لقاءات وميديا

حوار الزميل رئيس الحزب مع وكالة هاوار

اجرى الزميل فراس قصاص رذيس حزب الحداثة حوارا مع وكالة هاوار للانباء هذا نصه :

“مصالح القوى تعلو على المبادئ

تزايد حدة المؤامرات على شعوب المنطقة، وخاصة الشعب الكردي والإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا بهدف الهيمنة على المنطقة وثرواتها وكسر إرادة شعبها.

وخلال هذه الفترة، كثفت دولة الاحتلال التركي من محاولاتها تصفية الكرد سياسياً وجغرافياً، حيث سعت إلى استغلال حاجة القوى العالمية لها في تحقيق ذلك.

وراوحت المساعي التركية بين ابتزاز هذه القوى الدولية تارة، ومقايضاتها تارة أخرى بهدف أخذ الضوء الأخضر من أجل شن عدوان جديد على الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.

وتبيّن ذلك من خلال اجتماع مدريد الذي قايضت من خلاله، دولة الاحتلال التركي الدول الغربية على السماح لكل من فنلندا والسويد بالدخول إلى حلف الناتو مقابل الاتفاق على معاداة الكرد وملاحقة ناشطين كرد في هاتين الدولتين.

المرحلة الثانية كانت خلال اجتماع طهران الذي ناقش الأزمة السورية وجمع كل من قادة روسيا وإيران ودولة الاحتلال التركي والذي سعت من خلاله الأخيرة إلى أخذ الضوء الأخضر لشن عدوان جديد على شمال وشرق سوريا، إلا أنه وعلى ما يبدو بأن ذلك لم يحصل؛ بسبب تعارض المصالح بين هذه الدول. لكن وكالعادة استمرت الاتهامات وإن كان بشكل غير مباشر للكرد بـ “الانفصال”.

اختلاف في الدوافع والرهانات واتفاق على الهيمنة 

وحول اجتماع طهران، تحدث المعارض السوري ورئيس حزب الحداثة والديمقراطية لسوريا، فراس قصاص، لوكالتنا، قائلاً: “لكل من تركيا وإيران وروسيا دوافع مختلفة، لتعادي تجربة الإدارة الذاتية الديمقراطية، وفي القلب منها روادها الكرد، فإن كانت رغبة إيران إنهاء الحدث السوري لمصلحة النظام بشكل تام ومنع التجربة من نقل سقوفها ومفاهيمها وربما الخوف من ديناميات محتملة لها في كردستان الشرقية هي من تجعل الإيرانيين يعادون قوى الإدارة الذاتية ويقفون إلى جانب تركيا وروسيا، فإن دوافع الأخيرة تصب في توظيف ورقة شمال وشرق سوريا في إنهائها للحدث السوري، وفقاً للشاكلة التي تصب في مسار محاولتها لتشكيل النظام الدولي بما يعيدها قطباً دولياً في مواجهة الولايات المتحدة”.

وأوضح “لا تحمل روسيا الاتحادية موقفاً جوهرياً وذو طبيعة أيديولوجية يعادي قضية الكرد ولا نظرية الإدارة الذاتية ولا حتى المنطق الفيدرالي، الموضوع متعلق بصياغة هيمنة على الوضع السوري بما يحوله إلى ورقة دولية يمكن مبادلتها أثناء الصراع الجيوستراتيجي مع الغرب، وفي موضوع الناتو وأوكرانيا وقضايا الأمن القومي الروسي وموقعها من النظام الدولي”.

وأضاف قصاص “المسألة في تركيا مختلفة، هي ذات طبيعة أيديولوجية بنيوية راسخة في قطاع واسع من الطبقة السياسية التركية عموماً، وفي حكومة العدالة والتنمية خصوصاً، وما يضيف ويعقد هذه الطبيعة هو توظيفها في سياق الديمقراطية المشوهة والعرجاء بل الصندوقراطية التركية”.

وتابع في هذا السياق “إذا كان أردوغان ومعه العدالة والتنمية يطوون أثناء بناء موقفهم السياسي من الإدارة الذاتية ومن الكرد ما يصب في امتلاكهم نوستالجيا عثمانية مجدولة بموقف استعلائي عنصري، فإن حرصه على بقائه في السلطة واستمالته لموقف طوراني منتشر على نطاق واسع في تركيا للإفادة منه في الانتخابات القادمة، وأحالته إلى الفشل الاقتصادي الداخلي المتمثل بنسب تضخم غير مسبوقة وانهيار الليرة التركية واتساع طبقة الفقر ومعدلات البطالة، إحالة كل ذلك وتغطيته بإعلان حرب على مناطق الإدارة واستعدائها هو ما يعقد الطابع الأيديولوجي البنيوي ويجعل تركيا رأس حربة يستهدف تجربة الإدارة ويستهدف نواتها الفاعلة التي بلورها وجسّدها المكون الكردي”.

وأردف قصاص “نعم تختلف الدوافع والرهانات لدى الدول الثلاث لمعاداة شمال وشرق سوريا لكنها تتفق وتراهن جميعاً على إرادة الهيمنة التي تحرك كل منها، وذلك تماماً هو ما يجعلها تتآمر على تجربة الإدارة الذاتية والكرد في صلبها”.

المصالح تعلو على المبادئ

وعلى الرغم من الخلافات فيما بين ثلاثي أستانا (روسيا – تركيا – إيران) ودعم الاحتلال التركي للمرتزقة ضد كل من روسيا وإيران في سوريا وليبيا وأذربيجان، وحديث هاتين الدولتين عن دعم أنقرة لداعش والقاعدة، إلا أن المصالح تدفعهم للتوافق.

وقال رئيس حزب الحداثة والديمقراطية في هذا السياق: “ينتقدون تركيا وهم شركاؤها في عملية الهيمنة على الوضع السوري بل وفي تطلعاتها التوسعية وعدم رضاها عن وضعها الإقليمي والدولي. لا أبالغ إن قلت إن الدول الثلاث ترى في ذاتها قوى إمبراطورية وذات ماضٍ إمبراطوري يجب أن يستمر ويترجم في الحاضر وفي المستقبل”.

وأضاف “كيف ينتقدونها وهي قبل ذلك دولة ترتبط بعلاقات وتتقاطع معهما في مواقف وتجتمع معها على مصالح، ومن الصعوبة بمكان أن يعلو مستوى المبادئ في صناعة السياسات على مستوى المصالح، هذا إن كانت هناك ثمة مبادئ حاسمة لدى كل من إيران وروسيا تجعلهما تبتعدان وتتخذان مسافة من السياسة التركية بخصوص منطقتنا، وهو أقل من انتقادها وانتقاد إرهابها وتوظيفها لإرهاب داعش ضد تجربتنا، ناهيك عن أن قادة الدول الثلاث متشابهون من حيث التركيبة النفسية والشخصية، ومن حيث إشكالية علاقة كل منهم مع الديمقراطية”.  

وأوضح “بالتأكيد لن نتوقع اتخاذ كل من إيران وروسيا الاتحادية موقفاً مبدئياً من تركيا إذا لم تصبحا على النقيض من مصالحها وغير قابلتين لتبادل الملفات والمصالح ولمساحات الهيمنة معها في الملف السوري وفي سواه. هذا للأسف أمر مستبعد للغاية إن لم يكن متعذراً تماماً”.

حل القضية الكردية هي مدخل لحل قضايا الشرق الأوسط

ويرى مراقبون وخبراء أن أزمات الشرق الأوسط واستمرار تدخل القوى المهيمنة لن ينتهي إلا إذا تم تحقيق التحول الديمقراطي وحل القضية الكردية في الشرق الأوسط.

ويرى قصاص أنه “لا يمكن حل قضايا الشرق الأوسط ولا يمكن أن تنعم شعوب هذه المنطقة من العالم دون أن تحل القضية الكردية بشكل عادل وديمقراطي ويلبي سقف إرادة الكردي ويشبع روحه النهمة إلى الحرية، ويضعه على قدم المساواة مع سواه من شعوب المنطقة، من حيث حقه في تقرير مصيره واحترام إرادته ونمط إدارته لشؤونه التي يختارها”. 

واعتبر المعارض السوري أن “الحل العادل لقضية الكرد في منطقة الشرق الأوسط هو المدخل الأهم والشرط الرئيس الذي سيتيح مع توافر حلول لقضايا أخرى كالأمن والسلام وتحقيق منسوب تنمية عال وتأثير وفعالية للمنطقة في قضايا العالم والحضارة الإنسانية”.

وأضاف “من يرفض ويقف ضد إرادة الشعب الكردي لا يعمل في الحقيقة لمصلحة من يقول إنه يمثلهم، سواء من العرب أو الإيرانيين أو الأتراك، كل هؤلاء القادة الذين يرفضون إقرار حل للقضية الكردية يتوافق وما يريده الكردي لنفسه، يعملون في الواقع ضد مصالح شعوبهم ولا يعكسون إرادتها بل يعاكسونها”.

وتابع “الشعوب العربية والتركية والإيرانية لولا التحكم السلطوي والتشويه الأيديولوجي والإكراه والقمع الذي يتعرضون له على نحو مباشر وغير مباشر، جميعهم  مع حقوق الكرد ومع المساواة والتفاعل الغني معهم، لا تملك الشعوب روحاً عنصرية بطبيعتها، بل تصنع العنصرية وتضخ ويجري حقنها كالسم من قبل الأنظمة، تصنع بالتعليم التمييزي وبالإعلام والفن اللذان يجبران على نقل وتسريب قيم مزيفة وبالقوانين والسياسات العنصرية وخلق فصل مصالحي بين هذي الشعوب وبين الكرد بالاستخدامات الشعبوية للخطابات السياسية التي تريد فقط الحفاظ على الطغيانية والاستبدادية التي تميز أنظمة دول الشرق الأوسط التي تحارب الكرد”.

واختم المعارض السوري ورئيس حزب الحداثة والديمقراطية لسوريا، فراس قصاص، حديثه، قائلاً “لا حل بالتأكيد ولا ديمقراطية وعدالة وتنمية ورفاه في منطقة الشرق الأوسط دون حل القضية الكردية حلاً عادلاً يستجيب لتطلعات الكردي ويحقق أهدافه، وكل ما عدا ذلك لن يقود إلا للخراب والفوات عن ركب الحضارة والحياة والوقوع في دورة إنتاج الفشل والحرب والمآسي التي لن يخسر منها إلا إنسان الشرق الأوسط بعربه وكرده وتركه وفرسه وآشوريه وسريانه وكل مكوناته”.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
Translate