المشاركة السياسية للمراة والوصول الى موقع صنع القرار.
أن قضية تمكين المرأة سياسيا وتعزيز مشاركتها الفعالة في العمل السياسي مازالت منقوصة بشكل ملحوظ ولم تحضى باهتمام كبيرعلى أجندة الأحزاب السياسية الحكومية أو المعارضة بشكل عام في العالم وذلك بسبب الواقع الاجتماعي السائد ورسوخ النظرة الدونية للمرأة . تعتبر مشاركة المرأة في الحياة السياسية مؤشر ومقياس على تقدم وتحضر المجتمع, ومن اجل ضمان وتعزيز تواجد المرأة في العملية السياسية في المجتمع يجب تطوير مشاركة المرأة في الأحزاب والحركات السياسية والاجتماعية المختلفة, ومنظمات المجتمع المدني التي تهتم بمختلف قضايا المجتمع او تسعى الى فتح الطريق امام مشاركة المرأة السياسية وأبراز دورها، يضاف الى ذلك وجود قوانين معاصرة تقر بالحقوق الاساسية والمشروعة للمراة وضامنة لحرياتها ومساواتها.
المرأة وصنع القرار
تواجد المرأة في مواقع صنع القرار ظاهرة عالمية الان حيث إن نسبة تواجد النساء في البرلمانات العالمية تصل الى ما يقارب 15.2% من الأعضاء واكبر حصة هي في الدول الاسكندنافية حيث تصل إلى 39,7 أما في الولايات المتحدة فتصل إلى 17,6 وفي أسيا 15,4 ,أما في الدول العربية و الإسلامية فالعدد قليل جدا بسبب تردي وضع المرأة فيها وسعي الكثير من القوى الى تهميش دور المراة اذ تصل إلى 5,6 فقط !. أما بالنسبة للدول الأوربية فتصل نسبة مشاركة المرأة في البرلمان إلى 31 %, في مقدمة الدول الأوربية تأخذ فنلندا مكان الصدارة حيث وصلت النسبة فيها إلى 44% .
هنالك عوامل وأسباب كثيرة تعيق عملية مشاركة المرأة في العملية السياسة وعدم تواجدها بالحد المطلوب في مواقع صنع القرار ومنها :
– السياسة الرأسمالية في العالم التي تحتوي على قدر كبير من التمييز على أساس الجنس في كافة المجالات السياسية والاقتصادية, الاجتماعية….الخ
سيادة المفاهيم البالية أو المعادية لحقوق المرأة في المجتمع وعدم تقبل المجتمع لعمل المرأة.
-عدم وعي المرأة لأهمية مشاركتها في العمل السياسي.
-سيادة التسلط ألذكوري على ادارة الدولة وموؤسساتها و سوق العمل والاقتصاد حتى في الدول الأوربية الغربية أو الدول المتقدمة واحتكار المناصب العليا من قبل الرجال .
– توظيف النساء في أعمال خدماتية تقليدية وبالتالي تدني رواتب النساء وضعف موقعهن الوظيفي والاقتصادي والذي يعتبر من العوائق الكبيرة امام تمكين المرأة كي تصبح عنصرا هاما ومؤثرا في مؤسسات صنع القرار.
– تقسيم الأدوار التقليدية بين الرجل والمرأة في الأمور الاجتماعية والأسرية, حيث تتحمل المرأة دوما العبء الأكبر في تربية الأطفال ورعاية الأسرة.
– دور الصحافة ووسائل الاعلام المختلفة و خاصة الصحافة الالكترونية سريعة الانتشار المستندة الى الفكر الذكوري ، في ممارسة التشويه الفكري للمرأة وإبقائها أسيرة أفكار تساهم في الحط من قدراتها على المشاركة الفعالة في النشاطات العامة في المجتمع .
– قلة وجود منظمات نسويه ناشطة في الدفاع الحقيقي عن المرأة دون التبعية لأحزاب سياسية مناهضة لحقوق المرأة وخاصة في الدول العربية والإسلامية ودول العالم الثالث التي تكتفي بأيجاد لجان نسوية تهدف الى تمرير سياساتها وتسويق برامجها وكسب عناصر وكوادر نسائية.
– تصاعد الحركات الإسلامية الإرهابية المناهضة لحقوق المرأة على صعيد العالم, وبروز قوى الاسلام السياسي التي يشكل فرض التراجع على المراة وحرمانها من اي دور سياسي واجتماعي احد ابرز واهم مميزات برامجها السياسية وهذا بدوره يعتبر من العوائق الكبيرة امام مشاركة المرأة في العملية السياسية والوصول الى مواقع صنع القرار ,حيث تتعرض الكثير من الناشطات النسويات إلى التهديد والقتل وانتهاك حقوقهن او تقديمهن الى المحاكم في الدول العربية و الإسلامية .
– ارتفاع نسبة الأحزاب اليمينية في السلطة في الدول الغربية والأوربية ومن ثم تصاعد الحركات العنصرية ضد الأجانب بشكل عام وفرض واقعا بائسا على النساء .
– تفشي ظاهرة الفقر في كثير من دول العالم وحصول المرأة على حصة الأسد من الفقر العالمي وخاصة في القارة الإفريقية والأسيوية ,ومن ثم ظاهرة الاتجار بالنساء من تلك الدول الفقيرة إلى الدول الغنية و استعباد المرأة.
– ظاهرة تفشي الأمية وانخفاض المستوى التعليمي للنساء في كثير من الدول العربية ومناطق دول العالم الثالث يعرقل مساعي الارتقاء بنسب التمثيل السياسي للمرأة.
نبذة تاريخية مختصرة عن مشاركة المرأة في السلطة
لقد بدأت المطالبة بمنح حق التصويت للنساء في القرن التاسع عشر من قبل الحركات النسوية الأمريكية والبريطانية وخاصة بين الشريحة النسائية المتعلمة, وقبل ذلك بدأت الحركات النسوية بالمطالبة بقوانين وتشريعات تضمن حق الزواج وحق التملك في أواسط القرن التاسع عشر واستمرارها لأوائل القرن العشرين وسن التشريع التقدمي في الولايات المتحدة وقوانين الأمومة والعمل في أوربا الغربية.
تعتبر نيوزيلندا أول دولة سمحت للمرأة بالتصويت في العام 1893 .
الثورة البلشفية في روسيا 1917 كان لها الدور الكبير في الترويج وترسيخ مساواة المرأة حيث ألغيت سيطرة الكنيسة على الزواج وحققت المساواة الكاملة في الحقوق بين الرجال والنساء, وكانت ألكسندرا كولونتاي أول امرأة في العالم تشغل منصب وزير .
قامت الولايات المتحدة بتعديل الدستور لتسمح للمرأة بالتصويت عام 1920 وهي السنة التي تم فيها منح المرأة حق التصويت في عشرة دول اخرى.
أما بالنسبة للدول الأوربية فأنها قامت بمنح حق التصويت بعد الحرب العالمية الثانية بما فيها فرنسا و اليونان وايطاليا وسويسرا .دولة الإكوادور كانت أول بلد في الامريكا اللاتينية اعترفت بحقوق المرأة السياسية في العام (1929).
وفي المكسيك حصلت المرأة على حق التصويت في العام 1953.وفي أسيا ,منغوليا كانت أول بلد حصلت فيه المرأة على حق التصويت في عام 1923 , وفي اليابان و كوريا الجنوبية حصلت المرأة على حق التصويت عام 1945.ومن المعلوم إن التصويت بحد ذاته ليس الضمان الوحيد لحصول المرأة على حقوقها السياسية, حيث هنالك بلدان كثيرة تعطي حق التصويت ولكن المرأة بعيدة بأشواط كبيرة من حق الترشيح و تقلد المناصب و الوصول الى مواقع صنع القرار.
الحركات النسوية والتقدمية على صعيد العالم واصلت نضالها لزيادة التمثيل النسائي مما أدى إلى تدخل الأمم المتحدة للمشاركة في قضية المرأة حيث عقدت عام 1975 أول مؤتمر دولي حول حقوق المرأة ,ثم في السنوات 1980 ,1985 وعقدت الأمم المتحدة اكبر مؤتمر في عام 1995 وتناولت تقارير رسمية عن وضع المرأة والضغط على الحكومات بمعالجة المعوقات أمام مشاركة ووصول المرأة إلى المصادر السياسية والاقتصادية والتربوية , وتوازيا مع مؤتمر الأمم المتحدة شاركت حوالي 30 إلف امرأة في مؤتمر المنظمات غير الحكومية في بكين في نفس العام . لقد سميت فترة ما بين عام 1976-1985 بعقد المرأة, حيث أصبحت قضية المرأة تحتل مكانا بارزا في جدول أعمال الأمم المتحدة وركزت على إيجاد نظام اقتصادي وسياسي يحقق مشاركة اكبر للمرأة في العملية السياسية والمشاركة في عملية التنمية العالمية وتشجيع نزول المراة الى سوق العمل. ولكن مع هذه الطفرة في تزايد مشاركة المرأة في الأحزاب السياسية والمنظمات غير الحكومية والمدنية فأنهن ما زلن يمثلن نسبة ضئيلة في المراتب العليا والقيادية والتي تساعد في التأثيرعلى عملية سن القوانين والتشريعات في صالح المرأة ومساواتها في المجتمع .
تضاعف عدد النساء في برلمانات الدول الغربية ما بين عام 1975 إلى عام 1995 حيت وصلت النسبة من 7و4% إلى حوالي 11% , في الولايات المتحدة تصل نسبة أعضاء النساء في الكونغرس إلى 11,2 و هي ثلث النسبة في أقطار شمال أوربا . ومع تطور وتقدم الحركات النسائية انخفض عدد الأقطار التي لم تتقلد المرأة أي منصب في الوزارة من 93 دولة إلى 47 دولة. وعلى عكس تزايد نسبة المرأة في المناصب القيادية في العقد الماضي في أكثر بلدان العالم فأن تراجع النسبة في الدول الجديدة المستقلة عن الاتحاد السوفيتي والدول الأعضاء في الكتلة الشرقية كان مؤشرا سلبيا, حيث انخفضت نسبة التمثيل من 25-30% أيام الحزب الشيوعي إلى نسبة 8-18% اليوم. وفي الدول ذات (الأنظمة الشيوعية ! )مثل الصين وفيتنام وكوريا الشمالية ما زالت مشاركة النساء في المجالس التشريعية تصل إلى 20% فقط. وكما هو معلوم في الدول العربية والإسلامية نسبة تمثيل المرأة تعد على أصابع اليد ,أذ الى ألان ما زالت تناقش أمور السماح للمرأة قيادة السيارة مع محرم او بدونه !!!!! ,وتحرم المرأة من ممارسة حقوقها السياسية في التصويت و الترشيح وتمارس عليها ضغوطات كبيرة تحد من قدراتها ونحن نعيش في القرن الحادي والعشرين.
من اجل تعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية والوصول إلى مواقع صنع القرار يجب:
– تغيير وتطوير برامج الأحزاب السياسية بحيث تقر فيها المساواة بين الجنسين وممارسة التمييز الايجابي لصالح المرأة وتشجيع العنصر النسوي في تلك الأحزاب.
-العمل المشترك بين المنظمات النسوية والأحزاب اليسارية والديمقراطية والعمالية والمنظمات الحقوقية المدافعة عن المساواة الكاملة للمرأة لتطبيق الاتفاقيات الدولية بشان الحقوق السياسية للمرأة ومنها المادة (7) في الاتفاقية الدولية لإلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة لسنة (1979) على أن تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية .
تركيز المنظمات النسوية على زيادة وعي المرأة بأهمية المشاركة الفعالة في الحياة السياسية و النضال الدؤب للوصول إلى مواقع صنع القرار والتوعية الشاملة للمجتمع من اجل تقديم الدعم المعنوي للمرأة , وفرض تطبيق قوانين ودساتير مدنية ومتحضرة (خاصة في الدول العربية والإسلامية ).
– دعم النساء المرشحات لعضوية البرلمان او المجالس البلدية ماديا ومعنويا واعلاميا والعمل على تدريب النساء من اجل الحصول على المهارات الانتخابية والسياسية.
– التحرر الاقتصادي للمرأة له دور كبيرا في تعزيز دورها في المشاركة السياسية.
– استقلالية المنظمات النسوية من التبعية لأحزاب سياسية غير داعمة لتحرر المرأة .
– عدم انفصال قضية المرأة عن المجتمع بحيث انه أمر يخص المرأة فقط بل إصرار المنظمات النسوية والمنظمات الحقوقية والمدنية على دحض هذه الفكرة.
– المطالبة بتواجد وزارات خاصة بشؤون المرأة وقضايا المساواة تهتهم بكل ما يتعلق بشؤون المرأة في المجتمع.
– المطالبة بتوفير الدعم الكافي من قبل الحكومات لأيجاد مراكز أبحاث المساواة في المجتمع والارتقاء بوعي المرأة أجتماعيا وسياسيا وثقافيا .
الحوار المتمدن-موقع حزب الحداثة.