التنظيمات الجهادية في المغرب العربي.. صراع محتدم(٣).
إلًا أنّ الجزئية الأهم من منظور هذا التحليل؛ تتمثّل في خلفية مظاهر العنف التي لا تتوقف، أو العمليات المستمرة للقضاء على الكوادر أو إضعاف خلايا داعش على الأراضي الليبية، العمليات التي تشنّها بشكل عام السلطات الليبية رغم أنّ قوات أمريكية تشارك فيها أيضاً. ومن أبرز العمليات التي نفّذتها القوات الليبية؛ تأتي تلك التي أسفرت عن القضاء على إرهابيين اثنين، في مدينة درنة، التي كانت في قبضة التنظيم لفترة غير قصيرة، في 29 كانون الثاني (يناير) 2019، والتي تلت القبض على هشام العشماوي، المصري والضابط السابق في القوات الخاصة المصرية وأحد أكثر المطلوبين بسبب تولّيه أدواراً قيادية في جماعات إرهابية، في الثامن من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.
فمن جانبها، أعلنت قوات الجيش الليبي، في الثاني من كانون الثاني (يناير) الماضي؛ أنّها أسقطت عبد المنعم الحسناوي، المُلقّب بـ (أبو طلحة الليبي)، أحد أهم قيادات تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي في إطار عملية شاملة لتطهير الشطر الجنوبي من البلاد، كما كان الجيش الليبي قد سبق وأكّد في 19 كانون الثاني (يناير) الماضي، القضاء على ثلاثة من قيادات التنظيم جنوب مدينة سبها، عاصمة منطقة فزان الجنوبية، وهم: أبو طلحة، والمهدي دنقو، والمصري عبد الله الدسوقي.
أمّا العمليات الأمريكية؛ فنذكر منها تلك التي أسهمت، في 13 شباط (فبراير) الماضي، في القضاء على عدد من قياديي تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، بالقرب من مدينة أوباري، الواقعة على بعد 900 كلم جنوب طرابلس، حسبما أعلن المتحدث باسم رئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني، فايز السراج، الذي قدّم تلك العملية كنموذج للتعاون بين السلطات الليبية والأمريكية، والذي يسمح بالحفاظ على السيادة الليبية.
بيد أنّ ليبيا تعدّ تربة خصبة للجهاديين منذ وقت بعيد، ووصل الأمر إلى إعلان داعش قيام ثلاث ولايات على الأراضي الليبية؛ هي طرابلس وفزان وبرقة، بعد أن وجد ظروفاً مناسبة لنمو نفوذه، سيما مع الحراك ضدّ معمر القذافي، وحمل ما يصل إلى 300 ألف ليبي للسلاح وارتفاع أعداد الفصائل المسلحة التي تشكّلت في خضم الثورة والحرب الأهلية التي أعقبتها، والحقيقة أنّ ظاهرة الجهادية في ليبيا هي داخلية بامتياز؛ حيث إنّ أغلب الأفراد الذين انخرطوا في صفوف تنظيم داعش بالبلاد كانوا ليبيين التحقوا بجماعات جهادية نشأت، أو وجدت مساحة لها في البلاد، ضمن إطار الثورة.
جدير بالذكر كذلك؛ أنّ المعارضة التقليدية لنظام القذافي بليبيا كانت تنتمي للتيار الإسلامي الأصولي، وعلى رأسها “الجماعة الإسلامية المقاتلة بليبيا”؛ التي عانت قمعاً شديداً خلال عقد التسعينيات، وكان لها وجود كبير وملحوظ في جميع أرجاء البلاد، لكن علاوة على ذلك فلا يمكن إغفال حقيقة وصول عدد من المقاتلين من تونس للانضمام لـداعش في ليبيا، سواء هؤلاء الذين توافدوا لتلقّي تدريب عسكري أو لخوض المعارك، سواء على الأراضي الليبية أو السورية، وقد ساعد على ذلك القرب الجغرافي بين ليبيا وتونس، وكذا وجود منظمات متشابهة، مثل: “أنصار الشريعة” في تونس، وما يقابلها في ليبيا (وبعدد من مدنها).
لعلي نوار.
حفريات- موقع حزب الحداثة.