اصلاح ديني

أسس بناء المقررات الدراسية..كيف نصنع منهاجا؟(١)

تتعدّد أسس بناء المنهاج؛ بين سيكولوجية ومعرفية واجتماعية، والمناهج عادة تبنى على هذه المعايير والأسس؛ فالمعيار السيكولوجي؛ يعني بناء المناهج وفق حاجات نموّ المتعلم وتوفير متطلبات هذا النموّ، سواء كنا نتحدث عن حاجات فيزيولوجية ترتبط بنمو دماغ المتعلم، أو حاجات نفسية ترتبط بتوفير متطلبات الحاجة إلى الأمن وإثبات الذات، والحصول على التقدير والاحترام.

تهتمّ هذه المقالة بالأسس المعرفية والاجتماعية للمناهج؛ فالأساس المعرفي يتعلق باختيار المواد الدراسية الملائمة، سواء للطالب أو المجتمع، والأساس الاجتماعي يتعلق في حاجات المجتمع بالدرجة الأولى.
الأساس المعرفي
يتعلق هذا الأساس بالمعلومات والمعارف التي يجب اختيارها كمحتوى للمناهج؛ فالمواد الدراسية هذه الأيام متعدّدة جداً، وربما تكون بالآلاف! فكيف يمكن أن نختار منها؟ وما أسس هذا الاختيار؟ وكيف نرتّب الأولويات؟
فهناك مواد ترتبط بالجانب الانفعالي، مثل: الذكاء العاطفي، والأديان، والفنّ، وتاريخ الأديان، وربما الهوية وإدارة الذات، وعلم الأرواح، والتواصل، وعلم النفس، وغيرها.

نحن بحاجة إلى أن تكون لدينا فلسفة تربوية محددة وأن تكون هذه الفلسفة مستمدة من فلسفة المجتمع

وهناك مواد ترتبط بالجانب العقلي، مثل: الفلسفة، والمنطق، والحاسوب، والرياضيات، والمنطق الرياضي، وعلم التفكير والإبداع، وغيرها، وأخرى ترتبط بالجانب الجسمي، مثل: علوم الصحة، وعلوم الحركة والتغذية والتربية الرياضية، والفيزيولوجيا، والتشريح، والبيولوجيا، وغيرها.
ومواد ترتبط بالجانب الاجتماعي، مثل: التربية الاجتماعية، وحقوق الإنسان، والتربية المدنية، والتاريخ والجغرافيا البشرية.
ومنها التي ترتبط بأكثر من مجال، مثل: العلوم، والفلك، والحاسوب، والبحث العلمي، وعلوم المياه، وعلوم البيئة، وعلوم البحار، وغيرها.
فكيف يمكن لمجتمع ما أن يضع أولوياته أمام هذا الحجم الهائل من المواد، والذي قد يجعل كلّ مادة عبارة عن مجموعة مواد بذاتها؟ وكيف يمكن اختيار المادة المناسبة؟ ففي علم الإنسان مثلاً؛ هناك علوم الطفولة والمراهقة والكهولة والفيزيولوجيا والبيولوجيا الإنسانية والإنسان والبيئة وعلم السكان، …إلخ، فما هي معايير اختيار بعض المواد الدراسية؟ وما هي معايير اختيار محتوى لكلّ مادة دراسية؟ فالمشكلة إذاً مزدوجة!

نحن في حاجة إلى أن تكون لدينا فلسفة تربوية محددة للإجابة عن هذه الأسئلة، وإلى أن تكون هذه الفلسفة مستمدة من فلسفة المجتمع.
أولاً؛ في فلسفة المجتمع: ماذا نريد من المتعلم؟ وما هي مواصفاته؟
هل نريده موسوعياً، أم نريده باحثاً، أم مفكراً، أم مقلداً؟ وهل نريده حراً أم ملتزماً؟ وهل نريده ماضوياً أم مستقبلياً؟

لذوقان عبيدات.

حفريات-موقع حزب الحداثة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
Translate