السوريات في العراق تعددت طرق الوصول والهدف واحد(٢).
دور المجتمع والأهل في مصير بناتهن
تبرز الاحصائيات المجتمعية أن العراق يقدم مساعداته ويستقبل القادم اليه من السوريين، ولا ينكر أحد أن العلاقة بين شعبي البلدين تعتبر من أوثق العلاقات.
إلا أن تلك الحالات التي وصلت إليها بعض الفتيات ممن تم استغلال حاجتهن من ضعاف النفوس، تطرح سؤالا هاما عن دور الأهل في السماح لبناتهن بالذهاب إلى بلد في فرصة عمل غير واضحة المعالم.
الباحث الاجتماعي عماد حيدر أستاذ علم النفس في جامعة “تشرين” شرح قائلا بأن: “الوضع الاقتصادي المأساوي للأسر السورية دفع بالكثير من العوائل للاعتماد على أبنائهم في الغربة، مادفع ببعض الآباء بالعمل على تأمين سفر حتى لابنته علها تجد عملا في العراق لترسل لهم المال، رغم معرفتهم أن وضع العراق معقد، ومجتمعه في جله محافظ، إلا أن ضيق الحال فعّل عندهم قاعدة الضرورات تبيح المحظورات، فبات هم تأمين العيش أهم من طريق هذا التأمين. لذلك يجب تفعيل الندوات التوعوية حول مخاطر سفر الفتاة إلى بلد دون عمل مضمون، وأن تكون هناك برامج في الإعلام حول المخاطر التي تتعرض لها الفتيات وطرق استغلالهن، والعمل ختاما على تأمين فرص عمل للفتيات وتأهيلهم في المشاريع المنزلية الصغيرة”.
اللاجئات السوريات.. قصة أخرى
بعد تناقص الدعم الممول من المنظمات الدولية المهتمة بقضايا اللاجئين والنازحين في المخيمات العراقية، وإغلاق الحكومة العراقية المخيمات وسط العراق وغربه أواخر 2020، مع الإبقاء على بعض المخيمات في إقليم كردستان العراق، فضلت كثيرات ترك المخيمات بحثا عن فرص عمل خصوصا اللاتي تركهن أزواجهن أو توفوا.
وبلغ عدد اللاجئين السوريين في العراق عام 2021 حوالي 242163 سوريا، وشكلت النساء 48 بالمئة من إجمالي العدد.
أم أحمد الديراني لاجئة سورية قادمة من أحد المخيمات في كردستان العراق، تقول: “بقينا في المخيم لسنتين، لكن بعد كورونا ومع تناقص المعونات، ووفاة زوجي، ساء الحال، فتركت المخيم حال معرفتي بوجود شركات توظف عاملات للتنظيف، وتمكنت من الوصول إلى بغداد وبدأت العمل كعاملة نظافة في أحد المقاهي التي يرتادها الرجال فقط، وهناك كنت عرضة للتحرش اللفظي وأحيانا الجسدي من قبل رواد المقهى، خصوصا عند معرفتهم باني سورية لاجئة فاعتقدوا أنني قد أمنحهم جسدي مقابل الطعام أو الحصول على بعض النقود، وللأسف تم طردي من العمل بعد أن لقنت زبونا درسا قاسيا بعد لمسه لي بطريقة خادشة، وأنا الآن أبحث عن عمل آخر”.
لاجئات أخريات فضلن العمل كمتسولات بعدما وجدن على أرصفة الطرق في العراق فرصة لاستقطاب الشباب العراقيين أيضا، خصوصا وأنهن منافسات للمتسولات العراقيات بما تملكه المرأة السورية من جمال وحنكة في الكلام.
تقول نادية وهي لاجئة من الشمال السوري وهي تحمل طفلها على حضنها عند ساحة الواثق في بغداد:” نعم أنا أتساءل هنا، ماذا يمكنني أن أفعل؟ هنا في الشارع أشعر أني محمية أكثر من العيادات والمقاهي، فأنا على مرأى من الجميع، والعراقيون كريمون ويشفقون علي خصوصا وإني أم. الحقيقة أنا أعاني من المتسولات العراقيات اللواتي يتشاجرن معي لأنهن يعتقدن أني أنافسهن، أعيش مع أختي في غرفة في حي البلديات وهي تتسول أيضا، لكننا حريصات على نفسينا، وليس أمامنا سوى التسول لإطعام أطفالنا، خصوصا وأننا لا نستطيع العودة إلى بلدنا فمنزلنا مدمر وحينا بأكمله لم يعد موجودا”. وعلى أمل أن تنتهي رحلة الاستغلال للسوريات اللواتي قدمن طوعا للعراق، أو اللاجئات اللواتي أجبرتهن الحاجة على التسول أو العمل في ظروف مهينة تفتقر إلى الحماية من المتحرشين وضعاف النفوس، لعل بلادهن تبقى أرحم على حالهن من أي مكان في العالم، مهما جارت عليهم الحرب بظروفها.
لليندا المرقبي.
الحل نت- موقع حزب الحداثة.