حداثة و ديمقراطية

المفهوم الصحيح للحل السياسي..

صحيحة هي العبارة التي تقول إن أصل المشكلات التي نعرف هي في الغالب سياسية.. التعليم مشكلته في سياسة التعليم وليست في المعلم أو التلميذ. الصحة مشكلتها في السياسة الصحية وليست في الأطباء أو الممرضين أو الوسائل. الفلاحة مشكلتها في السياسة الفلاحية وليست أبدا في الأرض أو الفلاح.. وهكذا بالنسبة إلى كافة القطاعات والدولة والمجتمع… عندما تُعَد سياسة عامة فاشلة أو غير ناجعة تُهدِر كل الإمكانيات وتُفقِد النّاس قدراتهم وتُعلِّمهم الكسل والاتكال وتَزرع فيهم روح اليأس وجميع الآفات المُهلِكة للإنسان والموارد والوقت… والعكس صحيح: السياسة العامة الناجحة تُصحِّح الخلل وتُعيد الأمور إلى نصابها وتُسهم في صنع التقدم وتُعيد الأمل للناس؟

فهل هذا ما تصبو إليه الدعوة إلى حل سياسي، التي ما فتئت تتكرر في كل مرة عند محاولة إيجاد حلول للمشكلات التي نعيش؟

يبدو لي أن هناك اتجاها خاطئا في بلادنا في هذه المسألة ينبغي أن يُرَاجع… الحل السياسي لا يعني البتة أن يلتقي فرقاء سياسيون، أحزابا وجمعيات و”شخصيات”، إلى طاولة نقاش ويُصدِروا بعد شهر أو شهرين أو أكثر أو أقل بيانا يُعلِنوا فيه وصولهم إلى أرضية مشتركة أو إلى مبادئ اتفاق عامة أو حتى إلى وفاق سياسي، ثم يفترقوا… مثل هذا المقاربة للحل تميل إلى أن تكون تسوية سياسية بين متخاصمين يحصل فيها كل طرف على جزء من مطالبه ومصالحه ويُعيد ترتيب أموره حسب آخر التطورات أكثر من أن تكون حلا سياسيا بالمفهوم الصحيح للحل السياسي.

المفهوم الصحيح للحل السياسي لا يمكن إلا أن يكونَ من صُنْعِ الخبراء أهل الكفاءة والقيم الوطنية، وإن كانوا من مشارب فكرية ومدارس مختلفة، هو نقاش على أعلى مستوى بين الكفاءات كل في ميدانه لرسم السياسات العامة المختلفة.. هو تمكين أهل الخبرة ممن تحلوا بالقيم الوطنية السامية من القيام بدورهم كما ينبغي، بعيدا عن كل توظيف سياسي من هذا أو ذاك، وعن كل محاولة لاستغلالهم مرة أخرى مثلما هي العادة تحت شعار الخبير في خدمة السياسي.

هذه المرة، ينبغي أن نعتمد سياسة تقول: على الخبراء أن يتحولوا هم إلى سياسيين أو على السياسيين أن يتحولوا إلى خبراء، وما دام الأمر الثاني مستحيلا لأغلب السياسيين، يبقى لنا الحل الأول كأمل وحيد..

ولا شك أن لدينا من الخبراء الوطنيين في مختلف المجالات والاختصاصات بالداخل والخارج، ما يُمكِّننا من تحقيق هذه الغاية السامية، فقط على السياسيين من غير أهل الخبرة أن يرفعوا أيديهم عنهم.. لقد عانت بلادننا كثيرا من أخطاء السياسيين غير الخبراء وينبغي أن يتوقف ذلك…

لمحمد سليم قلالة.

الشروق_موقع حزب الحداثة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
Translate