المرأة

الأُختِيّة: التضامن السياسي بين النساء(٥).

وقد قاد الانقسام إلى فصائل سياسية مختلفة وجماعات ذات مصالح خاصة، إلى وضع حواجز غير ضرورية أمام الأختيّة؛ حواجز  يمكن إزالتها بسهولة. تدفع المصالح الخاصة النساء المنقسمات ضمن مجموعات للاعتقاد بأن النسويات الاشتراكيات هن فقط من ينبغي عليهن التركيز على قضية الطبقة الاجتماعية، وأن النسويات المثليات هن من يجب أن يكنّ معنيات باضطهاد المثليين والمثليات، وأن على النساء السود فقط أو غيرهن من النساء الملونات الاهتمام بالعنصرية. يمكن لكل امرأة أن تقف في وجه المعارضة السياسية للاضطهاد القائم على التمييز بناءً على الجنس والعنصرية وكراهية المثليين والطبقية. في حين أنها قد تختار تركيز عملها على قضية سياسية أو قضية معينة، إذا كانت تعارض بشدة جميع أشكال الاضطهاد الجماعي، فإن هذا المنظور واسع النطاق سيكون واضحاً في جميع أعمالها بغض النظر عن خصوصيتها. كون الناشطات النسويات مناهضات للعنصرية والاستغلال الطبقي، فلا يهم ما إذا كانت النساء ذوات البشرة الملونة حاضرات للعمل أم النساء الفقيرات، إلخ… ستُعتبر هذه القضايا مهمة وستتم معالجتها، رغم أن النساء الأكثر تأثراً على الصعيد الشخصي باضطهاد معين سوف يبقين بالضرورة في طليعة تلك النضالات. يجب أن تتعلم النساء قبول مسؤولية محاربة الظلم الذي قد لا يؤثر علينا بشكل مباشر كأفراد. تعاني الحركة النسوية، مثلها مثل الحركات الثورية الأخرى في مجتمعنا، عندما تكون الاهتمامات والأولويات الفردية هي السبب الوحيد للمشاركة. عندما نُظهر اهتمامنا بالجماعة، فإننا نعزز تضامننا… تحتاج النساء للالتقاء في المواقف التي تحتمل وجود خلاف إيديولوجي، وللعمل  على تغيير هذا التفاعل بحيث نحقق التواصل. هذا يعني أنه عندما تجتمع النساء، بدلاً من التظاهر بالاتحاد، فإننا نعترف بأننا منقسمات ويجب علينا تطوير استراتيجيات للتغلب على المخاوف والتحيزات والاستياء والتنافس، إلخ… دفعت الخلافات السلبية الشديدة التي حدثت في الأوساط النسوية العديد من الناشطات النسويات إلى تجنب التفاعل الجماعي أو الفردي، حيث قد تؤدي احتمالية الخلاف إلى المواجهة. وجرت إعادة تعريف السلامة والدعم لتعني الاكتفاء بمجموعات تلتقي فيها المشاركات على قيم متشابهة. وبينما لا تريد أي امرأة الدخول في خلاف يتم فيه تدميرها نفسياً، يمكن للنساء أن تواجهن بعضهن البعض، وأن تختلفن أو تتصارعن حتى، ثم يمكن لهن تخطي العداء للوصول للتفاهم. يُنظر للتعبير عن العداء كفعل عديم الفائدة، لكن عندما يكون هو المحفز الذي يدفعنا للمزيد من الوضوح والفهم، فإنه يصبح ذا جدوى.

تحتاج النساء لتجربة العمل رغم العداء للوصول إلى التفاهم والتضامن، ولو كان ذلك فقط لتحرير أنفسنا من التنشئة الاجتماعية المتحيزة جنسياً، التي تخبرنا بتجنب المواجهة لأننا سنكون الضحية أو سيتم تدميرنا.

عندما تكافح النساء بشكل فاعل، وبطريقة داعمة حقاً، لفهم اختلافاتنا ولتغيير وجهات النظر المُضللة والمشوهة، فإننا نضع الأساس لتجربة التضامن السياسي. التضامن ليس مثل الدعم. لتجربة التضامن، يجب أن يكون لدينا وحدة من المصالح والمعتقدات والأهداف المشتركة التي نتحد حولها لبناء الأختيّة. يمكن للدعم أن يكون أمراً عرضياً، ويمكن منحه أو التوقف عنه بنفس السهولة. في حين يتطلب التضامن التزاماً ثابتاً ومستمراً. في الحركة النسوية، هناك حاجة للتنوع والخلاف والاختلاف إذا أردنا أن ننمو. كما أكدت جريس لي بوجز وجيمس بوجز في كتاب الثورة والتطور في القرن العشرين:

إن التقدير لواقع التناقض مبني على أساس مفهوم النقد والنقد الذاتي. النقد والنقد الذاتي هو  الطريقة التي يمكن بها للأفراد الذين توحدهم الأهداف المشتركة أن يستخدموا بوعي اختلافاتِهم والأمور التي تقيدهم، مثل السلبية، من أجل تسريع تقدمهم الإيجابي. الصيغة الشائعة لهذه العملية هي ‘تغيير الأمر السيء إلى آخر جيد…

لا تحتاج النساء للقضاء على الاختلاف ليشعرن بالتضامن. ولا نحتاج لتقاسم القمع المشترك للقتال على قدم المساواة من أجل إنهاء الاضطهاد. لسنا بحاجة للمشاعر المعادية للذكور لربطنا ببعضنا البعض، إذ أن الخبرة والثقافة والأفكار التي يجب أن نشاركها مع بعضنا البعض أمر عظيم. يمكننا أن نكون أخوات توحدنا المصالح والمعتقدات المشتركة، متحدات في تقديرنا للتنوع، متحدات في كفاحنا لإنهاء التمييز بناءً على الجنس، متحدات في إطار تضامن سياسي.

لبيل هوكس.

الجمهورية- موقع حزب الحداثة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
Translate