اصلاح ديني

كيف نحارب الإرهاب والتطرف بالتعليم؟(٢)

يجب تحويل المؤسسات القائمة على التعليم إلى بيئات تعليمية جاذبة ومحببة للمتعلمين

6 ـــ من الواجب تضمين مناهج التعليم مساقاً في التربية الأخلاقية؛ لأنّ غيابها حوَّل العبادات إلى مجموعة من الطقوس الجوفاء، وجعل المعاملات تقوم على النفعية سواء بتحصيل مكاسب دنيوية عاجلة، أو السعي إلى الفوز بمكاسب أخروية آجلة، عبر جمع الحسنات في عملية حسابية جافة، يظنّ صاحبها أنّ بوسعه أن يربح إن تعامل مع عدل الله، وليس رحمته وفضله، تطبيقاً لفقه وتفاسير تتحدث له في هذا الاتجاه الذي يميل إلى ظاهر النصوص.

7 – من الضروري أن تتضمن المناهج التعليمية مساقاً معتبراً للتربية المدنية، يقوم على المواطنة الفعالة، والعمل للصالح العام أو الخير المشترك، وخدمة المجتمع، والإيمان بضرورة التعددية والتنوع، وتعزيز قيم الأصالة دون الانغلاق على الذات والانقطاع عن العالم، والتصادم مع التقدم، والوقوف ضدّ المعرفة والعلم، وتعزيز الثقافة السياسية.

8 – من الضروري تحديد العقدي وتضييقه، بعد أن أفرط أتباع الجماعات الدينية المتطرفة في توصيف، أو تعيين، ما هو من العقيدة، الأمر الذي وسّع باب التكفير، وزاد من التأثير الجارح لمسألة “الولاء والبراء”.

من المهم التنبّه إلى ما يقوم به التيار الديني المتطرف من خلط المعرفة بالدعاية والأيديولوجيا

9 ـــ يجب تحويل المؤسسات القائمة على التعليم إلى بيئات تعليمية جاذبة ومحببة للمتعلمين، وتقوم على مبدأ التربية وفق قيم التسامح، والمواطنة، والعقل، والتفكير الحرّ، وعدم تقديس نصوص القدامى، أو رفعها من مرتبة الرأي إلى مرتبة النص الديني الملزم، ونبذ التعصب والعنف المادي واللفظي والرمزي، واحترام الآخر، ومواجهته بالحوار والحجة، والاعتراف بالحق في التنوع والاختلاف، وإعلاء روح الجماعة والمصلحة العامة، بدلاً من الأنانية والتطرف والأثرة والانغلاق، وتنمية مفاهيم ومهارات النقد المعرفي والعلمي والتعلم الذاتي، ولا بدّ من أن تجد هذه المنظومة من القيم مكانها في البرامج الدراسية المقررة في المدارس والجامعات، من أجل أن تتشبع بها الأجيال الجديدة والقادمة، وتتحلّى بها في التفكير والتعبير والتدبير.

10 – يجب أن تلتفت المناهج التعليمية إلى تدريس عدد من المساقات مثل؛ المواطنة، التي تتضمن معالجة مسائل الحقوق والحريات العامة، والمسؤوليات في مجتمعات متنوعة، والعدالة، والهوية، ومفهوم “الانتماء”، وكذلك دراسة تاريخ الإبادة والفظائع الجماعية، بغية إشراك الطلاب في تأمل الآثار المدمرة للكراهية والعنصرية والعنف، ودراسة مناهج تعلم احترام التنوع الديني والمذهبي وتجنب الانزلاق إلى السجال العقائدي، وتطوير مهارات النقاش الشفاهي مع الآخرين، ودراسة الفنون التي تعمق المشاعر، وترقق الإحساس؛ إذ “من النادر أن يتطرف من في نفسه حظّ من فنّ”.

11 – يستلزم تطوير التعليم ليس فقط الدراسة والبحث واستخراج النتائج؛ بل اقتناع المسؤولين والعاملين في قطاع التعليمبأهمية التطوير وضرورته، وإشراك وسائل الإعلام في توعية المواطنين بأهداف وأهمية هذا التطوير؛ فالتعليم كان في المجتمعات القديمة يقوم على أساس خدمة الأشخاص الذين يتعلمون، في حين اتّسع مفهومه ليصبح المتعلم شخصاً قادراً على التمكن من تحقيق مزايا لنفسه، ونفع المجتمع المحيط به.

إلى جانب هذا، تبدو هناك ضرورة لتربية أجيال من المتعلمين المستنيرين ورعاية المبدعين وزيادة جرعات المعرفة والعلم، من خلال عدة عناصر، أهمها: القدرة على اتخاذ القرار الرشيد، وإجراء توازن بين العقل والعاطفة، والتحكم في الذات ونفع الآخرين، والتفرقة بين الضرورات والحاجيات والتحسينات، مع العمل على وجود التوازن بين الدين والتعليم لخدمة الناس.

لعمار علي حسن.

حفريات- موقع حزب الحداثة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
Translate