المرأة

مشاركة المرأة في الحياة السياسية تشجّع ثقة المواطنين في الديمقراطية

غالباً ما ينظر إلى النساء العاملات في السياسة من حول العالم بأنهنّ أكثر صدقاً وتجاوباً مقارنةً بأقرانهنّ من الرجال، وهي صفات تشجّع على الثقة في المؤسسات الديمقراطية والتمثيلية. كما تشجّع مشاركتهنّ على تحلّي الهيئة الحاكمة بالشرعية بما أنها تمثّل المجتمع الذي تعمل فيه.

في دراسةٍ شملت 31  دولة ديمقراطية، يرتبط حضور المزيد من النساء في الهيئات التشريعية ارتباطاً إيجابياً بالنظرة المحسّنة إلى شرعية الحكم بين الرجال والنساء.

تتوافر أدلّة دامغة من القطاع الخاص تثبت أنّ التوازن بين الجنسين وسط صنّاع القرار يحسّن إلى حدّ كبير من نتائج عمليات صنع القرار. في دراسة شملت ألف شركة مصنّفة في مجلة “فورتشن”، وجد الباحثون علاقةً مشتركةً إيجابيةً وقويةً بين أداء الشركة ومستوى التنوع الاجتماعي والعرقي في مجلس الإدارة. وتبيّن أنّ الشركات التي تضمّ امرأتين على الأقل في مجلس الإدارة تتمتع بأداء أفضل  من الشركات التي لا تضم النساء في صفوفها،  ما يمكن اعتباره وصفةً ناجحةً يمكن ترجمتها في هيئات صنع السياسات.

عندما تنتخب النساء، غالباً ما يشعرن بالضغط وأهمية بذل المزيد من الجهود، ليثبتن أنفسهنّ في الدور الذي يضطلعن به، فيعملن على إقرار قوانين جديدة ويشاركن في النقاشات حول السياسات. في العامين 2005 و2006، قدّمت المشرّعات معدلاً من 14.9 خطابات من دقيقة واحدة في الجلسات التشريعية الافتتاحية مقارنةً بالرجال الذين حققوا معدلاً وسطياً من 6.5.

صنّفت استطلاعات الرأي العام في الولايات المتحدة الأميركية النساء في مواقع أعلى من الرجال في خمس من سبع مجالات أساسية في صناعة السياسات بما في ذلك “التوصّل إلى تسويات، والمحافظة على نزاهة الحكومة، والالتزام بما يؤمنون به، وتمثيل مصالح الناخبين.”

المرأة تضع التعليم والصحة، والمؤشرات الأساسية الأخرى للتنمية في سلّم الأولويات

عند تمكين المرأة في دورها كقائدة سياسية، تختبر الدول معايير عليا من العيش وتطوّرات إيجابية ملحوظة في التعليم، والبنية التحتية، والصحة، والخطوات الملموسة لتحقيق الديمقراطية.

  • انطلاقاً من البيانات المستطلعة من 19 دولة من دول التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، وجد الباحثون أنّ ارتفاعاً في عدد المشرّعات ينتج عنه زيادة في مجموع النفقات التعليمية.
  • في مسحٍ شمل 187 امرأة في المناصب العامة في 65 دولة، وجد الاتحاد البرلماني الدولي أنّ تسعين بالمئة يرين من مسؤوليتهنّ تمثيل مصالح النساء والمدافعة عن سائر أفراد المجتمع.
  • في الهند، تبيّن الأبحاث أنّ القرى الواقعة غرب بنغال تحظى بنسبة تمثيل أكبر في المجالس المحلية وقد شهدت استثماراً في مرافق مياه الشرب التي تضاعفت مقارنةً بالقرى ذات المستويات المتدنية من النساء المنتخبات، كما من المرجّح أن تكون الطرقات أفضل حالاً بمرتين. وقد كشفت الدراسة أيضاً أنّ وجود امرأة في رئاسة المجلس تقلّص من الهوة بين الجنسين في المدارس بنسبة 13 نقطة مئوية.
  • على الرغم من أنّ النساء البرلمانيات في الأرجنتين يمثّلن فقط نسبة 14% من النواب فقد قدّمن ما لا يقلّ عن 78 بالمئة من مشاريع القوانين المتعلقة بحقوق المرأة.
  • في دراسة حول النساء السويديات في الهيئات التشريعية المحلية، أبدت النساء أفضليةً لرعاية الطفل والعجزة مقارنةً بالمواضيع الاجتماعية الأخرى. وهذه الاختلافات في الأولويات تنعكس في أنماط الإنفاق المحلية، بمزيد من التمويل الموجه نحو رعاية الطفل والمسنّ في الدوائر الانتخابية ذات نسبة التمثيل المرتفعة من النساء.
  • سمّت نسبة 14% من المشرّعات في الولايات المتحدة الأميركية الرعاية الصحية القضية الأولى ذات الأولوية، مقابل نسبة 6% فقط من المشرّعين الذين اعتبروها قضيةً هامة. والأمر مشابه في مختلف أنحاء العالم حيث تولي المشرّعات دوماً التركيز على الرعاية الصحية.
  • تبيّن الأبحاث أنّ النساء غير المواليات للنسوية أكثر ميلاً لوضع القضايا التي تمثّل النساء في سلّم الأولوية، بالمقارنة مع زملائهنّ الرجال.
  • في أماكن منوّعة مثل تيمور الشرقية، وكرواتيا، والمغرب، ورواندا، وجنوب أفريقيا، أدّى الارتفاع في عدد المشرّعات إلى اعتماد تشاريع مرتبطة بمناهضة التمييز، والعنف المنزلي، والقوانين الأسرية، والإرث، ورعاية الطفل وحمايته.

وتعتبر مشاركة المرأة أمراً حيوياً  – ومن المهم الاعتراف بأنّ النساء لسن عبارة عن مجموعات متجانسة. فوفقاً لما إذا كانت المرأة شابةً أو أكبر سناً، متعلّمةً أو غير متعلّمة، تعيش في المناطق الريفية أو الحضرية، فهي تختبر تجارب حياتية مختلفة تؤدّي إلى أولويات واحتياجات مختلفة. علاوةً على ذلك، ربما لن تقدم كلّ امرأة تنتخب في البرلمان أو أي هيئة تشريعية أخرى بوضع قضايا المرأة أو حقوقها في مقدّمة جدول أعمالها. فتمثيل المرأة ليس العامل الوحيد، ولكنّه عامل مهم لتنمية أنظمة ديمقراطية شاملة، مستجيبة، وشفّافة.

ما أهمية المرأة في الحياة السياسية إذاً؟ إنّ التأثير الإيجابي للمرأة في السياسة واضح وجليّ. وقد أشار كوفي عنّان مرةً: “تعلّمنا، دراسةً تلو الأخرى،  أنّه ما من أداة أكثر فعاليةً في تحقيق التنمية من تمكين المرأة. فما من سياسة أخرى كفيلة في أن تزيد من الإنتاجية الاقتصادية أو تخفّف من نسبة الوفيات لدى الأطفال والأمهات. ما من سياسة أخرى تضمن تحسّن التغذية، وتعزيز الصحة، بما في ذلك منع انتشار فيروس السيدا. ما من سياسة أخرى قادرة على زيادة فرص التعليم للأجيال المقبلة.” فضلاً عن ذلك، وكما سبق لمادلين أولبرايت أن أكّدت، فإنّ العالم يفقد مورداً غنياً من موارده  في طريقة التمثيل الدنيا للمرأة في المواقع القيادية، وهو أمر غالباً ما ينتج في استبعاد المرأة وتجاهل مهاراتها في الحياة السياسية.

يجب أن يعمل المشرّعون رجالاً ونساءً معاً من أجل إيجاد الحلول للمشاكل في بلدانهم. ولتحقيق الأهداف الإنمائية العالمية وبناء ديمقراطيات قوية ومستديمة، لا بد من تشجيع المرأة، وتمكينها، ودعمها لتضطلع بدور قيادي في الحياة السياسية وفي المجتمع المحليّ.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
Translate