المرأة

روزا ليكسمبورغ: “من أجل عالم نكون فيه متساوون اجتماعيا، مختلفون إنسانيا، وأحرارا تماما”

بعد مئة سنة، مازالت حياتها وعملها ونضالها مصدر إلهام لمن هم منا، الذين لا يقبلون بمستويات أعلى من المساواة في هذا النظام العفن، بل يتطلعون إلى عالم جديد، نكون فيه جميعا كما قالت: “متساوون اجتماعيا، ومختلفون إنسانيا، وأحرار تماما”.

روزا ليكسمبورغ كانت شخصية عظيمة، لم تهتز أمام أي شيء. لقد واجهت التحريفية المتجسدة في شخصية برنشتاين، داخل الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني الذي كانت نشطة فيه منذ وصولها من بولندا. تحدت كاوتسكي من أجل السلطة العظيمة للأممية الثانية. وكانت أحد مؤسسي رابطة سبارتاكوس، ولاحقا الحزب الشيوعي الألماني. كانت لها جدالات مع لينين، عندما اعتقدت أن هذا كان ضروريا. كل شيء بدأ بموقفها الكفاحي، والثوري، والأممي كلفها في النهاية حياتها. قتلت تحت مسؤولية الحكومة الاشتراكية الديمقراطية الألمانية. بالنسبة لروزا ليكسمبورغ كانت الثورة الإشتراكية كل شيء، وما تبقى خارج السياق.

النضال من أجل تحرير المرأة كجزء من تحرر الطبقة العاملة بأسرها

في عملها وكفاحها، كانت قضية المرأة تهمها بذات القدر. يقال أن سبب رفضها للطلبات المتكررة للعب دور أكثر مباشرة في القسم النسوي للحزب، كان اعتبارها لأن ذلك وسيلة لإبعادها عن المشاركة المباشرة في المناقشات السياسية والنظرية للاشتراكية الألمانية.

لكن روزا ليكسيبمورغ كانت صديقة ورفيقة سياسية ملازمة لكلارا زيتكين، التي كرست حياتها لتنظيم النساء العاملات، والتي تعتبر رائدة “النسوية الاشتراكية”.

لقد شاركت معها في الحركة النسوية الإشتراكية، إضافة إلى تعاونها بالمقالات في صحيفة “المساواة” التي تستهدف العاملات، والتي كانت تقودها زيتكين. لقد ساعدت في تنظيم المؤتمر الأممي الثاني للمرأة الاشتراكية، والذي عقد في كوبنهاجن في آب 1910. وهو المؤتمر الذي اقترحت فيه زيتكين تأسيس يوم عالمي للمرأة العاملة، والذي وافق عليه بحماس أكثر من 100 مندوب عن 17 بلدا، والذي بعد ثورة العام 1917 الروسية تحدد بشكل نهائي في الثامن من آذار.

كانتا معا أيضا في النضال لتوحيد النساء الإشتراكيات ضد المذبحة الإمبريالية للحرب العالمية الأولى، والتي رفضها كلاهما، محاربتين ضد استسلام الاشتراكية الديمقراطية للحملة الصليبية الإمبريالية الوطنية. خيانة للأممية العمالية، والتي كانت تعني إفلاس الأممية الثانية. في آذار 1915 نظمت زيتكن المؤتمر الأممي لـ “نساء ضد الحرب”، والذي شارك فيه 25 مندوبا من البلدان المتحاربة، والذي كان من المقرر أن تشارك فيه روزا ليكسمبورغ. لكن تحديدا بسبب دفاعها عن المبادئ الأممية، تم اتهامها بـ “الخيانة” وسجنها، ما منعها من الحضور.

في الواقع، لم تعتبر زيتكين ولا روزا ليكسمبورغ نفسيهما “نسويتين”. بعض المصادر تشير إلى أن العبارة الشهيرة: “من هي اشتراكية وليست نسوية تفتقر إلى السعة، ولكن من هي نسوية وليست اشتراكية تفتقر إلى استراتيجية”، والتي تنسب إليها خطأ، هي في الحقيقة للفنانة الأمريكية والإشتراكية لويز نيلاند.

ذلك لأنه في حياتهما ونضالهما، ارتبطت النسوية بالنضال من أجل حق الاقتراع، الحق في التصويت، والذي اعتبرتاه “نسوية برجوازية”. حركة انفصلت عن الطبقة العاملة، وسعت إلى تحسين الوضع الإجتماعي للمرأة، عبر اكتساب حق التصويت، لكن دون تحدي قواعد اللعبة للمجتمع الرأسمالي.

لم تستخف كلا الثائرتين إطلاقا بالنضال من أجل ذلك الحق الديمقراطي، لأنهما فهمتا أهمية القتال من أجله. لكنهما لم تقوما بدعوة العمال للانضمام إلى صفوف حركة حق الاقتراع، بل من أجل محاربة التمييز الجنسي في صفوفهما، حاربتا من أجل حركة اشتراكية لتتولى الدفاع عن هذا الحق. وبهذه الطريقة، كان الحزب الإشتراكي الديمقراطي الألماني أول حزب سياسي أوروبي يدرج هذا الحق النسوي في برنامجه.

روزا ليكسمبورغ دعت إلى “عدم التقليل من أهمية النضال من أجل حق المرأة في الاقتراع، حيث أن الصحوة السياسية والنقابية الاستثنائية لجماهير البروليتاريا النسوية في السنوات الخمسة عشر الأخيرة، كانت ممكنة فقط لأن المرأة العاملة، رغم حرمانها من حقوقها، كانت مهتمة بشدة بالنضالات السياسية والبرلمانية لطبقتها”. (“في التصويت النسوي والصراع الطبقي”).

بالنسبة لروزا ليكسمبورغ وكلارا زيتكين، كان النضال من أجل تصويت المرأة مهمة الطبقة العاملة بأسرها، مرتبطا بنضال أكثر عمومية من أجل انتزاع الحقوق الديمقراطية، والذي كان إعلان الجمهورية في ألمانيا الملكية.

وبذات الطريقة، يمكننا القول اليوم إن أي انتصار تحققه المرأة، مهما كان صغيرا، هو انتصار للطبقة العاملة بأكملها. وإن كافة مطالبنا، كزيادة ميزانية مكافحة العنف القائم على التمييز الجنسي، أو القضاء على الفجوات في الأجور والمعاشات التقاعدية، هي جزء من خطة كفاحية أوسع، تتطلب مواجهة هذا الأمر، وكل الحكومات التي تضع “العجز الاقتصادي” فوق حياة النساء، وإلغاء إصلاحات العمل، ومعاهدة توليدو، ومواجهة الرأسمالية.

لهذا السبب، تماما كما فعلت روزا ليكسمبورغ بطريقتها الخاصة، نحارب الذكورية في المنظمات العمالية والطلابية والشعبية، ونقاتل ليكون الثامن من آذار كما كان في الأصل: يوما للنضال من أجل الطبقة العاملة بأكملها، ومن أجل حقوق المرأة، وبقيادة المرأة العاملة.

للورا. ر

الرابطة الأممية للعمال- موقع حزب لحداثة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
Translate