على هامش جلسة مجلس الأمن الدولي بشأن الوضع الإنساني في سوريا، يوم أمس الجمعة، يبدو أن حجم هذه المساعدات غير كاف للاحتياجات الإنسانية في سوريا، خاصة وأن أوضاع السوريين تزداد سوءا يوما بعد يوم.
ونتيجة لذلك، شدد وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية مارتن غريفيش، خلال جلسة الأمم المتحدة، على أهمية تحويل تعهدات المانحين في مؤتمر “بروكسل” السادس حول سوريا إلى مساعدات فعّلية. كما دعا إلى تجديد تفويض مجلس الأمن الدولي لآلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود.
“الاحتياجات هائلة”
وفي إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي حول الوضع الإنساني في سوريا، يوم أمس، قال غريفيش أن “الافتقار إلى تمويل هذا النداء يعني أننا سنضطر إلى الاختيار بين الأولويات في استجابتنا، وسنضطر إلى اختيار خيارات صعبة”، لافتا إلى أن “1.9 مليون شخص إضافي قد يسقطون في براثن الجوع بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية وآثار الأزمة الأوكرانية”.
وقال غريفيش إن مؤتمر “بروكسل” كان أيضا فرصة لنذكر العالم بحجم الاحتياجات الإنسانية في سوريا وفي البلدان المجاورة. الأمر الذي يسمعه أعضاء المجلس من وكيل الأمين العام كل شهر، خاصة وأن “هذه الاحتياجات هائلة وتزداد سنة بعد سنة”.
وأردف في حديثه أثناء جلسة مجلس الأمن الدولي، “ولكن رغم هذه التعهدات السخية إلا أنها ما زالت تمثل أقل من 50 بالمئة من إجمالي التمويل المطلوب لعام 2022″، كما قال غريفيثس، موضحا أن هناك حاجة إلى 10.5 مليارات دولار لخطة الاستجابة الإنسانية والخطة الإقليمية للاجئين والمرونة، معا.
وأوضح المسؤول الأممي، أن برنامج الأغذية العالمي “أنذر أنه سيقلص برامجه أكثر في تموز/يوليو المقبل، بسبب الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية وتراجع مستويات التمويل، ما يؤدي إلى نتائج كارثية على الشعوب التي تعول على مساعدة البرنامج”.
وشدد على أن “الوقت جوهري بالطبع، ولذلك فإن التعهدات السخية التي أعلن عنها في بروكسل يجب أن تحول في أسرع وقت ممكن إلى مساعدات فعلية”.
ضرورة تمديد آلية المساعدات الإنسانية
أما على صعيد المساعدات الإنسانية العابرة للحدود السورية، ذكر المسؤول الأممي أنه سيستمر في جهوده لتوسيع النفاذ الإنساني عبر الخطوط.
وذكر غريفيش أنه “في 16 أيار/مايو الجاري، وفّرت القافلة الرابعة عبر الحدود مساعدات غذائية لأكثر من أربعين ألف شخص في شمال غربي سوريا”، لافتا إلى أن الأمم المتحدة “تعمل حاليا على آلية إرسال القافلة الخامسة وفقا للخطة التي كنا قد اتفقنا عليها، لإرسال القوافل عبر الخطوط إلى شمال غربي سوريا. وقد تم تمديد مهمة تنفيذ هذه الخطة، التي تركز على تنفيذ خطط عبور القوافل المشتركة بين الوكالات، عبر الخطوط، إلى المجتمعات في محافظتي إدلب وحلب، حتى كانون الأول/ديسمبر المقبل”.
وكما هم معلوم، فقد سمح مجلس الأمن للأمم المتحدة وشركائها بتقديم المساعدة عبر الحدود. ولكن تنتهي مهلة هذا الأذن بعد ستة أسابيع، وفقا للمسؤول الأممي.
ولفت إلى أنه “من هنا تأتي أهمية أن نمدد إمكانية العبور عبر الخطوط وأؤكد هنا كما فعلت في كل المناسبات السابقة إن “العمليات عبر الخطوط لا يجب أن تستبدل بأي شكل من عمليات عبور الأمم المتحدة عبر الحدود. وعدم تجديد هذه الأذون سوف يضع حدا للمساعدات المنقذة للحياة التي نقدمها لمن يعيشون في شمال غربي سوريا بمن فيهم أكثر من مليون طفل”.
ضرورة تأمين مياه الشرب
كما تطرق المسؤول الأممي إلى وضع المياه في سوريا، مشيرا إلى أن حوالي 5.5 مليون شخص في سوريا يعتمدون على مياه نهر الفرات وروافده لتأمين مياه الشرب.
وكانت هيئة سد “تشرين” قد حذرت من أنه بسبب انخفاض منسوب المياه، لا يعمل السد سوى ست ساعات في اليوم، مما يضر بتوفير المياه والكهرباء.
وضمن هذا السياق شدد غريفيثس على أن “الإمداد الموثوق به من الكهرباء يعد أمرا بالغ الأهمية للخدمات الأساسية وسبل العيش وتقديم المساعدة”، بحسب موقع “الأمم المتحدة” الرسمي.
وأضاف، “فبدون مضخات الري الكهربائية لا يمكن دعم المستشفيات والخدمات الحيوية الأخرى، ويجب على السكان شراء مياه الشرب، مما يزيد من تآكل قدرتهم الشرائية”.
هذا وتستمر محطة مياه “علوك” في العمل بشكل متقطع، وتوقف الضخ عدة مرات خلال الشهر الماضي بسبب نقص الكهرباء، مما أدى إلى محدودية تدفق المياه. وتواصل مدينة الحسكة إمدادها بالمياه بواسطة الشاحنات. “هذا ليس حلا مستداما”، كما نوّه إليه غريفيثس.
كما ذكر وكيل الأمين العام بأن الأعمال العدائية، بما في ذلك الضربات الجوية والقصف على شمال غرب سوريا، تستمر في التأثير على المدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال. ويستمر انعدام الأمن في مخيم “الهول”.
وتابع في حديثه، “كما أن الوضع في مخيم “الهول” أمر مخزٍ، حيث أن 56000 مدني يعيشون هناك، الغالبية العظمى منهم نساء وأطفال”، في إشارة إلى ضرورة تحريك دولي في سبيل تقديم دعم للمخيم وللقائمين على عليه، بغية عدم تدهور الأوضاع نحو الأسوأ.
يذكر أنه سيعقد اجتماع آخر في مجلس الأمن الدولي في 31 أيار/مايو الحالي، وسيناقش الوضع السياسي في سوريا، حسب ما صرحت به المندوبة الأمريكية في وقت سابق لوسائل الإعلام.