حظر وتجريم التعليم الديني.
يعتبر التعليم الديني، أي عملية الأدلجة والبرمجة والتثقيف الممنهجة، التي يتعرض لها الأطفال فيما تسمى بالدول العربية والإسلامية، ذا أهمية خاصة لهذه الحكومات، في سعيها الحثيث نحو عملية السيطرة والتحكم بالمجتمعات وضبط سلوكها السياسي وإخضاعها عقائدياً وفرملتها حضارياً ومنع أي عملية “خروج عن الجماعة”، والفكر الجمعي، ودائماً ما كانت هذه الوزرات من نصيب المتأسلمين، والبعثيين، والعروبيين، المنخرطين في عملية البرمجة والأدلجة العاملين على زرع قيم الاستتباع والعبودية وأسطرة البشر وعبادة الأفراد والطاعة العمياء التي يحملها الفكر الديني، وجذوره السياسية، أي أن الإسلام هو دين ودولة، بما بعنيه هذا من إقامة دولة وكيان ديني تكون مرجعيته الفقه الإسلامي وتحكم بالسيف و”الحدود” والحديد والنار والبسطار من خليفة الله الملهم المختار.
ومن هنا تجري عملية برمجة وأدلجة وغسل دماغ “مكبرتة” ومدروسة و”خبيثة” للأطفال الصغار واستلامهم منذ نعومة أظفارهم، والسطو عليها-أي العقول- ومن ثم جرجرتها للمؤسسات التعليمية الدينية التي يسيطر عليها البعثيون والإخوان والعروبيون والمستعربون في هذه المنظومة الكارثية، حيث يتم حشو تلك العقول الغضة البريئة بالترهات والخرافات والأضاليل والشعوذات والدجل والزعبرات وخزعبلات الصحراء، وحرف أنظارهم واهتماماتهم وصرف تفكيرهم عن مشاكل العصر والحياة والنهوض بمجتمعاتهم وكيفية التصدي لها ومعالجة الأزمات الحياتية اليومية ومحاربة الفساد والبطالة وسرقة الثروات ورد كل شيء، وكل “مصيبة” و”كارثة” و”بلوة” تتسبب بها هذه المنظومة التناحرية الفاشلة الساقطة والعاجزة إلى الكفر والشرك والإلحاد، وأن المتسببين بكل هذه الكوارث ومحارق الجوع والبؤس والذل والفقر هم “الصليبيون” و”الصهاينة” و”الإمبريالية” والصهيونية” والاستعمار، وبكل ما في ذلك من تزوير للحقائق، والتفاف على الوقائع، وتنمية نزعات وثقافة الكراهية والضغينة والأحقاد ضد شعوب ودول أخرى، فنجد من تخرج من هذه المؤسسات التعليمية وقد ارتدى حزاماً ناسفاً، فور تخرجه من هذه المؤسسات التعليمية، أو ركب سيارة وفجـّر نفسه وسط مجموعة من الكفار والمشركين، وفي حالات مستجدة، قام بدهس المارة في الشوارع العامة، بعد سرقة شاحنة كبيرة، ليتسبب بأكبر عملية موت لأبرياء.
لا يمكن السكوت و”التطنيش” عن التعمليم الديني، بسبب خطورته وضرره وأذاه، ناهيكم عن كونه يساهم في أكبر عملية استغباء وتجهيل للبشر وزرع المغالطات والأخطاء العلمية والكونية كيقينيات وحقائق مطلقة في أذهانهم كالقول بوجود سبع سماوات طباق يسكن في أحداها المشرف العام على شؤون الكون ومديره العام، وأن الشمس تمشي وتجري و”تتقزدر” بين الكواكب جيئة وذهاباً، وأن الأرض مسطحة، وغيره من المغالطات والتصورات التي نسفها العلم من جذورها، بما يعني صداماً مع كل ما هو قائم وحاصل من تقدم مجتمعي وإنجاز فكري وعقلي بشري بشري، أي خلق حالة عداء افتراضي ومسبق وتلقائي مع الإنسانية جمعاء، ولذا فحيث يحل هؤلاء تحل الصدامات والحروب الأهلية والمجتمعية وصعوبة التأقلم والتعايش والاندماج.
ومن هنا، يمكن اعتبار، والنظر لهذا النوع من الأدلجة والتعليم الديني كأكبر جريمة ومؤامرة وعدوان من الممكن ان تتعرض له الطفولة تحت وقع ونظر الأمم المتحدة والمنظومة الدولية، بالرغم من وجود منظمة اليونيسيف وهي منظمة دولية تعنى بحماية الأمومة والطفولة، وهو –أي التعليم الديني- وبالتوصيف العملي، والمحصلة النهائية، مصادرة لقرار الأطفال بالخيار الحر للفلسفة والتعليم واعتناق ولا اعتناق الأفكار، (هذا أيضاً انتهاك صارخ للميثاق العالمي لحقوق الإنسان)، وهو، بهذا المعنى- عملية غزو حقيقي ممنهج ومدروس وعن سابق قصد وإصرار، من قبل هذه المنظومات العربية والإسلامية الحاكمة المتخلفة المارقة والخارجة عن القانون الدولي، للسيطرة على تفكيرهم وترويضهم وتدجينهم وإخضاعهم، وهذه بالنهاية هي جريمة تطهير ثقافي وإبادة فكرية تصنـّف وتدرج بالقانون الدولي-أي التطهير الثقافية- كنمط من الفاشية تحت بند الجرائم ضد الإنسانية (التعريب أيضاً جريمة ضد الإنسانية باعتباره عملية تطهير يقافي وإلغاء وطمس لثقافات ولغات شعوب أخرى وهناك مقال منفصل بهذا الخصوص سينشر تباعاًً).
في اليابان، والكثير من الدول المتقدمة، كالنرويج، وفنلندا، وسويسرا، يـُمنع، ويحظـّر أي شكل من الخطاب والتعليم والتثقيف والترويج والأدلجة والتطبيل والتزمير العقائدي والديني ويترك الخيار الحر للطفل حينما يكبر في اختيار ما يراه، وذلك إدراكاً لمخاطر وعقابيل التعليم الديني وضررها المجتمعي، واستـُعيض عنه بمادة تسمى الأخلاق، يتم فيها غرس قيم المحبة والتكافل والتعاون والعمل والإنتاج والإبداع والتسامح والتعايش والاندماج والعدالة والمساواة، بدل قيم التطرف والتعصب والكراهية والعنصرية ونزعات التفوق والثارات والإرهاب والأحقاد الجارية ها هنا على قدم وساق…
هل عرفتم الآن ما هي حقيقة وطبيعة ومصدر المؤامرات الكونية التي تتعرض لها هذه الشعوب والمجتمعات؟
لنضال نعيسة.
الحوار المتمدن-موقع حزب الحداثة.