حداثة و ديمقراطية

أخلاق الاختلاف السياسي.

لا ديموقراطية من دون ديموقراطيين، ولا ديموقراطية من دون ثقافة الحوار.. هذه من بديهيات الفكر السياسي المعاصر. والحوار لا يكون إلا بين طرفين أو أكثر، مختلفين ومتعارضين. إذاً، ثقافة الاختلاف هي أحد أهم أسس الحياة الديموقراطية.
الاختلاف والحوار من أهم الأدوات التي تحرر الإنسان من الانغلاق والانعزالية، وهو الطريق الوحيد لبناء تفكير جماعي حقيقي يقود المجتمعات إلى مزيد من الحرية، ويقود الأوطان إلى مزيد من الديموقراطية والازدهار.
نعم، قد نختلف على أمور كثيرة، ونختلف على السبل والآليات الكفيلة بحل المشكلات والأزمات العامة، لكننا بالضرورة نتفق على مصالحنا الوطنية، وعلى سعينا جميعا للعمل من أجل تطور بلداننا العربية. لذلك، من أخلاق الاختلاف السياسي أن يستوعب أحدنا الآخر ويعذره، وأن يسعى ليحقق أهدافه وأهداف من يختلف معه بما يتوافق مع مبادئه ورؤيته الوطنية.
من أولويات الممارسة السياسية والبرلمانية في الدول الديموقراطية العمل على تكريس الحريات العامة وتوسيعها، وما يقتضيه ذلك من الدفاع عن الدستور وعن تطبيقه الصحيح، ومن هذه الأولوية تأتي مهام الرقابة البرلمانية والتشريع في كل الدول الديموقراطية. وكل محاولة لتقييد هذه الحريات، من خلال الاستخدام الأعوج للدستور وإصدار قوانين تحدّ من حرية التعبير وتعيق تشكيل الرأي العام على أسس صحيحة ـــــ مثل قانون الإعلام الإلكتروني السيّئ السمعة ـــــ هي محاولة يائسة، وانحراف ديموقراطي، ولا تندرج ضمن المهام الديموقراطية الأساسية لأي برلمان.
فالاختلاف السياسي ميزة عظيمة وليست نقيصة، فهو أهم آليات التفكير الجماعي واتخاذ القرارات الوطنية الصائبة، وهو بالتأكيد ليس سبب دمار للدول، كما يحاول أن يصوّره البعض، بل سبب قوتها وتميّزها وتفرّدها، وهو ما حماها في أحلك الظروف والمحن.
إن سبب دمار الأوطان هو الفساد وليس الاختلاف، فالفاسد يضحي بمصلحة الوطن من أجل مصالح شخصية ضيقة، أما من يختلف معك سياسياً فهو يفتح باباً لنقاش أعمق من أجل مستقبل أفضل لبلاده، ومن هنا تنبع أخلاقيات الاختلاف وأهمية احترام الرأي الآخر.

لد.حمد محمد المطر.

القبس-موقع حزب الحداثة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
Translate