شرعيةٌ متغلّبة وسيادةٌ مفتّتة(٣).
مستمدّات الشرعية
نٌقشت عبارة «السلطان ظل الله في الأرض» على أحد نواصي قصر توبكابي، القصر الذي أسماه السلطان الفاتح بالسراي الجديد Saray-ı Cedid، وهي جملةٌ مأخوذةٌ من أثر في التراث الإسلامي، ويعبّر نقشها على قصر الإمبراطورية الوليدة عن بروز مُلك حاكم البريّن والبحرين، ملك العرب والعجم والفرنجة franks، الذي يستمدّ شرعيته الجديدة من تنفيذ أوامر الله.
لعل النظر في هكذا استدلالات يُفصح لنا شيئًا من فك عُقدِ اصطلاحاتنا، فالسيادة للإله وشرعه، ولكن السلطان له حكم نافذ بشرعية هذا الإله. كانت المصطلحات عُلوية الترتيب، فالأولوية لمن في الأعلى، ولم تكن دنيوية من أسفل؛ أي لم يكن الشعب هو المحدِّد أو صاحب الوزن في الشرعية، هذا في العهد العثماني الكلاسيكي، منذ الفاتح وحتى قرنين مستمرين بعده، ويبدو أن مثل هذه المفاهيم تسرّبت حتى القرن التاسع عشر، وأعاقت الجو الإصلاحي الذي كان ينشده السلطان أكثر من أي شخص آخر في ذاك القرن!ومع ولوج عهد التنظيمات ،بدأ السلاطين العثمانيون يغيّرون مكان إقامتهم، إلى قصر دولمه بهجة وسراي ييلدز على سبيل المثال، أي أنها خطوة رمزية قد تعني النقص في شرعية «ظل الله» عبر الخروج عن باحة قصر توبكابي، بدأت مع ولوج العثمانيين عصر تنويرهم المتأخر، وتواجد مد الوضعانية الذي معه تم «البدء بالنظر إلى الإمبراطورية بنوع من الإزدراء دوليًا، والتقليل من هيبة السلطان المرتبطة بها داخليًا، بحيث يمكن القول إنّها على أقل تقدير حافظت على سمعتها ولم تنتقص حتى منتهى القرن الثامن عشر»، فما كان من محمود الثاني، «السلطان الراديكالي»، إلا بمواجهة هذه الموجة بالقوة، بحيث نجى من قتلة ابن عمله سليم الثالث، ومرّرَ مشروعه عليهم جبرًا.
لمحمد عثمانلي.
الجمهورية- موقع حزب الحداثة.