افتتاحية الحداثة

في خلفيات السياسة الروسية في اوكرانيا ، قراءة من منظور مختلف . افتتاحية موقع الحداثة .


لم يتصرف الغرب بحكمة مع روسيا الاتحادية بعد تفكك الاتحاد السوفييتي و الحاق الهزيمة بالمنظومة الاشتراكية وانهاء الحرب الباردة لمصلحته ، اذ لم يلتزم بتعهداته معها فيما يخص عدم توسيع حلف شمال الاطلسي و تمدده شرقا رغم تأكيدات شفهية ادلى بها زعماء الدول الغربية و الولايات المتحدة لميخائيل غورباتشوف آخر رئيس سوفييتي انذاك ،و لم يدمجها في منظومته و تحالفاته العسكرية و حلف الناتو كما طلب ذات مرة بوتين من الرئيس الامريكي كلينتون ، لقد عاملها كأمة مهزومة ، و تركها لمصيرها الموجع اقتصاديا ووطنيا في مرحلة التسعينات ، دون يقدم لها عونا اقتصاديا ،ودون ان يقوم بأي خطوات جادة و فعالة لدمجها في الثقافة الليبرالية ، إنه بالفعل لم يقم بأي شيء يمنع تعزيز المشاعر الوطنية المتعصبة ويحد من تعاظم الشعور لدى الروس و معظم الطبقة السياسية الروسية بالاستهداف و عدم الاحترام، كأنه لم يتعلم الدرس سواء من اذلال ألمانيا بعد هزيمتها في الحرب العالمية الاولى ، حيث قاد و مهد ذلك في نهاية المطاف الى اندلاع الحرب العالمية الثانية ،او من موضوع احتوائها و تقديم الدعم الاقتصادي الهائل لها ودمجها في الثقافة الليبرالية و في منظوماته الامنية و العسكرية بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية ، و بالتالي انهاء عقدة ألمانيا التاريخية مع نفسها و مع العالم .

و رغم ان حصول نزاع عسكري عالمي الطابع لا يزال امرا مستبعدا الا أن الغرب بالبراغماتية السياسية قصيرة النظر و العقل الحسابي الادواتي و بالتركيز على ذاته و الغرق في شبكات البيروقراطية المعقدة و الجامدة التي تقف خلف صناعة سياساته ،يسهم بتكريس المشكلة الروسية في السياسة الدولية ، تلك التي تسببت في تعميق مأساتنا في سورية من خلال تمظهرها في الحدث السوري كاحد المداخل التي تدفع باتجاه استعادة الدور الروسي في النظام الدولي وبتحويل السياسة الروسية الى خزان مشاكل يهدد باشعال ازمات كبرى سواء في اوربا او على صعيد الساحة الدولية على نحو عام . .

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
Translate