اصلاح ديني

من الأسلمة إلى التدين..كيف نفهم الحالة الدينية(٢).

كان صراع السلطات مع الجماعات الدينية المعارضة فقط لأجل استعادة الدين وليس لأجل الاعتدال أو الصواب الديني

يبدو الدين مرشحاً ليأخذ موقعاً جديداً ومختلفاً في عالم العربوالمسلمين، ما يدعو إلى هذا التقدير هو حالتان جديدتان على الأقل تتشكلان؛ أولاهما مراجعة الحالة الدينية الجارية اليوم، والثانية صعود الفردية في ظلّ الشبكية التي تعيد صياغة علاقات القوة والتأثير والتنظيم في الدول والمجتمعات، وفي ذلك فإنّ في مقدور الفرد اليوم أن يتدين بلا حاجة إلى مؤسسة دينية أو سلطة سياسية. وسواء تزايد أو تراجع تأثير الدين ووجوده في حياة الناس وتصوراتهم والحقائق الأساسية المحيطة بالكون والحياة فإنّه يتخذ أوضاعاً جديدة ومعاني جديدة أيضاً؛ فالنص الديني يقرأ في سياق العلاقة به، ويفهم ويتشكل كما يقرأ، وفي استيعاب الإنسان لشبكة الدلالات التي صنعها بنفسه ويجد نفسه جزءاً منها، فإنّه ينشئ نظامه الثقافي ورؤيته لحياته وعالمه الخاص.

صحيح أنّ هناك فرقاً بين الدين والثقافة؛ فالمتدين يرى الدين رسالة من الإله لترشده في حياته وبعد مماته، لكن لا مناص من فهم هذه الرسالة وملاحظتها في ظل الثقافة والتجارب الإنسانية المتشكلة، وليس ذلك لإثبات صواب الدين أو خطئه، حتى وإن كان الدين في حالته الأصلية النقية أكبر من قدرات الإنسان وكانت الثقافة من صنع الإنسان، لكن لا مفر من فهم الدين ودراسته بالأدوات الإنسانية، العلم واللغة والتجربة والحضارة، وأن يؤمن الإنسان، فرداً أو جماعات، بالدين على النحو الذي تعبر عنه النصوص الدينية؛ لا يغير أيضاً من حقيقة أنّ الثقافة والدين هما من مظاهر حياة الإنسان (غير الدينية)، وعلى الرغم من أنّ هذه المقولة صارت بديهية في عالم الغرب، وتكونت في ذلك معرفة واسعة ومكتبة هائلة من الكتب والدراسات والأفلام والمسرحيات والروايات والقصص والفنون،.. فما تزال في عالم العرب فكرة خيالية متطرفة!

لابراهيم غرايبة.

حفريات-موقع حزب الحداثة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
Translate