حداثة و ديمقراطية

جدلية الحرية والعلم في بناء الوجود الإنساني(١).

لقد دفعنا الوباء الذي أصاب العالم وقيّد الإنسان، وحدّ من حريته بمختلف أشكالها، وأعطى فرصة للسلطة بأن تجهز على مختلف مكتسبات الإنسان، بدعوى حالة الطوارئ، والتي بسببها سجن المواطن في بيته، وأصبح يترقب مذعورا أنباء انشار الوباء وقدرته على التنقل والفتك، فانضاف إلى سجن المنزل، سجن آخر، إذ أصبح الإنسان سجين مخاوفه وهواجسه، ينتظر ويترقب، آخذا الحيطة حتى من نفسه لكي لا تُنقَل له العدوى. من هنا قد نقول إن مثل هذه الأوبئة فرصة للحد من الحرية، وتدمير العلاقات الإنسانية، والزيادة في عزلة الإنسان واغترابه. وما يثبت ذلك هذا الذعر والخوف، بحيث شاهدنا مجموعة من التصرفات تعبّر عن ضعف هذا الموجود وقلة حيلته، سواء في طريقة تسوقه وادخاره، أو طريقة التعامل مع المرضى، والكيفية التي يتم بها التخلص من الإنسان، في حالة عدم قدرته على مقاومة الوباء، سواء قتل الرحم، أو الطرق المختلفة للانتحار. أمام هذا العجز الإنساني، لجأ هذا الأخير إلى ملاذ جديد، والذي يتمثل في العلم، بعد أن كان ملاذه الخرافة أو الأسطورة أو الدين. لم يعد الدين ذلك الملاذ الذي يلجأ إليه الإنسان لإنقاذ نفسه، وإنما أصبح العلم والمتمثل في العقل العلمي. لا يعني هذا القول إن العلم أصبح يعوض الدين، وإنما أصبح اللجوء إليه أمرا حتميا سواء في حالة الوباء أو في غيره، إذ لا يمكن مواجهة ما يجري، إذا لم يتسلح الإنسان بسلاح العلم، إذا أرادت الشعوب ومختلف أشكال الوجود الإنساني أن يتطور ويتقدم. أمام هذه الوضعية، وبسببها كان الدافع للقيام بهذه المحاولة للفهم والتفكير، لما يجري حولنا.

تعتمد هذه المقاربة على فهم العلاقة الممكنة بين العلم والحرية، والكيفية التي يساهم فيها الطرفان في بناء العالم الإنساني. وتقوم هذه العلاقة على معرفة حدود وحرية العلم، أو ما لا يمكن التفكير فيه علميا، أم أن العلم تجاوز هذه الحدود، وأصبحت له القدرة على خلق اعتقادات لدى الإنسان، أي الاعتقاد العلمي. يعني هذا أن الجواب العلمي أصبح بديلا للجواب الديني والفلسفي، لبناء عالم جديد، يقوم على أساس العقل العلمي، وليس على التصديق والإيمان، أو الشك والبحث عن الحقيقة. لقد أحيط الوجود الإنساني بمختلف أشكال العلوم التي تحاول إيجاد تفسيرات تقوم على دلائل علمية تجريبية لها هامش كبير من الصدق، سواء تعلق الأمر بمختلف العلوم الإنسانية، أو العلوم الحقة والدقيقة. وبالتالي، انقلب الوضع حول السيادة، بحيث لم تعد السيادة لما هو كليّ، وعام، وشامل، وإنما أصبحت السيادة للجزء، للبعض، للعلوم بعدما كانت محدودة بحدود الفلسفة أو ما هو عام ومتحكم فيها. إذن، تدخل العلم في الإنسان، هل يصب في خدمته وتوسيع هامش الحرية لديه، أم يعمل ضد وجوده وحريته؟ وهل إعطاء الحرية للعلم يجب أن تكون بشروط أم برفع القيود؟ وهل ينبغي أن يتقيد العلم بغيره أو بحدود من خارج العلم؟ بمعنى آخر، لماذا ينبغي أن يتدخل الدين والأخلاق والفلسفة في توجيه العلم ووضع الحدود له؟ ألا ينبغي أن تكون هذه الحدود من طبيعة العلم وإدراكه لحدوده أو محدوديته؟

صراع السيادة بين الإنسان والعلم

قيادة العلم للإنسان، أعطاه السيادة على غيره خصوصا الطبيعة، لكن، بهذه السيادة ساد العلم على الإنسان، وبدأ يتحكم فيه، ويحدّ من حريته، فبعدما كان وسيلة للسيادة، انقلب الوضع وتحول الإنسان إلى وسيلة في يد العلم، ولعل مختلف التجارب السرية، والاختبارات التي لا يعلن عنها، وتحويل الإنسان إلى موضوع للتجريب والاختبار، سواء بالتطوع، في خدمة العلم، أو بالسر، في مختبرات لا ندري عنها ولا عن وجودها. والأخطر من ذلك كله، هذا الذي يسمى بالذكاء الاصطناعي.

 لقد تجاوز العلم الإنسان، منذ تحويله إلى موضوع، أو شيء، أو مجال من مجالات الفهم، والتقصي والبحث، بعدما كان هو الباحث والسيد، ويؤكد هذا الأمر، عدم ثبات الأهداف والغايات، أو انقلاب الهدف على ذاته. فالغاية من العلم كانت تسخير الطبيعة لخدمة الإنسان وتحريره، فإذا بالأمر ينقلب إلى رغبة في السيطرة على الطبيعة، واستعباد الإنسان. وبالتالي، “إن الاكتشاف في العلم يقترب من نهايته ليفتح عصرا جديدا، هو عصر السيطرة على الطبيعة” . وهذا ما قد يؤدي إلى دخول العلم في صراع ومواجهة مع ذاته، إذ لم يعد يقف أمامه أيّ شيء، ولا يحدّه لا الأخلاق، أو ما يمكن تسميته، أخلاقية العلم، ولا الاقتصاد، إذ أصبح المستفيد الأكبر من لا محدودية وحدود العلم، ولا الدين (…) أصبح العلم في خدمة ذاته ونتائجه. لذلك نجد هذه المحاولات لفهم أوسع للإنسان بغرض التحكم فيه، وتقليص هامش الحرية لديه، بمعنى آخر، محاولة إخضاع الإنسان لمنطق العلم.

بدأ يتحول العلم إلى اعتقاد، أو تقليد يؤسس لعالم جديد، يسود فيه العقل العلمي، والذكاء الاصطناعي، والتحكم عن بعد، ونظام المراقبة، إنه إله جديد، يفتح خفايا الوجود الإنساني، ويغوص في أعماق الذات والكون، لفهم أسرارهما، لغرض ليس هو الذي وجد من أجله العلم. وهذا ما يؤكد مختلف الدعوات التي أصبحت تنادي بأهمية العقل العلمي، ودوره في تقدم الإنسان، وحل مختلف الأزمات.

لقد أثبت الجائحة، أن الإنسان ليس له اختيار، بحيث يتم استعباده بقلب الحقائق إلى أوهام، واستغلال بلادة الحواس، وخاصة حاسة البصر، في علاقتها بفن صناعة الصورة، والتفنن في كيفية التلاعب بعقول الناس، مادام “الإيهام بالواقع الذي يكون كبيرا على شاشة التلفزيون، خادع، لأنه غير مبرر سببيا. فأمام هذه الصورة المباشرة في الزمن، أعيش أنا المشاهد في الجهة الأخرى من الشاشة، أي في الواقع المسجل. هكذا تندثر الصورة كصورة مصنوعة، وينفي الحضور الطبيعي الزائف عن نفسه صفة التشخيص والتمثيل، وثمة تكمن الخدعة” ، وهو استخفاف لا حدود له، بمعنى آخر استغلال العقول بالقدرة على إتقان صناعة المعلومة، انطلاقا من مسلمة تقوم على ميل الإنسان إلى التصديق دون فحص أو تمحيص، وخصوصا طبقة من الناس. من هنا نفهم الطريقة التي أصبحت تسود بها التفاهة عالم الإنسان. إنها أسطورة من نوع جديد، الأسطورة القديمة كانت تعتمد على عدم قدرة الإنسان أو عجزه عن تفسير الظواهر الطبيعية، أدى به إلى خلق عالم من الآلهة وممارسة مجموعة من الطقوس، لخلق اعتقاد لديه أن هذا الأمر تتحكم فيه قوى خارقة يجب طاعتها والخضوع لها، ولما لا تقديم القرابين والتضحية، بغرض إرضائها ومهادنتها. أما الأسطورة الثانية، هي تحكم من له القدرة على استغلال الوسائل المتاحة لخلق أوهام أو أساطير جديدة لإقناع الناس بها، بناء على أسلوب جديد من التصديق، يتم فيه صناعة الحقيقة، ومن ثمة “ففعل الإقناع يتم تحليله باعتباره عملية شراء (لفضاءات أو أزمنة معينة)، ويتم التوجه إلى المواطن باعتباره مستهلكا، تم استطلاعه بعمق وتعيين موقعه التراتبي واستهدافه وترقيمه في جداول التسويق لمختلف رؤساء الشركات المهيمنة على السوق” . في هذه الأسطورة الثانية، لم تعد الحقيقة تتجاوز حدود فهم الإنسان، ولم تعد الهدف الذي يسعى إليه الإنسان بجهده وبحثه، وإنما الحقيقة بدأت تصنع، ويتم بناؤها وإعدادها حسب مقاسات الإنسان وطبقات التصديق لديه. تصنيف الإنسان، أصبح يعتمد على كيفية الإقناع والطرق الموصلة إلى استمالته. دخلنا مرحلة جديدة من القدرة على التلاعب بعقول الناس، بتوظيف مختلف الوسائل التقنية، للقيام بذلك.

طبيعة العلم وغايته

يعتمد فهم جدلية العلم والحرية، على فهم القصد من وجود العلم، والقصد منه خدمة الحرية، أو تحرير الفرد والإنسان بصفة عامة من حتمية الطبيعة، والاستعباد، والإحساس بالعجز أو النقص أو العوز عن فهم وتفسير مختلف الظواهر التي تحدث أمام أعين الإنسان. يتمثل الهدف في تحرير الإنسان من عجزه عن الفهم، وكانت الوسيلة الوحيدة لتحقيق ذلك هو العلم. ومن ثمة يعد العلم طريقا من طرق التحرر العقلي من قيود سوء الفهم أو العجز عن بناء تصور أو إعطاء تفسير واضح لما يجري حول الإنسان، ويهدد وجوده، ويقيد حدود ممارسته، يقول عبدالله العروي في هذا الصدد “لقد اعتبر المفكرون في بداية العهد الحديث أن العلم هو الوسيلة لتحرير الإنسان من قيود الطبيعة” .

لقد جبل الإنسان على الطلب والسؤال، أو محاولة فهم ما لا يفهم، أو العلم بما لا يعلم، أي البحث في المجهول عن المعلوم، وهذه الجبلّة، تنوعت في البحث عن الأجوبة، منها ما يميل إلى التصديق بخلق جواب يشكل فيما بعد اعتقاد الجماعة، أو تقليدا يُقلِد أعناقهم، ويشكل فيما بعد الأساس الذي يؤكد صدق الانتماء، والاعتزاز بالاعتقاد، وكل محاولة أخرى للفهم تعرض صاحبها للنبذ والإقصاء أو محاكمته بتحريف العقيدة، والخروج عمّا أجمع عليه الناس من تعودهم على التصديق دون إعمال لطرق التحصيل والطلب. فالأصل في الاعتقاد خوف الإنسان من المجهول، سواء تعلق الأمر بمصيره وما يهدد وجوده وحياته، أو عجزه عن المعرفة والتفسير والفهم لهذا الذي يهدد وجوده. إذن، يبنى الاعتقاد على عدم العلم أو المعرفة، بحيث يشكل العلم أو المعرفة طريقا من طرق تحرر الإنسان وتحريره من ذلك الخوف الذي يؤسس لمختلف تصورات الإنسان حول نفسه والعالم والإله.

كان العلم دائما، طريقا لتحرير الإنسان، من العجز والخوف، ومن التبعية نحو التعالي والتجاوز لما هو قائم، مكنته من السيادة والقيادة، وبعد ذلك بدأت الأمور تتحول للسيطرة والتحكم، وهذا ما أدى إلى الصراع بدل الانتظار، بين الإنسان والطبيعة؛ هذا الصراع مهد الطريق للوسيلة أي العلم إلى أن يتسيد مشهد الصراع، فقام بتحويل كلّ من الإنسان والطبيعة إلى وسيلتين، يتحكم فيهما ويسود عليهما.

أدت طرق توظيف العلم أو استغلاله، لخدمة غايات غير الغاية الأصل التي وجد من أجلها، إلى الانحراف عن مساره، والانقلاب على ذاته وغيره. تحويل العلم إلى وسيلة لخدمة إرادة الإنسان في السيطرة على الطبيعة والإنسان، جعلته يعدّل من وضعه في خدمة الإنسان إلى رغبة في السيطرة على هذا الأخير ودون حدود أو قيود تقيد ممارسته أو تحد من هذه الرغبة الجارفة في قيادة الإنسان إلى المجهول، فبدل أن يكون فاتحا لمغاليق الأمور وما يجهله الإنسان، قد يؤدي هذا العلم  إلى المجهول الذي يجهل كله ولا يعرف له حلا أو مخرجا. قد يؤدي العلم إلى تخريب العالم وتدمير الحياة فيه، بعدما كان له دور في تحرير الإنسان من الخوف من المجهول أو مما لا يعرف أمره.

لكن، الوضع بدأ يتغير، إذ أن “التجربة أظهرت في هذا القرن أن العلم قد يخدم الحرية كما قد يحاصرها ويقضي عليها” ، وقع انقلاب أو قلب الوضعية التي كان عليها العلم، من وسيلة للتحرر إلى مجال للتقييد والتضييق من هامش الحرية، وهو الأمر الذي يؤكد عليه عبدالله العروي، إذ يرى أن “العلم الحديث يرتكز على مبدأ الحتمية أي على نقيض الحرية كما يتصورها الرجل العادي. كلما تقدم العلم في ميدان يتعلق بالعمل البشري وبالمبادرة الفردية، تخوف الإنسان من أن تعطي الاكتشافات الجديدة للبعض وسائل التحكم في إرادة البعض الآخر” .

يكمن جوهر العلم في مقولة الكم، أي تحويل كل شيء إلى مقدار، قابل للتكميم والحساب، كيفيات الجوهر وأعراضه، أصبحت أهم منه، وهذا ما يؤكد على “تحول العلم الطبيعي إلى علم رياضي، منهجه كمي تجريبي” ؛ إذ قَلَب العلم طريقة النظر إلى الوجود والعالم والإنسان، فلم يعد الأمر يتوقف على تحديد الماهية أو الوصول إلى الحد الذاتي، بناء على البرهان الوجودي أو المنطقي، بغرض تعريف الأشياء بما هو ثابت فيها وليس بما هو قابل للزوال والتغير. الثابت في العلم هو التغير وعدم الثبات، أي محاولة ضبط التغير وفهم صيرورته، وهذا التغير لا يطال الجوهر في حد ذاته وإنما يطال أعراضه، وبذلك يكون العلم هو ضبط تغير التغير، أي محاولة التحكم فيما هو أصلا ليس من طبعه الثبات، وهو زائل ولا يمكن بأيّ حال أن يدخل في تحديد ماهية الجوهر. لهذا يمكن أن نسجل بأن تقدم العلم ناتج عن تغير الجوهر الذي يعمل على حسابه وإخضاعه للغة المقدار ومقولة الكم.

 ما ينبغي التنبيه عليه هنا، هو السيادة في عالم المقولات الأرسطية لم تعد للجوهر، أو المقومات الذاتية التي بها يحد الشيء ويعرف، وإنما أصبحت السيادة للمقولات العرضية، بمعنى آخر، انقلاب في الجوهر حدث بواسطة العلم وريادته، أو قيادته للعقل الإنساني؛ أصبحت مقولة الكيف هي الجوهر الفعلي الذي يحرّك العالم ويسود عليه، كل شيء قابل للحساب والكم والمقدار، كل شيء يُقوَّم كميا. لقد ترتب عن قلب الأدوار على مستوى الأهمية والأولوية، بين الجوهر وأعراضه، إلى سيادة العقل باعتباره فاعلا وليس منفعلا، أو أنه بفعل التطور الذي وقع في العقل أدى به إلى السيطرة والقيادة، وما أعطاه هذه الإمكانية هي مقولة الكم، بحيث تحول العقل إلى مقياس يعتمد على الحساب، ولغته لغة حساب الكم؛ لقد أصبح التفكير قائما “على التجريد والقياس الكمي الذي تتم فيه معالجة المعرفة بوصفها تجسيدا لقيمة تبادلية محددة في سوق الشخصية” . ترتب عن هذه السيادة نتائج على مستوى الوجود الإنساني، أو أن معنى الوجود الإنساني أصبح يعطى للأداة أو الوسيلة، وهو انقلاب آخر على الوضع الإنساني، إذ أصبح الإنسان وسيلة لما كان له وسيلة، أي تحول الإنسان إلى وسيلة للوسيلة، وأداة للأداة، “من هنا تعتبر ملاحظة سطحية تلك التي تؤكد على أن الإنسان قد أصبح عبدا للآلة، ذلك أن إبداء مثل هذه الملاحظات شيء وشيء آخر أن نتفكر ونبحث، ليس فقط بدرجة خضوع الإنسان المعاصر للتقنية، بل أيضا بدرجة التكيف مع جوهر التقنية التي تبقى مطلوبة من الإنسان بمدى الإمكانيات الأصيلة التي يتيحها مثل هذا التكيف، وهي إمكانيات ذات أثر على الوجود الإنساني الحر” . وتأثر هذا الوجود بالخصوص على مستوى الحرية، بحيث “لم نعد في خطر أن نصبح عبيدا، بل أن نصبح بشرا آليين” . فأصبح الإنسان مستلبا أو مغتربا، وآفة الإنسان في العالم المعاصر، الذي ساد فيه العقل العلمي بالخصوص، هما الاستلاب والاغتراب ، فقبل هذه السيادة “كان الإنسان يشعر أنه يضع يده في زمام الأمر، إن جاز القول، وبأنه متحرر من هيمنة القوى الطبيعية، قد أصبح سيدها في أول مرة في التاريخ. فقد تحرر من أصفاد الخرافة القروسطية، ونجح حتى السنوات المئة بين 1814 و1914 في خلق عصر من أكثر العصور التي عرفها سلاما. وشعر أنه فرد، لا يخضع إلا لقوانين العقل، ولا يتبع إلا أحكامه” . لكن، الأمر انقلب على الإنسان، وبدأ العقل يسود ويتسلط، وبدأ “يتميز النمو بازدياد إحلال العمل الآلي محل العمل اليدوي، وفوق ذلك بإحلال الذكاء الآلي محل الذكاء البشري” . وبالتالي، من نتائج سيادة العلم من خلال الحساب ومقولة الكم، بناء على عملتي التكميم أو القياس الكمي، والتجريد، سقوط الإنسان في حالة من الاغتراب، وهي حالة ناتجة عن غياب الحرية عن الوجود الفردي والاجتماعي. إذن، تكمن أزمة الإنسان الحديث في الاغتراب، وهي كلمة تتردد كثيرا، وهو ما جعل محمود رجب يفتتح كتابه “الاغتراب” بما يلي “ولو وجه علماء اللغة أجهزتهم لرصد ما يكتبه الباحثون والنقاد والفلاسفة في عصرنا الحاضر، فإنني لأراهن على أن كلمة “الاغتراب” سوف تحظى بالأولوية من حيث تردادها”

لمحمد بن يونس.

الجديد-موقع حزب الحداثة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
Translate