المرأة

حقوق المرأة عند المفكر “قاسم أمين”(٣).

  • واجب المرأة تجاه أولادها: 

يرى قاسم أمين أن تربية الأولاد تقع على عاتق الوالدين. والتربية -من وجهة نظره- تعني تعويد الطفل على حسن الفعل وتحلية نفسه بالصفات الجميلة. ولكي تستطيع المرأة تربية أولادها عقليا وبدنيا  فلابد من أن تكون هي بالأساس لديها قدر من التعليم والثقافة يسمح لها بذلك. وبالتالي إذا كانت الأم جاهلة  فلن تستطيع تربية أولادها كما يجب، فالتعليم يتيح لها معرفة أفضل الطرق لتربية أبنائها بطريقة صحيحة.

تناول المفكر قضيتين أخريتين وهما الحجاب والزواج وستقوم الباحثة بتوضيحهما: 

  • الزواج: 

تحدث قاسم أمين في هذه القضية وقال إن الانجذاب المادي وحده غير كاف في العلاقة بين الرجل والمرأة عند الزواج، ولكن يلزم أن يكون هناك توافق بين نفوس الزوجين بمعنى أن يكون هناك توافق بين ملكتهما وعقلهما وأخلاقهما. وعندما يحدث هذا التوافق فإنه من الصعب انحلال هذا العقد.

ويؤكد على ضرورة أن يكون للمرأة الحق في اختيار زوجها مثلما يكون للرجل الحق في اختيار زوجته حيث كان سائدا أنه لا يؤخذ برأي المرأة في اختيار زوجها ولا من حقها أن تسأل عنه أو أن يصل إليها أخبارا عن صفاته أو أخلاقه.

ويضيف قاسم أمين في هذه المسألة أنه في حالة استمرار المرأة في الجهل فإن الزواج لا يكون إلا شكل من الأشكال العديدة التي يستبد بها الرجل بالمرأة. أما إذا عرفت المرأة حقوقها وشعرت بقيمة نفسها فسيحقق الزواج السعادة للرجل والمرأة معاً. ويفسر قاسم أمين ظاهرة عزوف الرجل عن الزواج في عصره قائلا أنه ناتج عن حاجة الرجل إلى امرأة تكون أم أولاده على قدر كاف من العلم والخبرة تسمح لها بتربية أولادها على مبادئ الأخلاق وقواعد الصحة.

  • الحجاب: 

يدافع قاسم أمين عن الحجاب ويعتبره أصلا من أصول الأدب التي يجب التمسك بها، ولكن يطالب بأن يكون منطبق لما جاءت به الشريعة الإسلامية. ويرى أن الإسلام لم يأتي بما يتصل بقضية الحجاب وهو يرى أنه من قبيل العادة التي لبست لباس الدين وتمكنت من الناس باسم الدين. وأن الحجاب يمنع المرأة من التقدم كما يعيق تقدم المجتمع أيضا لأنه سيعيقها عن أداء عملها واستكمال تربيتها.

يرد قاسم أمين على من يروا أن المرأة “فتنة” ومن ثم لا يجوز أن تخرج من بيتها ولا تختلط بالرجال بقوله أن الفتنة هي أمر يتعلق بقلوب الخائفين من الرجال، وليس على النساء تقديره ولا هن مطالبات بمعرفته، من يخاف الفتنة من الرجال عليه أن يغض بصره، وأن الأوامر الواردة في القرآن الكريم بغض البصر هي موجهة للنساء وللرجال على حد سواء.

ومن الجدير بالذكر أن قاسم أمين لم يطالب برفع الحجاب دفعة واحدة عن النساء لأن ذلك الانقلاب قد ينتج عنه مفاسد كثيرة، وبالتالي لا نستطيع الوصول للهدف المنشود، وإنما يطالب بإعداد الفتيات منذ الصبا إلى هذا التغيير، وأن يتعودن على الاستقلال ويدركن أن احترام المرأة لا يكمن في الحجاب وإنما في أخلاقها وذاتها.

رابعا: العلاقة بين ما طالب به قاسم أمين واتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة: 

تتأسس هذه الاتفاقية على مبدأ المساواة التامة في الحقوق بين الرجل والمرأة في كافة المجالات، وضرورة العمل على سن تشريعات وطنية لحظر التمييز ضد المرأة، كما توصي باتخاذ التدابير اللازمة لتحقيق تلك المساواة.  وتتكون هذه الاتفاقية من ديباجة و 30 مادة. تؤكد الديباجة على أن تحقيق التنمية التامة والتطور الكامل لبلد ما وتحقيق السلام العالمي يتطلب مشاركة المرأة إلى أقصى الحدود في كافة الميادين. ولتحقيق تلك المساواة لابد من إصدرات تغييرات في السلوك وفي الدور التقليدي للرجل والمرأة، وينبغي تقاسم المسؤولية بين الرجل والمرأة والمجتمع ككل للنهوض بتنشئة الأطفال وتنمية المجتمع. كما تلزم هذه الاتفاقية الدول الأطراف انتهاج سياسة القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة بل والعمل على اتخاذ عدد من التدابير الأساسية لضمان المساواة بين الجنسين.

يؤسس قاسم أمين فكره على أن المرأة والرجل كلاهما إنسان لكل منهما حقوق وعليه واجبات؛ فالمرأة مثل الرجل لا تختلف عنه في المشاعر أو الفكر أو في أي شيء يتعلق بالإنسان لكونه إنسانا. ونلاحظ أن مفهوم قاسم أمين عن طبيعة المرأة يكاد لا يختلف جوهريا عن المفهوم الذي تبنته هذه الاتفاقية والتي اعتمدتها منظمة الأمم المتحدة بعد ثماني عقود من صدور كتابي قاسم أمين.

  • كيف يتم القضاء على التمييز من وجهة نظر قاسم أمين؟ 

كما أوضحنا سابقا، أن القضاء على التمييز من وجهة نظر قاسم أمين يأتي من خلال القضاء على الانحطاط الذي تردت إليه أوضاع المرأة المصرية والعربية والمسلمة وهو إنهاء لما تتعرض له من احتقار وتهميش. وعندما نربط ما قاله قاسم أمين في هذا الصدد بالمادة الثانية من الاتفاقية نلاحظ أنه من حيث المبدأ يتطلع إلى منح المرأة جميع الحقوق والواجبات وإلغاء كافة أشكال التمييز، ولكنه يدرك أن ذلك لن يتم دفعة واحدة وإنما على تدرج منتظم.

لزينب حسني عز الدين.

مؤسسة مؤمنون بلا حدود- موقع حزب الحداثة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
Translate