المرأة

الأمومة اليوم (٨).

2- رغم ذلك، يحدث نوع من نزع-الولَه/الانفصال في معظم الحالات. ومن خلاله يستمدّ حب الأم دعمه النفسي ـ الحيوي النهائي. نظراً لأن معظم الأمهات لا يخضعن للتحليل النفسي، يتعيّن على المرء أن يسلّم بأن هناك شيئاً ما في بنية تجربة الأم ذاتها يشجع عملية تفكيك (نزع) الولَه، وبالتالي فكّ الارتباط الأحادي.

أقترحُ فيما يلي مراعاة ثلاثة عوامل ضمن ولَه الأم نفسه: موقع الأب والزمن واكتساب اللغة.

لن أسهب في الحديث عن الدور الأساسي للأب أو من ينوب عنه، والذي يقود إلى إعادة تخصيص مثلث أوديب بحيث تكرر الأم عقدة أوديب الخاصة بها أو تصلحها أو تحللها، وهو ما فشلت الأم عندما كانت فتاة صغيرة في القيام به. لقد تمّ بالفعل التعامل مع هذا الجانب من السؤال من قبل محلّلين آخرين، وفي محاضرتي حول التسامي. لكنني سأقول بضع كلمات عن الوقت واللغة في ولَه الأمهات.

لا نشير كفاية في العادة إلى أن اكتساب الطفل للّغة يعني أيضاً أن الأم نفسها تعيد تعلّم اللغة. من خلال التماهي الإسقاطيّ للأم والطفل، تسكن الأم فم طفلها ورئتيه وأنبوبه الهضمي، ومن خلال مرافقة الأصوات عديمة المعنى التي يصدرها (Echolalia)، تقود الأم طفلها نحو الإشارات والجُمل والقصص: وهكذا يصبح الرضيع طفلاً، يصبح ذاتاً متكلمة.

تُحققّ كل أم بطريقتها الخاصة ما يمكن تسميته بحثها البروستينسبة إلى مرسيل بروست الروائي الفرنسي، صاحب رواية «البحث عن الزمن الضائع»، وتستخدم الصفة بروستي للدلالة على المواقف التي تقدح الذاكرة الشخصية لأحداث ماضية. (المترجم) عن «الزمن الماضي»: من خلال التحدّث بلغة طفلها، تعالج المرأة خطوة بخطوة «عدم التطابق» (non congruence) (كما يقول المعرفيون)، أي الفجوة التي تفصل بين ما ندركه وما يثيره ذلك من عواطف، وهو ما تشكو منه الهستيريّة بشكل مستمر.

أما بالنسبة للزمنية(Temporality)، أو الطبيعة المؤقتة للأشياء، ويفيد مصطلح «الزمنية» الطابع الدنيوي الزائل للحياة. (المترجم)، وأعني المصطلح الذي يشير كما نرى في الفلسفة الغربية إلى زمن الموت (الذي يطارد أيضاً تجربة الأمومة بالطبع). لكن في حالة الأمومة، تهيمن على هذه الزمنية عملية انقطاع زمنيّ أخرى وهي: البداية. يختبر كلا الوالدين، طبعاً، الحمل والولادة كأفعال أوليّة تشير إلى بداية، إلا أن الأم تشعر بذلك بشدّة أكبر بسبب أهمية مشاركة جسدها في هذه العملية. بالنسبة لها، هذه البداية الجديدة المتمثّلة بالولادة ليست مجرد تعويذة ضد الموت.

لقد علّمنا الفلاسفة أن منطق الحرية لا يكمن في تكسير القوانين كما يمكن للمرء أن يتصوّر، بل يكمن تحديداً في القدرة على البدء من جديد. اقترحَ وينيكوت نفسه أنّ الطفل لا يترك الرحم ليولد، قبل أن يتمكّن من أن يصبح حراً في حركاته إلى حدّ ما، وقبل أن يصل إلى مستوى معين من الاكتمال البيولوجي-النفسي، وبالتالي مستوى معين من الاستقلاليّة: البداية والاستقلالية الكافية هما، بالنسبة لهذا المحلل النفسي، وجهان لعملة واحدة. يتصّل زمن الأم مع هذا التفتّح، مع هذه البداية – أو بالأحرى مع هذه البدايات في صيغة الجمع حين تبدأ الأم في إنجاب المزيد من الأطفال أو عندما تصبح جدة لأحفادها. إن الطبيعة الزائلة لهذه الحياة التي قدمناها كأمهات لأطفالنا تثير بلا شكّ قلقنا وهمومنا، لكن رغم ذلك تشعر الأم بأعجوبة الولادة من خلال اختبار تلك الطبيعة الزائلة كبداية جديدة، وإن هذا الشعور بالمعجزة يغطّي على القلق. أُسمي هذه التجربة الأمومية للزمنيّة، ولا أقصد هنا التدفق الآني للزمن ولا ذاك الزمن الغابر الذي لا يمكن استعادته (ذاك الذي يشغل الرجال، عادة، فهم يميلون إلى أن يكونوا أكثر هوسًا به من النساء)، أسمّي تلك التجربة: المدّة الزمنيّة المعاشة بواسطة البدايات الجديدة. أن تكون حراً يعني امتلاك الشجاعة للبدء من جديد: هذه هي فلسفة الأمومة.

ابتهاج فالوسي؟(Phallic)، أي متعلق بالفالوس (Phallus) بالمعنى الرمزي وليس البيولوجي، ويشير في التحليل النفسي إلى نوع معين من اللذة والفرح، تتأسس على امتلاك القوة، كفرح الانتصار أو الفوز بالمال، مثلاً. (المترجم) إنكار الموت؟ أو البارانويا؟ هذه هي الشطحات التي تكمن وراء ولَه الأم. ومع ذلك، يمكن النّظر إلى الطابع الزمني للعاطفة الأموميّة من الناحية التحليلية كنوع من الانفصال عن كائن/غرض وحيد، والدعوة لتعدد الأغراض والعلاقات؛ يمكن أن يُنظر إليه على أنه مصدر «نزع- الولَه» والحرية، والتي هي في النهاية التحرّر من الوله نفسه. نرى أنه على الرغم من كونه نموذجاً أولياً للولَه البشري، فإن ولَه الأمهات هو أيضاً النموذج الأولي لنزع-الولَه، الذي يسمح للذات المتكلمة أن تأخذ مسافة فيما يتعلّق باثنين من أكبر معذبي النفس البشرية، واللذين يشكّلان أيضاً دعماً للوله، وهما: الدافع والغَرَضالغَرَض، أي ما نرتبط به بعلاقة، شيئاً كان أم كائناً، وهو يشكل بالإضافة إلى الدوافع البشرية التي لا يتمكن الإنسان التحكم بها، مصدراً للمعاناة البشرية. (المترجم).

على الرّغم من احتمال إثارة كلامي التالي للغضب، إلا أنني سأجرؤ على القول إن «الأم الجيدة بما فيه الكفاية» لا يسحرها أحد على وجه الخصوص: لقد طغى نزع -الوله عندها على الوله نفسه، ندعو نزع-الوله هذا عادة، في حال لم يصبح وحشياً (يمكن لذلك أن يحدث ولكنه ليس حتمياً)، راحةَ البال. راحةُ البال تحول دون وجود علاقة حصرية لأنها مفتوحة على جميع العلاقات. تُصوِّرُ كوليتروائية وكاتبة وصحفية فرنسية شهيرة، ربطتها بأمها علاقة خاصة كان عمادها مراسلات بلغة أدبية جميلة. (المترجم) لنا، أمّاً مثاليّة، أمها الحقيقية سيدو. مع أن سيدو ليست سوى امرأة ترفض رؤية ابنتها، لأنها تفضل رؤية برعم وردة صبّار وهو يتفتح على رؤية طفلها. «أم جيدة بما فيه الكفاية» لا يعجبها شيء ولا أحد، إلا «الانفتاح»: «التفتّح المحتمل، انتظار الزهرة الاستوائيّة يعطّل كل شيء، حتى قلبها الذي قُدِّرَ عليه الحب». بعبارة أخرى، كانت تبدو الحدود التي يفرضها الولَه الموجّه لشيء واحد مقيِّدةً لسيدو. في حين كانت الحدود التي تسعى لها هي حدود الكون. هل نقترب هنا من جنون البارانويا المتأصّل في ولَه الأمهات؟

يمكن القول إذن، في إعادة لصياغة ما قاله فرويد في الأنثى، أن «الأم الصالحة بما فيه الكفاية» يمكنها أن تقول: «لقد نجحتُ هناك حيث فشلت البارانويا». لقد نجحت والدة كوليت بالفعل، حتى لو لم تكن تذهب لرؤية ابنتها: إلا أنّها لم تتخلّ عن ابنتها لأنها نقلت لها ولَهها الشخصي باللّغة. (سيدو كانت قد كتبت رسائل رائعة لابنتها): انتهى الأمر بكوليت قائلة إن كاتبة الأسرة الحقيقية هي والدتها وليست «كوليت العظيمة»، كوليت الكاتبة!

ألا تشكّل القدرة على مشاركة العاطفة الأمومية من خلال هذه البهجة اللغوية طريقة لتوفير حضور أمومي أكثر حرية بكثير من الأم المفرطة في حضورها، والتي لا تزال ابنتها تعتمد عليها؟

3- يقودني هذا إلى قدرة ولَه الأمهات على التسامي. فقط لأنّ ولَه الأم هو تسامٍ مستمر، يصبح الإبداع عند الطفل ممكناً. يعتمد اكتساب الطفل للغة والقدرة على التفكير على دعم الأم بقدر ما يعتمد على وظيفة الأب. كيف يمكن للطفل تعلّم اللغة لو كانت النساء غير مناسبات للتسامي كما ألمحَ فرويد؟ ربما ورّطَ مؤسّس التحليل النفسي نفسه بطرد المرأة من جنّة التسامي بشكل متعجّل بناءً على هيوجيّة هستيريّة، مُقاوِمة للترميز، كان قد لاحظها عند النساء. في حين أن ولَه الأم على عكس الهستيريا، يعمل على تحويل الرغبة الجنسيّة بطريقة يتمّ فيها إرجاء الجنسنة (Sexualization)وهي عملية إضفاء الطابع الشهواني على الواقع، عن طريق إسقاط المشاعر الإيروسية على العالم الخارجي. (المترجم) بواسطة الميل نحو الحنان. في الوقت نفسه يصل الانسجام النرجسي، مقترناً بوجهه الآخر السوداويكما رأينا في مقطع سابق، فإن لنرجسية الأم دَورين: الأول يدعم أنا الأم ويعززها، والثاني يزعزعها ويخلخل هويتها. عن تجاور هذين الدورين المتضادين ينشأ ما يسمى «الجنون الأمومي». (المترجم)، إلى نقطة «جنون الأم» الذي يحكم قبضته عليها تماماً، مما يفسح المجال لما سأسميه «دورة التسامي» حيث تأخذ الأم موقعاً لنفسها متمايزاً عن مولودها الجديد.

لاحظ فرويد دورة شبيهة في عملية رواية وسماع النكات. ففي واقع الأمر، يعمل راوي النكتة على تحييد عواطفه الذاتية من خلال إيصال فكرة النكتة السطحية (نص النكتة): فهو يتراجع عن دوافعه وأفكاره الكامنة ويستثمر طاقته النفسية فقط في ردّة فعل المستمع. تتضاعف متعة الراوي عندما يفهم المستمع المعنى الخفي للنكتة، وإن كان في النكتة فخّ، فسيشعر المستمع بمتعة غامضة عندما يفهم أنه قد وقع في الفخ.

هذه الدورة من التسامي يمكن مقارنتها بما يحدث عندما تتبادل الأم والطفل الدوالّ، إذ ينطوي هذا التبادل على إرسال «دوالّ غامضة»الدوالّ الغامضة، مصطلح طوره لابلانش (Laplanche) نقلاً عن لاكان، وهي إشارات يتلقاها الطفل من أمه، دون أن يفهمها بشكل كافٍ. بمعنى أن تلك (الابتسامة، التنهيدة، المسح على شعر الطفل وغيرها) تبدو غامضة له ومثيرة للقلق. فالطفل يفشل في إيجاد معنى ذاتي لكل ما يأتيه من اللغة والمجتمع والآخر (الأم). Lost in Translation: Orientalism, Cinema, and the Enigmatic Sign، ص 20.، لفظيّة أو ما قبل لفظيّة، من قبل الأم؛ وينطوي ذاك التبادل أيضاً على تحييد الأم لدوافعها، والانتباه فقط لردّة فعل طفلها وحدها؛ وتتشابه الدورتان أخيراً بفائض اللّذة الناتج، أو التشجيع الذي يمنح للطفل مكافأةً على استجابته. أي أن الأم لا تستثمر في رسالتها الخاصة، بل تستثمر فقط في استجابة الطفل التي تحصل منها على مزيد من المتعة (Jouissance)، والتي تقوم الأم بدورها بتضخيمها وتشجيعها.

كما ترون، لا تخلو دورة التسامي هذه من الانحراف المتسامي فيما يتعلق بسلوك الأم وكلامها، فهي تؤجّل قبضتها المباشرة على الطفل حتى تشعر بمتعة أكبر معه، وكذلك في دورها  كحارس للمعنى الذي يجب على الطفل أن يتعلّمه، حتى حين يكون كل ما تفعله الأم «مزاحاً»! يا لها من أم! أليس كذلك؟

لكن الأمَّ في واقع الأمر تكفل بهذه الطريقة تسامي ولَهها المتناقض وتسمح للطفل بتكوين لغته الخاصة، وهو ما يعني اختيار لغة مختلفة عن لغة والدته، أو ربما حتى لغة غريبة تماماً.

أولئك الذين يزعمون أن وله الأم يفتقر إلى الفكاهة مخطئون: فإن كان بمقدرة الأمهات تحويل سيطرتهن على الطفل إلى دورة التسامي المشابهة لما يحدث في المزاح، وتعزز متعة التفكير عند الطفل، فإنهنّ دليل حيّ على زعم هيجل بأن النساء هنّ «السخرية الأبدية من المجتمع».

بعبارة أخرى، من خلال نزع الوله المتزايد و / أو من خلال قدرتها على التسامي، تسمح الأم لطفلها بإعادة تمثيل/ترميز غيابها وليس ترميز الأم نفسها («لا شيء يمكن أن يمثل الغرض الأمومي»، كما كتب أندريه جرين):

إذن وفقط إذا تُرك الطفل حراً، سيكون قادراً على تبييء الفكر الأمومي عن طريق إعادة خلقه بطريقته الخاصة في التفكير – إعادة التمثيل(Representation): وهي العملية التي تتشكل من خلالها الصورة الذهنية لشخص أو شيء غائب، وتنطوي على تحويل المدركات الحسية إلى رمز، صورة، فكرة أو أُخيولة. المصدر: The concept of Mental Representation; David Beres and Edward Joseph.. «الأم الجيّدة بما فيه الكفاية» هي إذن تلك التي تعرف كيف تغادر، لإفساح المجال للمتعة وللطفل وتفكيره. لتتركَ مساحة، يعني أن تختفي الأم عن إدراك الطفل. وهكذا فإن نوعاً ما من قتل الأم الرمزيّ يحدث عند اكتساب الطفل للغة والتفكير، مما يقلّل من حاجته إلى الاستمتاع بجسد والدته؛ يجد الطفل متعة في التفكير، أولاً مع والدته، بقدر ما تسمح به الطبيعة المتقطعة لتفكير الأم، ثم بمفرده، بدلاً عنها.

يحدث هذا بشرط أن تعرف الأم كيفيّة تحويل رسالتها إلى مزاح بدلاً من استعمالها كوسيلة لممارسة تأثيرها. فقط عندما يأخذ نزع الولَه دوره في تطور الولَه الأمومي، يمكن أن ينتقل التسامي من الجسد إلى الفكر وبالتالي تشجيع تنمية تفكير الطفل. إلا أنّ ولَه الأمهات ليس نوعاَ من السحر حتى لو كان قادراً على نزع الوله عن الفكر نفسه، وحتى لو نتج عنه تحويل الفكرة إلى مزحة، وبالتالي نقل مفاتيح الثقافة جنباً إلى جنب مع انتقال الحمض الوراثي النووي DNA.

لقد رأينا كيف يمكن رؤية ولَه الأمهات كفجوة بين إحكام الام قبضتها على طفلها من جهة والتسامي من جهة أخرى. هذا الانقسام يجعل خطر الجنون حاضراً دائماً، ومع ذلك فإن خطر الجنون نفسه يمنح فرصة دائمة لانتقال ثقافة المجتمع إلى الطفل. لقد نسجت الأساطير الدينية شبكاتها حول هذا الانقسام. في الكتاب المقدس، المرأة هي «فجوة» (هذا هو معنى كلمة «امرأة» – نيكايفا – بالعبرية) وملكة؛ العذراء هي «فجوة» في الثالوث المسيحي الأب / الابن / الروح القدس وهي ملكة الكنيسة. من خلال هذه التركيبات التصوريّة، تعالج الأديان هذا الانقسام الأمومي: ومن خلال الاعتراف به، عملت الأديان على تخليده ووجدت طريقة لموازنته. وهكذا تمّ التمهيد لنوع من الاشتغال على الجنون الأمومي، مما جعل من الممكن وجود إنسانيّة تتمتع بوظيفة نفسيّة معقدة، قادرة على أن تكون لها حياة داخلية وأن تكون مبدعة في العالم الخارجيجاء في اعترافات أغسطيونس، في معرض اعترافه حول موقفه من رفض أمه لسفره إلى روما، قوله: «أما هي فإنها كانت، بسبب رغباتها الجسمانية، تُسلط عليها سياط الآلام العادلة»، أي أنه كان يرى وله أمه به وطلبها لبقائه بجانبها نوعاَ من الرغبة الجسمانية، التي من الطبيعي أن ترتد عليها ألماً وعذاباً، فكأنه يقول إن التمزق والجنون الذي تعيشه الأم هو جزء لا يتجزأ من الولَه الأمومي، ويذهب إلى كون تلك الآلام تتعلق بالجسد الأنثوي بشكل عام: «وبتلك الآلام كانت تكشف عما ورثته من حواء»، فالأمومة تجاور الألم منذ لحظة الولادة: «إذ أنها تطلب بالنحيب ما كانت قد ولدته بالنحيب». يخلص أوغسطينوس الشاب الذي صار لاحقاً من آباء الكنيسة البارزين، إلى أنه كان محقاً في الذهاب إلى روما وترك أمّه خلفه في قرطاج، ليكمل رحلته إلى اعتناق المسيحية، لكنه ندم على عدم مواساته لألمها فقط وليس على تركها خلفه. وهنا نرى، كيف اعترف أغسطينوس بالوله الأمومي وجنونه، دون أن يرى إمكانية الحلّ في تسامي الرغبات الجسدية عند الأم، فالألم/الوله مُقدَّر على الأم/المرأة..

على العكس من ذلك، بتنا اليوم، ومن خلال تحويل كل انتباهنا إلى الجوانب البيولوجية والاجتماعية للأمومة، وكذلك التركيز على قضايا المساواة والحريّة الجنسية، أوّل حضارة تفتقر إلى خطاب حول الأمومة وتعقيداتها. حُلمي هو أن تساعد الحجج التي حاولتُ معالجتها هنا في الشفاء من هذا النقص، وأن تحثّ الأمهات ومن يرافقهنّ (أطبّاء النسائية والتوليد والقابلات وعلماء النّفس والمحلّلون) على صقل فهمنا لهذا الوله، المشبع بالجنون والتسامي.

هذا هو ما تفتقر إليه الأمومة اليوم.

ليوليا كرستيفا.

الجمهورية- موقع حزب الحداثة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
Translate