اصلاح ديني

هل تتغذى الإسلاموفوبيا في كندا على الممارسات الغريبة لبعض المسلمين؟(٢)

أحداث سبتمبر وصعود الخوف من الإسلام
تصاعدت مخاوف المجتمعات الغربية، ومنها الكندي، من الإسلام خاصة والمسلمين عامة، بعد تلك الهجمات الإرهابية بطائرات مدنية على ناطحات سحاب أمريكية خلفت آلاف الضحايا؛ وقد وجهت في أيامها أصابع الاتهام إلى أفراد من تنظيم “القاعدة” كانوا على متن تلك الطائرات، وبدأت بعدها عمليات حربية كبيرة تقودها دول غربية ومن ضمنها كندا، وذلك في أفغانستان وبعض الدول الإسلامية، للقضاء على ذلك التنظيم، وتصفية زعمائه.

تعود جذور الإسلاموفوبيا في كندا، وهي “رهاب الإسلام أو الخوف من المسلمين”، إلى عقديْ السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين

وقد بدأ كثير من المسلمين في كندا يلمسون، بعد تلك الحادثة، نظرات الشكّ والريبة، حيثما تواجد أيّ من المسلمين في الجوار، وقد ولّد عن هذا الرهاب أو الخوف تيارات تتحدث بالسرّ والعلن عن رفض للوجود الإسلامي فوق التراب الكندي.
وظهرت كثير من المفردات اللغوية التي تستخدمها القوى اليمينية في خطاباتها وتعليقاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذه المصطلحات مأخوذة من الثقافة الإسلامية، وتتعلق غالباً بالمرأة والشريعة الإسلامية، وأطعمة وأشربة وملابس المسلمين.
نظرة في قاموس الإسلاموفوبيا
عارض النائب المحافظ بالبرلمان الكندي “ديفد اندرسون” استخدام كلمة “إسلاموفوبيا ” في العام 2017 في مذكرة تقدمت بها النائبة المسلمة “إقرأ خالد”. وكانت مذكرة النائبة لتجريم الكراهية ضد المسلمين، ولكن النائب اندرسون اعترض على تخصيص مجموعة من الشعب الكندي بالاقتراح، وطالب بإدانة أي كراهية ضد جميع الأديان بكندا. وقال إنه مع قرار يتكلم عن حقوق كل الأقليات في كندا. ونجحت النائبة خالد في البرلمان الكندي، بعد ذلك، بإقرار تجريم كراهية المسلمين ومعاداتهم تحت المذكرة    Motion 103.

وبالرغم من ذلك، ما زالت مواقع التواصل الاجتماعي تعج بحركات التخويف من المسلمين في كندا بمفردات وكلمات وتعبيرات تتكرر كثيراً، بقصد خلق وعي جمعي كاره للمهاجرين الجدد لكندا، خاصة القادمين من دول إسلامية، وتتمحور هذه التعبيرات حول أمور غامضة للمتلقي الكندي العادي، ويجهل معناها، لكنّها تولد تحالفاً وهمياً على صفحات الإنترنت ضدّ كلّ ما هو عربي، أو له علاقة بالأقلية المسلمة، التي تمثل فقط 3% من مجموع السكان، ومن هذه المفردات التي تستخدمها تيارات الإسلاموفوبيا الكندية:
التقية Taqiyya 
كان للهجوم المسلح الذي قام به كندي اعتنق الإسلام واسمه “مايكل زهاف بيبو” على دار البرلمان الكندي بالعاصمة أوتاواه في العام 2014 ، أثر مؤذٍ على صورة المسلمين في كندا؛ حيث انتهى الهجوم بمقتل عسكري كندي كان يحرس المبنى وقت الهجوم.
وتزامن ذلك مع صعود ظاهرة “الذئاب المنفردة” في الغرب، ما أثر سلبياً على أوضاع المسلمين هناك، فصعدت للسطح كلمة “التقية”.

لا يُعرف كيف وصل هذا المصطلح والمفهوم الإسلامي إلى قاموس جماعات الإسلاموفوبيا في كندا، لكنّ الأفواه وصفحات الإنترنت الخاصة بهم تلوك هذه الكلمة في كلّ حدث أو مستجد عام، يكون أحد المشاركين فيه من الأقلية المسلمة في كندا. ويحاول مستخدم لفظ “التقية” إظهار أنّ المسلم، أو تلك المسلمة، غير صادقين في عملية الاندماج والتعايش مع الأغلبية غير المسلمة في كندا.
والتقية، في كتب الفقة الإسلامي، السنّي منها والشيعي، تُعرّف بأنّها كتمان الحقّ، وستر الاعتقاد فيه، وكتمان المخالفين، وترك مظاهرتهم بما يعقب ضرراً في الدين أو الدنيا، وقد استنبط هذا المفهوم من الآية القرآنية الكريمة: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً﴾ [آل عمران: (28)].

لمحمد الزبيدي.

حفريات-موقع حزب الحداثة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
Translate