ما هي أبرز التحولات الدينية التي رافقت التطور التكنولوجي؟(٤)
يعكس فيلم أفاتار الإقبال الكبير الذي حظي به التطلع الإنساني نحو السلام الروحي والقلق من التحولات التي تصاحب التكنولوجيا
أمّا فيلم “أفاتار” فيعكس الإقبال الكبير الذي حظي به التطلع الإنساني الملحّ والعميق نحو السلام الروحي، وربما القلق والخوف من التحولات والانتقالات التي تصاحب التكنولوجيا الحاسوبية والاتصالاتية أو ما صار يُسمّى “الثورة الصناعية الرابعة”. لكن نرى حسب الفيلم أنّ أصحاب التقدّم الصناعي والعلمي الهائل يهزمهم مجتمع زراعي بسيط يتمسك بقيمه الروحية، وبالطبع فإنها مجرد مشيئة لكاتب أو مخرج، أن تدافع جماعات بدائية من البشر عن شجرتها المقدسة وتهزم التكنولوجيا الهائلة، لكن وعلى نحو ما فإنّ الفيلم يثير سؤالاً آخر قد يكون مثيراً أو مقلقاً؛ لماذا تزدهر أفكار وقيم روحية تبدو كأنّها “خرافية”؟ ولماذا يزداد الإيمان بالغيب والقيم الروحية وما يعتبر “خرافة” رغم الزيادة الهائلة في العلم والمعرفة؟ ربما لا يكون الأمر كذلك تماماً، ولكنّ المعرفة وتحولاتها تزيد مساحة المجهول في حياتنا، حتى يغلب تعاملنا مع ما لا نعرفه على ما نعرفه، بل يغطيه ويستغرقه، وحينها تكون التأملات الروحية بديلاً معقولاً، وتكون الحياة الزراعية أيضاً نهاية منطقية، وكأنّ التقنية والتقدم العلمي يسيران بنا إلى الأصل في الحياة الإنسانية؛ بما هو البقاء والتأمل الروحي والعقلي.
ومن أجمل التعليقات وأكثرها تأثيراً في فيلم “2012”، عندما تتحقق نبوءات كاهن ينتمي إلى دين قديم يُعتبر بدائياً في نهاية الكون، رغم أنّ المؤسسات العلمية والتكنولوجية كانت تؤكد خطأ واستحالة نبوءة الكاهن، فيعلّق المسؤول السياسي بحسرة؛ كيف أخطأ كل أهل العلم والتقدم والسياسة وأصاب هذا الكاهن المعتوه؟! وربما يكون قد انتهى عالم بالفعل، وتشكل أو يتشكل عالم جديد، فقد تغير العالم بموارده ومؤسساته وقيمه وأفكاره تغيراً كبيراً وجذرياً لدرجة تجعل مقولة نهاية العالم صحيحة.
لابراهيم غرايبة.
حفريات-موقع حزب الحداثة.