في تطور جديد وصل الملف السوري من واشنطن، أعلنت السفارة الأميركية في دمشق، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أن شهر آذار/مارس سيكون شهر محاسبة لحكومة دمشق، مشجعة السوريين على المشاركة من خلال هاشتاغ “#شهر_المحاسبة”.
جاء ذلك قبل أيام فقط من الذكرى الحادية عشرة لانطلاق الاحتجاجات الشعبية ضد الحكومة في سوريا.
إعلان واشنطن أن الإفلات من العقاب سينتهي في سوريا، يطرح عدة تساؤلات حول كيفية محاسبة الولايات المتحدة للرئيس السوري بشار الأسد في مثل هذا الوقت، فضلا عن حدود هذه المحاسبة وما المتوقع منها، وفيما إذا سيشهد الملف السوري الكثير من المتغيرات، بانطلاق شهر المحاسبة.
الأدلة أصبحت جاهزة؟
يقول المحلل السياسي، بسام القوتلي في حديث له إنه من الصعب التوقع ما هي الخطوات الفعلية التي ستتخذها الولايات المتحدة في شأن المحاسبة. خصوصا أن الولايات المتحدة ليست عضوا في محكمة الجنايات الدولية ولا تدعم عملها.
ولكن، ووفقا للقوتلي، فيمكن فتح المجال أمام محاكمة الرئيس السوري، بشار الأسد، في المحاكم الأميركية أو دولة أخرى، كما يمكن زيادة الضغط لمنع التطبيع معه. مشيرا إلى أن الأهم هو دعوة الولايات المتحدة لاجتماع دول أصدقاء سوريا بما فيهم تركيا. فقد يكون هذا اللقاء بداية لتصعيد جديد في سوريا لإخراج روسيا، بما قد يفتح المجال لتغييرات أوسع.
ومن جهته، قال عضو اللجنة الدستورية، المحامي حسن الحريري، إن شهر المحاسبة من وجهة نظر أميركية، جاء لأن الموقف الأميركي بهذا الصدد أو بهذا الخصوص لم يتغير منذ سنوات. كما أن الإدارة الأميركية على لسان المسؤولين فيها يقولون ويتمسكون بموضوع المساءلة والمحاسبة لمرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
ويعتقد الحريري، خلال حديثه لـه، أن الإعلان عن شهر المحاسبة في التوقيت الحالي، يعني أن هنالك أمل بهذا الخصوص. وهذا مقرون مع زيارة وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، قبل أيام إلى موسكو، إذ إن الأخيرة نصحته بالتفاهم مع المعارضة السورية.
وأوضح الحريري، أن مقداد قالها صراحة “أن المعارضة السورية مصرة على المساءلة”، وهو ما يعني أن هناك جدية في التعاطي مع هذا الموضوع. والجانب الآخر هو أن العديد من المنظمات جمعت كم هائل جدا من الأدلة، والآن أصبحت جاهزة للتعاطي معها على شكل قضايا.
لا تعويم للأسد؟
ويرى الباحث في مركز “جسور للدراسات”، وائل علوان، أن المحاسبة في هذا الشهر، هو تأكيد أن الموقف الأمريكي ما زال موقف يمنع ويرفض تعويم الأسد وتطبيع العلاقة معه. مضيفا، إذ “ينظر إلى النظام السوري بنظرة الإدانة الجنائية والقانونية وليس بنظرة إمكانية التسوية السياسية”.
ويبيّن علوان، أنه لا يوجد آليات لمبدأ المحاسبة، فإذا اقتصرت المحاسبة السياسية على العقوبات الاقتصادية. أو على منع التواصل السياسي، فالأمر على ما هو عليه. ولن يكون هناك انفراج بالنسبة للشعب السوري.
ويشير علوان، إلى أنه لو ذهبت المحاسبة إلى الإدانة الدولية عبر محكمة الجنايات الدولية. فهذا سيكون له تأثير سياسي أكبر. ولو كانت المحاسبة تمتلك أدوات الضغط العسكري والأمني ودعم المعارضة فسيكون هناك تأثير بالفعل إيجابي على الأرض يخلق فرصة جديدة لحل القضية.
واشنطن للأسد: بدأ شهر المحاسبة
نشرت السفارة الأميركية في دمشق، أمس الأربعاء، تغريدة عبر حسابها الرسمي على منصة “تويتر” أعلنت فيها، بأن شهر آذار/مارس الجاري سيكون “شهر المحاسبة”، مشيرة إلى أن الإفلات من العقاب “سينتهي” في سوريا.
وذكرت السفارة أن الرئيس السوري الحالي، بشار الأسد، قد ارتكب على مدى الـ11 عاما الماضية جرائم عديدة ضد السوريين، من تعذيب واعتقالات. وأوضحت السفارة أيضا، “أنها ستسلط الضوء على كيفية قيام السوريين والمجتمع الدولي بمتابعة المساءلة عن هذه الجرائم”.
وتعليقا على التغريدة، قال متحدث في وزارة الخارجية الأميركية، في تصريح لوسائل إعلامية محلية، أنه “يظل التزامنا ثابتا بالسعي إلى محاسبة المسؤولين عن الجرائم في سوريا والسعي لتحقيق العدالة للضحايا”. مضيفا، “لن يرى الشعب السوري أبدا سلاما مستقرا ومنصفا ومستداما بدون مساءلة”.
وقال: “الإفلات من العقاب لا يطاق، وسنواصل الدعوة إلى المساءلة عن أفظع الجرائم. فضلا عن دعم لجنة التحقيق والآلية الدولية المحايدة والمستقلة”. وختم حديثه، “على المجتمع الدولي أن يواصل حث النظام على اتخاذ خطوات ملموسة لحماية حقوق الإنسان. بما في ذلك الالتزام بسيادة القانون ووقف التعذيب والإعدام خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري”.
الجدير ذكره، أنه في ظل الغزو الروسي لأوكرانيا، تتواصل الجهود، لإجراء محادثات بين الأطراف المعنية بالملف السوري في واشنطن اليوم الخميس. من أجل البحث عن خيارات التوصل إلى تفاهم سياسي ينهي الاستعصاء الحاصل بسوريا. في ظل تعنت روسي وتمسك بالملف السوري بغية تحقيق مصالح موسكو الاستراتيجية في المنطقة بالانطلاق من سوريا.