اصلاح ديني

الخطاب التربوي القائم على الإلغاء.. هل يولد العنف؟(١)

العلاقة الجدليّة بين الفكرِ واللغة تجعل  كلّاً  منهما مرآة الآخر؛ إذ يتمظهر أحدهما في الآخر ويتعيّن فيه، وهذا التعيُّن يعكس الطبيعة العامة للأفراد الذين يشكّلون المجتمع، من خلال مجمل العلاقات التي تربط بينهم، ولكن إذا كانت هذه العلاقات تحدّ من إمكانيّة الفرد ومن قدراته، أو قد تُلغيها، كما يتم إلغاء وتهميش دور المرأة وفعاليّتها، فلابدّ من نقد الخطاب الاجتماعي المؤسَّس على فكرة الهيمنة والتبعيّة الذكورية؛ إذ لا يمكن صياغة وعي جديد من دون تصفية الرواسب العالقة في أنماط التفكير الاجتماعي، والوعي الجديد ليس مفارقة تتقرّا الانحياز إلى نموذج متقدّم من باب الموضات الثقافية والمعرفية، إنّه الحالة التي تَستثمِر في الإنسان فاعليّته التي تحرر طاقاته وتُطلِقها، ولن يكون هذا الإطلاق مجدياً طالما رواسب التأخر تحتل قعر وجودنا، هذا ما يُحَتّم علينا تنقية اللغة من المرجعيّات التي تتناقض مع المفاهيم الجديدة، خاصةً إذا كان الخطاب يتمحور حول الطفل، أو موجّه للطفل.

خطاب يعيد إنتاج نفسه

هناك فرق بين الخطاب التقليدي الذي يعيد إنتاج الفكر نفسه، وبين الخطاب المعرفي النّاقد الذي يؤسس لفكر جديد، وهذا ما يجعل المختص مُلزَم بالدّقة والموضوعية في استخدام المصطلحات والمفاهيم، وإلاّ سنكون أمام تناقضات كثيرة تكرّس ما هو قائم، وتُعرقِل كل ما يؤدّي إلى بناء الفهم الصحيح المؤسِّس لعلاقة أكثر تفاعليّة بين الأفراد.

مقالات وبحوث وكتب تطرح مواضيع تخصّ الطفل والطفولة والتربية الحديثة والتعلّم البنّاء، مرتكزة على أسس منفتحة على الذات وعلى الآخر، لنفاجأ خلال قراءتنا لها، بانفلات جملة من الكاتب تُناقِض كامل المحتوى، مثل جملة “أطفال اليوم هم رجال الغد”، والأمثلة على ذلك كثيرة، نورد منها ما جاء على لسان سامية خضير، أستاذة علم الاجتماع في جامعة عين شمس، خلال تحقيق لإيريني سعد توفيق، في مجلة وطني، حول “تأثير الميديا على أطفالنا في تشكيل وجدانهم”،”إنّ كثيراً من الميديا تصدّر لنا العنف، فهي قادمة من الخارج، وهذا له بعد سياسي خطير، فأطفالنا هم رجال الغد وشبابها”، وفي جريدة الوطن، كان عنوان المقال “أطفال اليوم هم رجال الغد” لفاطمة الغزال، أمّا في الألوكة الاجتماعية، جاء في مقال “أطفالنا والمكتبات”، بقلم عبد العزيز بن محمد المسفر “رجال الحاضر هم أطفال الماضي، وأطفال اليوم هم شباب الغد ورجال المستقبل”، وفي ديوان العرب ورد في مقال “التربية والديمقراطية” بقلم جميل حمداوي “على رجال الإدارة الأخذ بالقيادة الديمقراطية لتحقيق النجاح الحقيقي، والجودة البناءة، وإضافة النجاعة على أنشطة التسيير والتأطير” وهذه الجملة تكرّرت في مقال “الأسس التربوية لمكافحة التطرف” بقلم مصدق الجليدي في مجلة ذوات العدد42.

أدونيس غزالة.

حفريات-موقع حزب الحداثة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
Translate