الثقافة والحداثة في العالم العربي.
الثقافة : هي مجموعة من القيم المشتركة بين مجموعة من الناس تمتاز ثقافة الفرد بالمعرفة , أما بالنسبة للمجتمع ترتبط الثقافة بالمميزات الاجتماعية حيث تعتبر العادات والتقاليد جزء من ثقافة المجتمع , وكذلك الكتب والتاريخ والمسرح والسينما تدخل ضمن ثقافة المجتمع .
أما الثقافة السياسية فهي مجموعة من المعتقدات والقيم والعادات والتقاليد والأفكار التي تكون المجتمع سياسيا , وللثقافة السياسية دورفي غاية الخطورة ومهم للغاية في بناء وتشكيل وصناعة القرار السياسي .
يقول الدكتور احسان الهندي : الثقافة هي جملة معارف مكتسبة يتلقاها المرء منذ لحظة ولادته حتى لحظة وفاته , وكون الثقافة مكتسب لا يعني انها فردية أو شخصية بحتة , ويوجد في كل مجتمع درجة معينة من التراكم الثقافي على شكل عادات وتقاليد وقيم يمكن أن نطلق عليها اسم العقلية الاجتماعية .
الحداثة : لا تعني رفض التراث والقطيعة مع الماضي , بل تعني تحديث القديم وبشكل خاص في المجالات الثقافية والفكرية والسياسية في المجتمع , أي التعامل مع التراث على مستوى المعاصرة أي مواكبة النقد والتطور في العالم , والعمل على أن تكون الحداثة هي حداثة عربية .
إن العقلية المستقبلية التي يدعو اليها قسطنطين زريق في كتابه نحن والمستقبل متأصلة في العقلانية أي في الايمان بالعقل (العقل اليقظ والمتطور والفاعل رائدا وضابطا وحاكما) وهي تقوم على عدة اركان تأتي في طليعتها الموضوعية والواقعية والنهج العلمي والالتزام الخلقي
يكشف الجابري أن نقد العقل العربي هو القاعدة المعرفية لكل قراءة تريد لذاتها أن تكون علمية لتراثنا من جهة , وللنظر في الكيفية التي يعالج بها العقل العربي القضايا والمشاكل التي تواجهه وهذه عينة للدعوات العديدة للعقلانية .
يتهم البعض الثقافة العربية بأنها ثقافة شكل لا ثقافة مضمون , أو ثقافة تشدد على اللفظ لا على المعنى , يقول البرت حوراني في كتابة الفكر العربي في عصر النهضة (العرب أشد شعوب الأرض احساسهم بلغتهم) .
يبدو أن الثقافة العربية هي في حالة صراع وصيرورة , صراع بين قيم التعدية والقيم الحرة والسلفية والمستقبلية والابداع والانغلاق والانفتاح والعمودية والافقية والطاعة والتمرد , والثقافة السائدة هي التي تركز على القيم الفورية , وهناك ثقافة اصلاحات نستنتج أن القيم التقليدية هي الغالبة في ثقافتنا العربية .
يقول احسان عباس : إن الحفاظ على اللغة العربية الأم هو في مقدمة كل المظاهر التي تحفظ اصالة الثقافة القومية , لا لأنها لغة دين وحسب بل لأنها لغة جميع الناس في العالم العربي على المستوى الديني والثقافي والتعامل اليومي , إن اللغة التي وقفت عند المستوى الديني وحده أصبحت رموزا محنطة , واللغات التي وقفت عند حد التعامل اليومي كالهجات الدارجة عجزت عن دخول مجالات الفكر والفن الصحيح والمشاعر العميقة .
هناك تعريفات كثيرة ومتنوعة من حيث نوع المثقف وانواع الثقافات , وهناك صعوبة في تعريف المثقف , المثقف هو الذي يضع نظرة شاملة لتغيير المجتمع , يرى جان بول سارتر (المثقف انسان يتدخل ويدس انفه فيما لا يعنيه) والمثقف هو الذي يمتلك قدرا عاليا من الثقافة والنظرة الشمولية وقدرا واسعا من الالتزام الفكري والسياسي تجاه مجتمعه .
وهناك ظاهرة في العالم العربي عدم قدرة العديد من المثقفين من تحمل مسؤولياتهم في المجتمع الذي يعيشون فيه , ويبدو دور المثقف هامشي , وفي كتاب ادوارد سعيد (المثقف والسلطة) يذكر ضرورة تفادي تدجين المثقف والغاء دوره وفاعليته في المجتمع من قبل السلطة , وما اكثرهم في العالم العربي وبالتحديد في السنوات الأخيرة كانوا يتسابقون في تصريحاتهم بالدفاع عن الأنظمة الشمولية والفاسدة في تبرير كل ممارساتهم القمعية.
لحسين عوض.
الحوار المتمدن-موقع حزب الحداثة.