري” الإيراني.

المصادر ، التي فضّلت عدم الكشف عن هويتها، أردفت أن أبو خولة ومجموعته يعملون في عمليات تهريب النفط إلى مناطق سيطرة الميليشيات الإيرانية على الضفاف الغربية لنهر الفرات، وعمليات تهريب المخدرات إلى مناطق شرق الفرات، منذ سنوات، وقد جمعوا ثروات كبيرة من جراء ذلك، هذا بالإضافة إلى الأسلحة والذخائر التي بحوزتهم.

بعض المراقبين يرون أن بعد هذه التوترات في المنطقة، فإن الحكومة السورية ومن خلفها إيران وروسيا، بدأت تلعب على وتر حساس، وهو تحريض عشائر وقبائل شرقي الفرات ضد “قسد” ودفعهم للمطالبة بإخراج كل من “قسد” والتحالف الدولي من مناطق دير الزور.كما أن نواف البشير شيخ عشيرة “البكارة ” والتابع لأجندات طهران، يبدو أنه يستغل هذه الفرصة بغية كسب تعاطف العشائر العربية وتحريضهم ضد الأميركان في المنطقة، وهذا الأمر الذي لطالما تلعب عليه إيران في مناطق شرق الفرات، والمنطقة بشكل عام.

تدعيما لهذه الفرضية، نُشر مقطع فيديو لنواف البشير، زعيم ميليشيا “أسود العشائر”، في عدة مواقع محلية محلية، دعا فيه أبناء قبيلتي “البكارة والعكيدات” إلى الوقوف ضد “قسد” وقوات التحالف الدولي.

لكن وجهاء قبيلة “العكيدات” وعشائرها المسيطرة على مناطق شرق الفرات يبحثون عن حل، وهم بالتأكيد حريصون على عدم إهدار دماء شبابهم من أجل أشخاص آخرين أو تسليم مناطقهم إلى الحكومة السورية وإيران.

وهذا ما أكده شيخ مشايخ “العكيدات” الشيخ مصعب خليل جدعان الهفل، عبر بيان مسجل، دعا فيه شباب القبيلة إلى التهدئة وعدم الانجرار إلى الفتنة والفوضى وعدم سفك الدماء، مؤكدا أن العشائر لا علاقة لها بالخلاف بين “مجلس دير الزور العسكري” و”قسد”، مطالبا التحالف الدولي بالتدخل لحل الخلاف.

هذا وشهدت مناطق ريف دير الزور الشمالي الشرقي، الذي يسيطر عليه “مجلس دير الزور العسكري”، مواجهات مع قوات “قسد”، منتصف الشهر الحالي، بعد رفض المجلس المشاركة في عملية عسكرية ضد قوات الحكومة السورية غرب نهر الفرات، وسقط قتلى وجرحى من الجانبين، الأمر الذي دفع “قسد” لإرسال تعزيزات عسكرية من محافظتي الحسكة والرقة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
Translate