قرار حكومي عراقي بتجارة مفتوحة مع دمشق، تتمثل بزيادة دخول الشاحنات التجارية السورية إلى بغداد وجميع محافظات العراق، فما الأسباب ومن المستفيد؟
في سوريا وصفت دمشق موافقة رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي على فتح التجارة مع دمشق، بأنه يعتبر “نقلة نوعية” في إطار زيادة التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين.
رئيس اتحاد شركات النقل في سوريا محمد كيشور، بين أن القرار سيسمح بزيادة عدد الشاحنات السورية التي تدخل العراق إلى 100 شاحنة يوميا، بدلا من 15 شاحنة كانت تدخل خلال الفترة الحالية.
لكن ما الذي دفع بغداد إلى هذا القرار؟ خاصة وأنها عادة ما تستخدم سوريا “ترانزيت” لتصدير التمور إلى لبنان ومنها إلى أوروبا، ولا تصدر غيرها إلى دمشق.
“القرار يأتي، من أجل تنويع مصادر الاستيراد في العراق”، بحسب الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني، الذي يضيف بأن ما تستورده بغداد من دمشق هي الفواكه والخضروات والحمضيات بشكل أساسي.
رد فعل ضد إيران
و يصرح المشهداني، أن الاستيراد من سوريا ليس حديث العهد، وبدأ منذ التسعينيات عندما كان العراق في حصار اقتصادي، واستمر الاستيراد والتبادل معها حتى دخول “داعش” للبلدين، ثم عاد التبادل الثنائي بعد دحر “داعش” في 2019.
ويتابع المشهداني، أن ما حدث هو فقط زيادة لحجم التعاون والاستيراد من دمشق، وسبب ذلك هو سياسة الكاظمي، الذي يرفض أن تكون مصادر استيراد العراق محصورة مع دولة بعينها.
ويقول إن، القرار جاء لضرب إيران وتركيا؛ لأنهما يعتبران العراق الرئة الاقتصادية لهما، لذا اتجه الكاظمي لزيادة الاستيراد من سوريا، ليبين لطهران وأنقرة أن بغداد ليست معتمدة على جهة بعينها.
ويوضح أن، سبب هذا التوجه، قطع إيران للغاز الذي تورده إلى بغداد التي تستخدمه في توليد التيار الكهربائي، ما تسبب بانقطاع الكهرباء بشكل شبه كلي عن البلاد.
أما فيما يخص أنقرة، فذلك يعود لسياستها التي تنتهجها ضد بغداد عبر قطع حصة العراق من مياه نهر الفرات، بالتالي فإن الورقة المثلى بيد الكاظمي هي تنويع مصادر الاستيراد مع جل الدول ومنها سوريا وقطر والخليج، وتحجيمها مع طهران وأنقرة.
ويشير المشهداني، أن هذا القرار يأتي كامتداد لقرار بغداد الأخير باستيراد الغاز من قطر، ناهيك عن قرارها الآخر بربط العراق مع السعودية فيما يخص الطاقة الكهربائية، وعدم الاعتماد على طهران.
قرار سياسي بصبغة اقتصادية
ويلفت إلى أن، الشعب العراقي معتاد على الأغذية السورية منذ عقود، وهو يفضلها على نظيراتها الإيرانية والتركية، وقرار بغداد بزيادة استيرادها سيجعل الناس تقبل عليها وتبتعد عن الأخريات.
ويوضح المشهداني، أن المنتجات الغذائية السورية أكثر جودة من الإيرانية وغيرها، كما أنها أرخص من البقية في السوق العراقية، ما سيجعلها أكثر استهلاكا.
ويختتم بأن، سوريا هي الأكثر استفادة من فتح التجارة مع بغداد؛ لأنها ستحسن من وضعها اقتصاديا، أما العراق، فهو اتخذ هذا القرار لضرب إيران وتركيا سياسيا بصبغة اقتصادية.
يجدر بالذكر، أن أبرز البضائع السورية التي يستوردها العراق، هي الفواكه وبعض الحمضيات وبعض المواد الغذائية كالبسكويت، بالإضافة إلى بعض السلع المصنعة كالمواد البلاستيكية والألبسة.
ويتم التبادل التجاري بين بغداد ودمشق بريا، من خلال منفذ “القائم – البوكمال” الحدودي الذي يربط محافظة الأنبار العراقية بمحافظة دير الزور السورية.
وتوقفت الحركة التجارية بين البلدين في 2014، نتيجة سيطرة “داعش” على أجزاء واسعة من سوريا والعراق، ليعود التبادل التجاري، عبر فتح منفذ “القائم – البوكمال” مجددا عام 2019، بعد القضاء على “داعش”.