الحزبعن الحزب

في الذكرى الثانية عشر للثورة السورية … بيان حزب الحداثة والديمقراطية لسورية

تكمل الثورة السورية العظيمة في هذه الأيام عامها الثاني عشر، وقد تغير بعد ولادتها الواقع السوري تغيرا جذريا لا رجوع عنه، حتى غدا القول بأنها حركت التاريخ في سورية أمرا من الصعب الطعن فيه.

وكغيرها من الثورات الأهم في تاريخ البشرية و بسبب من عمقها و قدرتها الكاشفة ووجهها الشامل أخرجت هذه الثورة من الشخصية السورية كل ما تختزنه من سمات و خصائص ،من مكبوت و مسكوت عنه و لا مفكر فيه ، من انغلاق وشمولية ثقافية لم تقاومها أو تعدل منها الأنظمة السياسية المتلاحقة وآخرها /أهمها  الأسدية ، بل كرستها ودعمت بواعثها ،وارست للبيئة التي تسمح بإعادة إنتاجها ، حتى كان طبيعيا ومنطقيا أن تنشأ في مواجهتها قوى ثورة مضادة ، متعارضة شكلا ومباشرة مع النظام السياسي الذي اشتعلت الثورة ضده لكنها متحالفة جوهرا و موضوعيا معه .ليتأزم الحال السوري و يتعقد وتتوالد معضلاته وأكلافه و اوجاعه   ، كما أخرجت منها أجمل وأكثر السمات عمقا وحضورا اخاذا وفعالية خلاقة  ، كيف لا و السوريون يحوزون مثل كل شعوب العالم على قوى مناعة ذاتية ، قوى  وعت مبكرا و اعتادت على التضحية ،تسلحت  بالعقلانية و بإرادة تحقيق الحرية و مقاومة كافة أشكال التمييز و العسف و القهر ، فكان أن بادرت هذه القوى متسلحة بأهداف الحرية و الكرامة و مناهضة الاستبداد و النزوع إلى العدالة و المساواة إلى الشروع في بناء تجربة الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال و شرق سورية ، آخذة على عاتقها مناهضة كل الجهات التي تمثل الوجه المضاد للثورة ،أولا النظام الأسدي الذي بادرت إلى تفكيك هيمنته على مجتمع التجربة بأن بنت أطر مؤسساتية لإدارة المجتمع لذاته بذاته ، مؤسسات  تمثيلية و مؤسسات سياسية و مجالس بلديات و احياء  و منظومة قانون و قضاء و قوى حفظ  امن  و دفاع ذاتي مرسية اثناء ذلك لصيغ تعليم تعددية جديدة لا إقصاء فيها و لا تمييز ، معترفة بكل أشكال و تجسيدات صيغ التعدد الإثني و الديني و المذهبي و القبلي ،و قبل كل ذلك و بشكل حاسم وجذري عملت على تحطيم قيم و تعبيرات المجتمع الذكوري معيدة الاعتبار للمرأة ،عاملة على تمكينها و تحقيق مساواتها للرجل وإخراجها إلى الحياة العامة بشكل عادل و مكافئ و كريم. وقاتلت ثانيا القوى المتشددة التكفيرية والمتطرفة أو العميلة والرثة، بدءا بداعش التي ارادت ارجاع الوجود الفعلي للسوريين و للحضارة الكونية الى عوالم و حيثيات القرون الوسطى في ابشع اشكالها ظلامية فألحقت الهزيمة بها واقتلعت شأفة وجودها وبدأت تعمل على الضد من الثقافة التكفيرية التي حاولت ان ترسيها اثناء سيطرتها، كما واجهت القوى العميلة للمحتل التركي تلك التي تمزج بين العنصرية الاسدية وبين الاسلاموية المتطرفة الرثة والتي نسبت نفسها زيفا الى الثورة ، و لم تزل، دون ان تفتر لها عزيمة او تتخاذل و تتراجع . 

ولقد أكد رواد تجربة الإدارة الذاتية الديمقراطية  قولا و ممارسة، نظريا و عمليا، على أن سورية الواحدة كلها هي مساحة تجربتهم و أنهم مؤمنون بوحدة الأرض و الشعب لكن على قاعدة إمحاء التهميش وتحقيق العدالة بين المركز و الأطراف بين كافة المكونات الاثنية و الدينية و المذهبية  و عبر الديمقراطية في اوسع أشكالها تحققا و ممارسة في وطن تعددي ديمقراطي لا مركزي يصون و يحقق كل القيم و المبادئ التي نهضت عليها تطلعات السوريين عندما ثاروا في الخامس عشر من شهر آذار من عام ٢٠١١ على الأسدية و الاستبداد ، على الطغيان و العسف و التمييز و الإنكار القومي والتهميش و الهيمنة و المركزية التي حولت البلاد إلى مزرعة تمتلك مقدراتها وزمامها عائلة دون حسيب أو رقيب .

إن حزب الحداثة والديمقراطية الذي يهنئ السوريين بالذكرى الثانية عشر لاشتعال الثورة السورية العظيمة، يؤكد أن تجربة الإدارة الذاتية في شمال وشرق سورية رغم بعض المعيقات والأخطاء التي أفرزها الواقع المعقد لبيئتها وللوضع السوري، هي وجهها الآيل للتحقق. وان الانتصار الكامل لتلك الثورة وتحققها وتجسد نتائجها في الواقع المحلي والإقليمي والدولي هو أمر حتمي ومسألة وقت يتحدد بتوافر الظروف الدولية والمحلية لتطبيق قرار مجلس الامن ٢٢٥٤. وان الشعب إذا أراد الحياة يوما، لا بد ان يستجيب القدر، وانه رغم التضحيات المهوولة والاوجاع التي لم تزل تضرب في طول البلاد وعرضها ولم تفلت أي علامة من علامات الوجود السوري منها، فالقدر قد استجاب.

فكل عام والثورة السورية الى تحقق والسوريون الذين ضحوا وقدموا كل شيء من اجل ثورتهم الى حرية وكرامة ورفاه وديمقراطية.

حزب الحداثة و والديمقراطية لسورية

مجلس الإدارة السياسي 

في الخامس عشر من شهر اذار من عام ٢٠٢٣

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
Translate