حداثة و ديمقراطية

السياسة و التمويه.

في السياسة غالباً ما يقال أن التصور هو كل شيء فالساسة يريدون أن ينظر إليهم في أفضل ضوء ممكن وهذا يعني في بعض الأحيان إستخدام التكتيكات للتمويه على معتقداتهم أو نواياهم الحقيقية يعرف هذا الأمر بفن التمويه السياسي.

قد يتخذ التمويه السياسي أشكالا عديدة من إستخدام لغة مشفرة لتجنب الجدل إلى صياغة صورة تروق مجموعات مختلفة من جماهير الشعب بعناية، وأياً كانت الاستراتيجية فإن الهدف هو تقديم نسخة من الذات تكون مستساغة إلى أقصى حد بالنسبة للجمهور .

هناك العديد من الأسباب التي قد تدفع الساسة إلى إستخدام التمويه السياسي فهي من ناحية قد تساعدهم في تجنب نفور جماعات معينة من الجماهير في ظل المناخ السياسي المستقطب غالباً ما يكون من الصعب إرضاء الجميع لذلك قد يستخدم السياسيون التمويه لتجنب إتخاذ موقف حازم من القضايا الخلافية .

وهناك سبب آخر للتمويه السياسي يتلخص في مخاطبة التركيبة السكانية المختلفة على سبيل المثال قد يستخدم السياسي لغة أو صوراً مختلفة عندما يتحدث إلى الشباب مقارنة بما قد يستخدمه حين يتحدث إلى كبار السن ومن خلال تكييف رسالتهم بعناية يمكنهم أن يجعلوا أنفسهم أكثر جاذبية لمجموعة أوسع من الناس .

ومن الممكن أيضاً إستخدام التمويه السياسي لإخفاء النوايا الحقيقية لأي سياسي على سبيل المثال قال رشاد العليمي في اول خطاب له بعد تشكيل المجلس الرئاسي أن “المجلس الرئاسي مجلس سلام، لكنه أيضا مجلس دفاع وقوة ووحدة صف”، مشيرا إلى أن “وظيفته الأساسية الدفاع عن سيادة الوطن وحماية المواطنين”. دون أن يذكر اي تفاصيل عن كيفية الدفاع عن السيادة وحماية المواطنين فيما ترزح العاصمة اليمنية صنعاء تحت وطأة حكم مليشيا الحوثي الإنقلابية ويتعرض المواطنون هناك لجرائم جسيمة كذلك لم يتطرق للحديث عن القضية الجنوبية التي تعتبر ركيزة أساسية في الصراع في اليمن .

ويتضح من ذلك أنه من خلال جعل التفاصيل غامضة يمكن للسياسي تجنب المواجهة المباشرة مع الجماهير الذين قد يتأثرون سلباً بكلامه ..

وفي حين قد يكون التمويه السياسي إستراتيجية فعالة إلا أن له سلبياته أيضاً فهي من ناحية قد تؤدي إلى تآكل الثقة بين الساسة والجماهير وإذا ما نظر إلى أي سياسي باعتباره غير صادق أو مخادع فقد يخسر الدعم والمساندة من جماهيره .

كما أن التمويه السياسي قد يجعل من الصعب على الجمهور إتخاذ قرارات مستنيرة وإذا لم يكن أحد الساسة واضحا بشأن مواقفه أو نواياه، فقد يكون من الصعب على الجماهير أن تعرف ما إذا كانوا حقا صادقين معهم ومنحازين لقيمهم ..

وفي نهاية المطاف فإن فن التمويه السياسي هو عمل توازن دقيق ويتعين على الساسة أن يعملوا بحرص على صياغة رسالتهم بحيث تناشد جماعات مختلفة من الشعب من دون التضحية بنزاهتهم أو مصداقيتهم في حين يمكن أن تكون أداة مفيدة من المهم بالنسبة للسياسيين أن يكونوا شفافين و صادقين مع جماهيرهم من أجل بناء الثقة والحفاظ على الدعم على المدى الطويل…

لمحمد رشيد النعماني.

عدن الغد_موقع حزب الحداثة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
Translate