حداثة و ديمقراطية

السوريات في العراق تعددت طرق الوصول والهدف واحد(١).

لم ترحم الحرب السورية بآثارها الاقتصادية المدمرة أي فئة اجتماعية، فالكل له نصيبه من المعاناة. ولعل للمرأة السورية نالت النصيب الأكبر، في ظل ظروف لا ترحم، بموازاة أقدار سيدات قد يخذلهن الحظ، ويأخذ بهن إلى دروب ومآل وبلدان عدة.

تعثر الوصول إلى أوروبا فتح أبواب العراق

بعد أن تعثرت طرق السفر واللجوء الى أوروبا، فتح العراق ذراعيه للسوريين، وباتت أعدادهم فيها تقارب النصف مليون سوري، بعضهم من السيدات اللواتي وصلن العراق بطرق متعددة.

إلهام بكور كانت ممن أسعفها الحظ وجاءت العراق بعقد عمل مع مشفى خاص كونها طبيبة أشعة، تقول عن تجربتها في بغداد بعد مضي ثلاث سنوات:” بالتأكيد إنني رابحة من هذه الغربة، فظروف السوريين باتت معروفة والحال الاقتصادي متدني، صاحب المشفى يعاود التعاقد معي لما لمسه من تفان من قبلي في العمل، أنا أقيم هنا بطريقة نظامية، لكن في الآونة الاخيرة وصلت الى المشفى فتاة تعمل في القسم الإداري، جاءت من أربيل بطريقة غير قانونية، رغم ذلك المشفى أعطاها فرصة العمل لكن دون ضمانات، وبراتب أقل منا نحن اللواتي وصلن بطرق رسمية منذ أعوام”.

حاولت التواصل مع الفتاة ذات الشأن لتخبرنا عن قصة هروبها من أربيل إلى بغداد وكيف تمكنت من تحصيل الفرصة، لكنها رفضت اللقاء متخوفة من كشف حالها.  

إلا أن منال منصور ابنة الاربعة وعشرين عاما، والتي تعمل في صالون للتجميل في محافظة البصرة، لم تمانع ان تسرد قصة قدومها من أربيل وتقول :” لماذا أخجل من ذكر حقيقة أني سعيت للقدوم الى هنا للعمل ولو تهريبا من أربيل، هل هناك فرص عمل في بلدنا. لم أدخر جهدا لأصل إلى هذا الصالون الذي قرأت إعلانا عنه في إحدى المواقع يطلب فتيات وحدد جنسيتهن بالتحديد، فتواصلت معهم وأخبروني بأنهم مستعدون لإحضاري إلى أربيل، على أن أتكفل أنا بباقي مصاريف قدومي إلى البصرة عبر طرق التهريب على مسؤوليتي، وزودوني باسم مهرب تواصلت معه دون تردد، لأني أعيل والديّ واخوتي وحالنا المزري يستحق المغامرة برأيي”.

العراق البلد الجار.. وجهة جارت على بعضهن؟

كثيرة هي الحالات التي وصلت إلى العاصمة بغداد وباقي محافظات العراق عبر كردستان العراق بطرق غير قانونية، ومعظم من وصل من الذكور، لكن الفتيات اللواتي وصلن أربيل لسن كلهن بحظ منال التي وصلت البصرة بنجاح.

المهندسة انتصار حمود، كان لها قصة خاصة عند وصولها أربيل في محاولة للتوجه لبغداد علها تحصل فرصة عمل، تحكي لنا محذرة مما لاقته هناك:”أشكر الله بداية أنني تمكنت من النجاة من مهربي أربيل، ورغم خسارتي لكل نقودي إلا أن عودتي  لدمشق وأنا خاسرة أرحم من سطوة من قابلتهم هناك، فما أن وصلت تحايل عليّ المهرب الذي تواصلت معه ليوصلني من مطار أربيل إلى بغداد، وأخذ مني جواز سفري واحتجزه مبتزا إياي كي أعطيه ألف دولار لم يكن ضمن الاتفاق، أمضيت اسبوعاً في الفندق في أربيل. أسعفني الحظ بالتعرف على عراقية ساعدتني بأن أخذتني إلى دائرة الاقامة واشتكيت على المهرب وتمت ملاحقته واستعادة جواز سفري الذي عدت به إلى بلدي”.

تضيف انتصار موضحة: “قد تسألوني لما لم أبقى في أربيل وأبحث عن عمل، إجابتي هي لأني لم أشعر بالأمان هناك، خصوصا أن من أعرفهم هم في بغداد، ولا اعرف أحدا موثوقا في أربيل، وسمعت وشاهدت قصصاً لفتيات ضاعوا في العراق، فخفت وفضلت العودة”.

لعل السيدة “سماهر” وهو اسم مستعار، كانت قصتها من بين قصص الفتيات اللواتي سمعت  عنهن انتصار، فهي تقيم في أربيل منذ عام ونصف في منطقة عنكاوة، وتعمل في مركز للمساج، تخبر عن حالها وتقول: “لقد وصلت أربيل بفيزا نظامية ومن مكتب نظامي، وفي ذهني البقاء فيها والبحث عن عمل، جربت بداية أن أعمل في عيادة أحد الأطباء كسكرتيرة إلا أنه حاول التحرش بي مستغلا وجودي لوحدي، فبحثت كثيرا عن عمل آخر، إلى أن التقيت بسيدة عراقية لديها مركز للمساج، أمنت لي السكن مع بنات أخريات بعضهن سوريات أيضا وبأجر جيد، بشرط أن نقدم للزبون كل خدماتنا ولو في وقت متأخر”.

وتضيف “سماهر”: “لا أنكر أني أشعر بأن هذا ليس مكاني، ولم تكن نيتي هذا المصير، لكن الحياة هنا فارهة والزبائن كرام، ولعلي للأسف اعتدت على هذا النمط من الحياة، يبدو أني غرقت وانتهى الأمر”.

لليندا المرقبي.

الحل نت- موقع حزب الحداثة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
Translate