انعكاسات التحديث و التنمية السياسية على تمكين المرأة الخليج نموذجا(١).
تسعى العديد من المجتمعات في دول الجنوب إلى بلوغ التطور الديمقراطي، والذي يؤدي إلى التنمية السیاسیة Political Development، وأعراضها هي: تحسن قدرات النظام السياسي وتعزيز كفاءة النشاط الحكومي وفاعليته وعقلانیته، والجهد المتواصل للتجديد والتكیف وبث وإعادة استنتاج القیم الأساسية القادرة على ضمان استمرارية النظام السياسي، وتعزيز المساواة بين المواطنين وتفعيل دورهم في المشاركة في الحیاة السیاسیة، وسن القوانین العامة المساوية ببن الجميع، وتحقيق التمايز الهيكلي ووجود الهياكل السیاسیة التقليدية والعصرية ومنها المؤسسات الدستورية المنتخبة والمعينة، ومنظمات المجتمع المدني الأحزاب السیاسیة، وجماعات المصلحة … إلخ.
حيث أن التنمیة السیاسیة تؤدي إلى ترشید السلطة السیاسیة، وتنوع الأبنیة الرئیسیة، أي المؤسسات، والمشاركة الشعبیة، والقدرة على تحقیق أكبر عدد من الأهداف، كما تشیر إلى العملیة التي یستطیع النظام السیاسي أن یكتسب من خلالها مزیدا من القدرة الانفتاح على التطورات الحاصلة لدى المجتمعات المتقدمة والديمقراطيات الراسخة، لكي یحقق باستمرار وبنجاح النماذج الجدیدة من الأهداف والمطالب، وأن یطور نماذج جدیدة للتنظیم، بشرط مراعاة الخصوصية الثقافية والسياق المجتمعي.
المشاركة السياسية للمرأة: الأهمية والتطور
يشتمل مفهوم المشاركة على النشاطات التي لها تأثير على القرارات التي تتخذها الجهات المعنية في صنع القرار السياسي (كالسلطة التشريعية والتنفيذية والأحزاب، وتأتى أهمية المشاركة السياسية في هذه الأشكال المختلفة ومواقع صنع القرار ومواقع التأثير في كونها تمكن الناس من الحصول على حقوقهم ومصالحهم أو الدفاع عنها.
والمشاركة السياسية في أي مجتمع هي محصلة نهائية لجملة من العوامل الاجتماعية الاقتصادية والمعرفية والثقافية والسياسية والأخلاقية، وتتضافر في تحديد بنية المجتمع المعنى ونظامه السياسي، وتحديد نمط العلاقات الاجتماعية والسياسية ومدي توافقهما مع مبدأ المشاركة الذي بات معلمًا رئيسيًا من معالم المجتمعات المدنية الحديثة.
تاريخيًا لم يكن مستوي تمثيل المرأة سياسيًا مؤشرًا من مؤشرات مستوي تطور البلد الديمقراطي، فمن بين 32 بلدًا تعد الأكثر تطورًا في العالم، توفرت بيانات انتخابية عام 1975، وكان في 19 دولة منها أقل من 10بالمائة من النساء في المجالس التشريعية، وكان 11 بلدًا منها أقل من 5 بالمائة، وفي اليونان وفرنسا واليابان وكلها بلدان صناعية متطورة، شكلت النساء حوالي 2 بالمائة أو أقل من المجالس البرلمانية.
ومع أواخر القرن الماضي ومطلع القرن الحالي أصبحت المشاركة السياسية للمرأة أحد مؤشرات الديمقراطية في المجتمعات، حيث أصحبت تحتل مرتبة متميزة ضمن سلم اهتمامات الدوائر السياسية واتجاهات الرأي العام المختلفة، بل صار مؤشرًا يعكس طبيعة النظام السياسي والاجتماعي للدول، وبالتالي فإن ضعف آليات الديمقراطية في المجتمع يساهم في تهميش مشاركة المرأة السياسية، كما تقاس درجة نمو المجتمعات بمقدار قدرتها على دمج النساء في قضايا المجتمع وتعزيز قدراتها في المساهمة في العملية التنموية، ولاسيما مع ظهور العولمة وازدياد زخم الحركات والاتجاهات الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم.
ولقد طرحت حقوق المرأة السياسية في القرن العشرين من خلال الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حيث بدأ العمل في التوسع في دراسة الحقوق المعلقة وتدوينها في شكل قانون ملزم، ونتج عن هذه العملية بروز وثائق هامة ولها صلة مباشرة بحقوق المرأة ولاسيما الحقوق السياسية للمرأة عام 1952، والاتفاقية الخاصة بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والتي أقرت عام 1979 وبدأ تنفيذها عام 1981، ووضحت بشكل دقيق المجالات العالمية لهذه الحقوق، حيث نصت مادتان من هذه الاتفاقية على ضرورة كفالة المساواة مع الرجل في مجالات:
– التصويت في جميع الانتخابات.
– الأهلية للترشح.
– المشاركة في صياغة السياسات وتنفيذها.
– شغل الوظائف العامة على جميع المستويات الحكومية.
– المشاركة في منظمات وجمعيات غير حكومية.
– تمثيل الحكومة في المستوي الدولي.
– المشاركة في المنظمات الدولية.
وأهم ما يميز هذه الاتفاقية هو تأكيدها على المساواة التامة والأهم ما انبثق عنها من إعلانات دولية أخرى، مثل الإعلان الصادر عن المؤتمر العالمي الرابع الذي انعقد في بيكين 1995.
لمحمد عبد الهادي.
المركز العربي للبحوث و الدراسات- موقع حزب الحداثة.