الإعلام السياسي.
لا يوجد في حقل الاعلام مثل هذا المصطلح، لكنه تعبير مجازي عن حالة بعض وسائل الاعلام المسيس الذي يعبر عن توجهات دولة ما أو حزب سياسي.
فقد برزت في كل من الساحة المحلية والعربية والدولية صحف ومجلات تعكس قناعات الاحزاب، واشتهرت هذه المجلات بالطرح السياسي المتمثل في سلسلة من المقالات والتحليلات التي لا تخلو من التوجيه للرأي العام، كما تفعل هذه المجلات في تناولها قضايا ساخنة في المجتمع كحقوق المرأة وعدم الاختلاط بالجامعة او الاستعانة بالشركات الاجنبية لاكتشاف حقول الشمال وغيرها من الموضوعات التي تثير جدلا سياسيا او اقتصاديا او فكريا.
وظهرت شبكات الانترنت مؤخرا في احتضان الطروحات والبيانات السياسية حتى غدت ميدانا رحبا وثريا للجماعات والاحزاب والتكتلات السياسية وموقعا صاخبا في الحوار والتهديد والتنديد وكشف الاسرار والفضائح، وذلك في منطقة بعيدة عن رقابة الحكومات، وخير مثال ما يبث في هذه المواقع من بيانات مصورة لاحداث العراق وما يجري فيها من خطف واغتيال للرهائن الاجانب وغيرها من الدول واعلان مواقف التيارات الفكرية بمختلف طوائفها عن قراراتها تجاه الاخرين.
ويجد المرء نفسه في حيرة وهو يقف وسط غابة مليئة بالمحطات الفضائية والاذاعات والصحف والمجلات ووكالات الانباء ليرى سيلا من الاستعراضات السياسية لكل الاتجاهات الاسلامية والليبرالية والثورية.وتسعى الدول من جهتها لبسط نفوذها على وسائل الاعلام الفعالة لتبني وجهة نظرها والدفاع عن مواقفها ايمانا منها بأهمية هذا السلاح الفتاك.
وفي اشارة لخطورة الاعلام الذي ازاح انظمة واسقط رؤساء الحكومات كما فعلت فضيحة ‘الووتر غيت’ التي فجرتها مجلة واشنطن بوست وادت لاستقالة الرئيس الاميركي ريتشارد نيكسون آنذاك وتجلت خطورة الاعلام المرئي في فضيحة سجن ‘ابو غريب’ في العراق والتي مازالت آثارها تتصاعد يوما بعد يوم وايضا الشاه الذي اسقطته ثورة ‘الكاسيت’.
من هنا تعمل الحكومات جاهدة وبدرجات متفاوتة على تحييد وسائل الاعلام او توجيهها لكتم اخبار واظهار اخرى او تكوين المواد الصحفية وفق رؤى ومواقف الدولة المانحة للمساعدة والهبات، وقد كشفت احداث العراق حجم الدعم المادي الذي كان يقدم لاحدى المحطات الفضائية نظير الدفاع عن النظام البائد، وقد ردت المحطة التحية بأحسن منها فاختارت لنفسها قاموسا سياسيا يتناغم مع ميول وتطلعات ‘رب العمل’ حيث تابعت صرخات الاستغاثة من جانب واحد للتأثير في الرأي العام وتأليب الشارع العربي لمساندة النظام المتهالك.
وخلاصة القول ان كلا من الاعلام العربي والغربي ليس بمنأى عن التأثر والتأثير السياسي، وهو سلعة قابلة للتداول والمثول لمن يدفع اكثر، واللافت للنظر ان صحف ومجلات بعض الدول تعاني من قيود وسدود في الدخل بينما الصحف التابعة للدولة ذاتها تسرح وتمرح في الخارج وتجاري الصحف العالمية في مساحة الحرية الامر الذي يؤكد قناعة الدول بامتلاك اسلحة دمار اعلامي شامل ورسم سياسات خاصة لهذا الاعلام في الاستخفاف احيانا بعقل المشاهد والمراهنة على ضحالة معلوماته السياسية والقدرة على التحكم فيه عن بعد يلقطة هنا وكلمة هناك وقديما قيل ان اول ضحية بالحرب هي ‘الحقيقة’!! ويبدو ان الاعلام السياسي هو صاحب هذه النظرية!
لنورة الزامل.
القبس-موقع حزب الحداثة.