اقتصاد الحداثة الديمقراطية البديل
أساسُ البُعدِ الاقتصاديِّ والصناعيِّ للعصرانية الديمقراطية أيكولوجي. كيفما بالإمكان التفكير بالحداثةِ الرأسمالية ضمن إطارِ ثلاثةِ أبعادٍ هامة، فبالمقدور سريانِ الموقفِ نفسِه على العصرانية الديمقراطية أيضاً. فمقابلَ مجتمعِ الإنتاجِ الرأسمالي ومجتمعِ الصناعةِ ومجتمعِ الدولة القومية، التي يتم تَصَوُّرُها كمُتَقَطِّعاتٍ وماهياتٍ خاصةٍ أساسية بالنسبة للحداثة الرأسمالية؛ تَبرُزُ أبعادُ المجتمعِ الأخلاقيِّ والسياسي والمجتمعِ الأيكولوجي – الصناعيِّ والمجتمع الديمقراطيِّ الكونفدرالي للمقدمة في العصرانية الديمقراطية. هذا وبالمستطاع الإكثار من تفاصيلِ الأبعادِ بالنسبة لِكِلا النظامَين. إلا أنّ هذه الأبعادَ الثلاثيةَ قد تَفِي بالمعنى من حيث تعريفهما بالخطوط العريضة. وقد كانت أبعادُ الحداثةِ الرأسمالية قد أُخضِعَت لتحليلاتٍ شاملة في الفصول السابقة. بينما بُذِلَت المساعي لإظهارِ العصرانية الديمقراطية من خلال سياقِ تَقَدُّمِها التاريخي وعناصرها الرئيسية ومقارنتها مع المدنية والحداثة الكلاسيكيتَين. لذا، فتقسيمُها إلى أبعادٍ أساسية، وتعريفُها عن كثبٍ أكثر سوف يُعَزِّزُ السردَ والتعاطيَ العملي لها. البديلُ ممكنٌ فقط بتطويرِها نظامَها تجاه الرأسماليةِ والصناعويةِ والدولةِ القومية، والتي تُشَكِّلُ دعائمَ الحداثةِ الثلاثية. هذا وبالمقدورِ اقتراحَ المجتمعيةِ الديمقراطيةِ والصناعةِ الأيكولوجيةِ والكونفدراليةِ الديمقراطيةِ تحت اسمِ العصرانيةِ الديمقراطية من حيثُ وصفِها مضادةً للنظام. كما أنّ التقاءَ القوى المضادةِ للنظامِ مع ميراثِ الحضارةِ الديمقراطيةِ ضمن إطارِ نظامٍ جديدٍ يُزِيدُ من فرصةِ النصرِ والنجاح.
مِن المهمِّ تعريف الاقتصاد أولاً بشكلٍ سليم. كما يتحلى استيعابُ كونِ الاقتصاد السياسي أداةً هائلةً للتحريف والتعمية بأولويةٍ كُبرى في هذا المضمار. وبالأخص، فمصطلحُ “الاقتصاد الرأسمالي” ألعوبةٌ دعائيةٌ مَحضة، وسفسطةٌ فاسدة. ومثلما حَلَّلناها في المُجَلَّدَين السابقَين، فالرأسماليةُ ليست اقتصاداً، بل عدوُّ لدودٌ للاقتصاد. إنها تنظيمٌ عِصاباتيٌّ (مافياوي) مُمَنهَجٌ (مُرتَكِزٌ إلى هيمنةِ ثقافةٍ أيديولوجيةٍ ومادية) يَعتَمد في جوهره على نهبِ وسلبِ القيم الاجتماعية (وليس فائض القيمة وحسب)، ويُحَوِّلُ وجهَ البسيطةِ إلى حالةٍ لا تُطاق (فيما عدا حفنةٌ من الفراعنة والنماردة) في سبيلِ ربحِ الاحتكار. فَرقُ هذه العصابةِ عن الأربعين حرامي والقراصنة هو تأمينُها شرعيةً أيديولوجيةً متعددةَ الجوانب، وتشكيلُها قِناعاً قانونيّاً ودَعاماتٍ سلطوية. حيث تَعمَلُ على إخفاءِ وجهها وجوهرها الحقيقيَّين من خلالِ هذه الأدوات. وتَعرضُ نفسَها على أنها الحقيقةُ بذاتِها عن طريقِ الكثير مما يُسمى بالقواعد والضوابط العلمية، وعلى رأسها الاقتصاد السياسي. حيث لا يُمكنها الاستمرار بوجودِها ولو ليومٍ واحدٍ فقط، لولا الدرعِ الهائلِ المنسوج من الأيديولوجية والعنف. وبِبُنيَتِها تلك تُمارِس القمعَ والاستغلالَ على أساسِ وجودِ المجتمعِ المتمثلِ في الأنشطةِ الاقتصاديةِ المتضَمِّنةِ بدورها للمعنى البيئي (شكل النشاط الأولي للمجتمع الأخلاقي والسياسي)، مُعيقةً بذلك تَطَوُّرَه من جهة، ومُحَوِّلةً إياه إلى مصدرٍ لسعادةِ ورفاهِ قِلَّةٍ قليلة من الجهة الثانية.
يتحلى تشخيصُ فرناند بروديل بأهميةٍ تعليميةٍ عظمى لدى تعريفه للاقتصاد، وتحديده لاحتياجاتِ الإنسان الضرورية كطابقٍ أرضيّ، وللنشاطاتِ السِّلَعِيّةَ المتمحورةَ حول السوق الذي لا يتضمن الاحتكارَ ولا استغلالَ فارِقِ الأسعار كطابقٍ أول يُعَيِّنُ الساحةَ الاقتصاديةَ الأساسية، بينما يُحَدِّدُ الطابقَ المتأسِّسَ على هذَين الطابقَين مُتَكَوِّناً من أجهزةِ الاحتكارِ واستغلالِ فارِق الأسعار، ويَعتَبِرُه ساحةً أصليةً للرأسمالية لأنه مضادٌّ للسوق (يَجِدُ إيمانويل والرشتاين هذا التشخيصَ هاماً جداً). يتضحُ بكلِّ جلاء على هُدى هذا التعريف أنّ إصرارَ الليبراليةِ في النظرِ إلى الرأسمالية على أنها اقتصادُ السوق هو سفسطةٌ خالصة. فعلاقةُ الرأسماليةِ بالسوق لا يُمكن إلا أنْ تَكُونَ نظامَ لعبةٍ وحشيةٍ مُهَوِّلةٍ لا تتوانى عن لَعِبِ شتى أنواعِ الطيش الجنوني، بدءاً مِن الاستيلاء على ربح الاحتكار بألاعيبِ الأسعار، وابتكارِ الحروب والأزمات في سبيل ذلك إنْ تَطَلَّبَ الأمر، وإخراج الاقتصاد برمته من كونه نشاطاً يُلَبّي الحاجات الضرورية، وجَعله ميادين تَدُرُّ الربح الأكثر (قانون الربح الأعظمي). نَقول إنها لعبة. أي، لعبةٌ باعتبارها نمطَ ممارسةٍ وهجومٍ واعتداءٍ مُعادٍ للحياة لدرجةِ انتزاعِه المجتمعَ البشريَّ من أسبابِ وجودِه الأساسية.
كلُّ احتكاراتِ المدنية عموماً، والاحتكاراتُ الرأسماليةُ خصوصاً (الزراعة والتجارة والتمويل وأجهزةُ السلطةِ والدولة القومية)، هي العامِلُ الأساسيُّ وراء جميعِ التحريفات والتضليلات الاقتصادية والأزمات الخانقة والقضايا والمجاعات والفقر المدقع والكوارث البيئية على مدى التاريخ. علاوةً على أنه، وبالتأسيس على هذا العامِل تتنامى شتى أنواع التحولات الطبقية الاجتماعية – السياسية، السلطات، التمدنات المُفرِطة (وكافة الأمراض المستندة إليها)، التحريفات الأيديولوجية (جميع أنواع الدوغمائيات الدينية والميتافيزيقية والعلموية)، القبح والرذائل (تحريف الفن) والسيئات (غيابُ الأخلاق وسيادةُ الفساد). والحداثةُ الرأسماليةُ تُقَدِّمُ عدداً لا حصر له من الأمثلة بشأن هذه التشخيصات في غضون القرون الأربعة الأخيرة.
يَبلُغُ الاقتصادُ معناه الحقيقيَّ في العصرانية الديمقراطية، ويُعَبِّرُ عن البنيةِ الممنهجةِ القَيِّمةِ التي تُبرِزُ قيمةَ الاستخدام (خاصية تلبيةِ الحاجاتِ الأهم) كحاجاتٍ أوليةٍ للطابق الأرضي، وقيمةَ المقايضة (مُعَدَّلات تَبادُل السلع) كاقتصادِ السوقِ الحقيقي. هكذا يَخرجُ الاقتصادُ من كونه ساحةً تُعَوَّلُ عليها حساباتُ الربح. ويتم الجزم بماهيةِ الأساليب وكيفيةِ استخدامِ الحاجاتِ الأساسيةِ بأفضل الأشكال إثماراً وعطاءً، دون التمخض عن التمايز الطبقي، ودون إلحاقِ الضرر بالأيكولوجيا؛ لِيَبلُغَ الاقتصادُ معناه الحقيقي من حيث كونه ساحةَ نشاطٍ اجتماعي. أي أنه يَكتَسِبُ معناه كشكل النشاط الأساسي الذي سيتنامى عليه المجتمعُ الأخلاقي والسياسي، وسيُطَوِّرُه أيضاً على السواء.
لَم تتخلَّصْ الحداثةُ بمفهومِها الاقتصاديِّ من وجهةِ النظر الطبقية (وجهة نظر البورجوازية في الهيمنة)، بما في ذلك الاقتصادُ السياسيُّ الماركسي أيضاً. حيث ظَلَّت في وضعِ إهمالِ وحجبِ أرضيةِ المجتمع التاريخي برمته، من خلالِ ربط القيمةِ بعلاقةِ ثُنائيةِ العامِل – رب العمل. القيمةُ ثمرةٌ من ثمارِ المجتمع التاريخي. فَلنَدَعْ جانباً كونَ ربِّ العمل والعامِلِ المتنازلِ يُؤَمِّنان هذه الثمرة، بل هما أساساً في مكانةِ نَهَّابيها. وبرهانُ ذلك جليٌّ بسطوع. فمن دونِ كدحِ المرأة المجاني، لا يمكن لربِّ عملٍ أو عامِلٍ متنازِلٍ واحدٍ فقط أن يُشبِعَ بطنه أو إدارةَ حياتِه اليومية. هذا المثالُ لوحده يُظهِرُ بوضوحٍ تام وجهَ الرأسماليةِ اللااقتصادي. بَيْدَ أننا نَكشفُ بإسهاب عن استحالةِ وجودِ المدنية عموماً والحداثة الرسمية خصوصاً، دون وجودِ المجتمع التاريخي.
تحليلاتُ العلاقاتِ الاقتصادية التي جَرَّدَتها تقييماتُ الاقتصاد السياسيِّ الرأسمالي والتفسيراتُ الماركسية، إنما هي مَحفوفةٌ بالمخاطر الجَمّة. إذ لا يمكن للاقتصاد أنْ يَنحَصِر في ممارسةِ ربِّ العمل – العامِل بتاتاً. أنا شخصياً مرغَمٌ على تقييمِ ثنائيِّ ربِّ العمل – العامِل بأنهما لِصّان احتكاريان للاقتصادِ الذي هو ممارسةٌ ديمقراطيةٌ أساسيةٌ للطبيعةِ الاجتماعية (إذا ما أَدرَجنا عهدَي الكلان والقبيلة في ذلك، فسيكون من الأنسب تسميته بالنشاط الأولي للمجتمع الأخلاقي والسياسي). مَقصَدي مِن العامل هنا هو ذاك العامِل المتنازِل الذي يُمنَحُ باسمِ الأَجرِ جزءاً زهيداً مما سُلِب وسُرِقَ من بؤساءِ المجتمع الآخَرين، وخاصةً من رَبّاتِ البيوتِ والفتيات العامِلات بلا أَجر. فكيفما أنّ العبدَ والقِنَّ امتدادان لسيدهما وأفنديهما بالأرجح، كذلك، فالعامِلُ المتنازِل امتدادٌ لِرَبِّ العمل في كلِّ زمان. الشرطُ الأول للتحلي بالأخلاق والسياسةِ القويمَين، هو النظرُ بِعَينِ الشكِّ والريبة إلى الاستعبادِ والاستقنانِ والتحول العُمّالي، ومناهضته، وتطويرُ الممارسةِ والأيديولوجية تأسيساً على ذلك. فمثلما أنّ ثالوثَ السيد – الأفندي – رب العمل غيرُ جديرٍ بالثناءِ والمدح، فمن المحال بتاتاً إجلالَ ثالوثِ العبد – القن – العامل كشرائح اجتماعيةٍ فاضلة. أما الموقفُ الأصح، فهو التأسفُ على وضعِهم كشرائحِ المجتمعِ المنحطة، والعمل على تحريرهم بأسرعِ ما يمكن.
التكامُلُ الصناعيُّ والأيكولوجيُّ لِقِيَمِ الاستخدام والمقايضة أساسٌ في البُعدِ الاقتصادي للعصرانية الديمقراطية. فحدودُ الصناعة تستند إلى حدودِ الأيكولوجيا والاحتياجاتِ الأولية. أي، يستحيلُ تَخَطّيها لِهذَين الحَدَّين. والصناعةُ التي ستَظهَر للوسط في هذه الحالة هي صناعةٌ أيكولوجية. فالصناعةُ اللاأيكولوجية صناعةٌ لااقتصادية. الصناعةُ التي تَحَرَّرَت من قيودِها مع الأيكولوجيا لا تختلف البتة عن وحشٍ آليّ (يُبِيدُ البيئةَ بِأكلِها دون توقف). إلى جانب أنّ الصناعةَ المتحررةَ من روابطها مع اقتصادِ الاحتياجاتِ الأولية لا قيمةَ لها عدا هدف الربح. من هنا، فالصناعةُ الأيكولوجيةُ بمثابةِ مبدأ أساسي مدعوم بهذه الحجج. إنه مبدأ أساسيٌّ ينبغي أنْ تَلتَزِمَ به جميعُ النشاطات الاقتصادية. في هكذا وضع تَجِدُ الممارسةُ الاقتصاديةُ معناها الحقيقي، ويَخلُو الميدانُ من الأرضية الاجتماعية للبطالة، الإنتاج الزائد أو الناقص، البلدان أو المناطق النامية أو المتقدمة، تَضادّ القرية والمدينة، الهُوَّات الطبقية، ومن الأزمات الاقتصادية والحروب.
البطالةُ حصيلةٌ خالصةٌ لانحرافِ البنية الاقتصادية الهادفة إلى الربح. لا مكانَ لهذا الانحراف في البُعد الاقتصادي للعصرانية الديمقراطية. ذلك أنّ البطالةَ وضعٌ اجتماعيٌّ هو الأكثر تنافياً مع الإنسانية.
زيادةُ أو نُقصانُ الإنتاجِ أيضاً ثمرةُ انحرافِ البنية الاقتصادية الهادفة إلى الربح. إذ لا معنى لِنُقصانِ الإنتاج، ولا لزيادته، ما دامت الاحتياجاتُ الضروريةُ عالقةً، والصناعةُ متناميةً لهذه الدرجة. إني مُرغَمٌ على التبيانِ بأهمية أنّ الإنتاجَ الناقصَ أو الزائدَ بِيَدِ الإنسان، فيما عدا شروط الطقس والطبيعية، يُعَبِّرُ عن وضعٍ خارجَ نطاقِ الإنسانية بقدرِ البطالة على الأقل.
كما أنّ مسألةَ البلدان والأقاليمِ النامية أو المتقدمة أيضاً تعبيرٌ آخَر عن وضعِ الخروجِ عن الإنسانية، والذي شَكَّلَه الاقتصادُ نفسُه الهادفُ إلى الربح. فهكذا يتم نثرُ بذورِ شتى أنواع النزاعات فيما بين البلدان والأقاليم، مما يَفتَحُ الطريقَ أمام أزماتٍ وحروبٍ محليةٍ وقوميةٍ ودوليةٍ لا تنتهي ولا تهدأ. جليٌّ أنّ اقتصاداً مُسَخَّراً لخدمةِ المجتمعِ البشري لا يمكن البتةَ أنْ يؤديَ إلى هذه الأوضاع، أو يجب ألا يؤدي إليها.
هذا وإنّ تَحَوُّلَ علاقاتِ القرية – المدينة المتأسسةِ طيلةَ المجتمعِ التاريخي على التناغمِ وتقسيمِ العمل فيما بينهما إلى تناقضاتٍ متجذرةٍ تدريجياً، واختلالَ التوازنِ على حسابِ مجتمعِ القرية – الزراعة متعلقٌ أيضاً بإخضاعِ الاقتصادِ للترتيباتِ الهادفة إلى الربح. فتَخَلّي العلاقاتِ المعتمدةِ على التغذيةِ المتبادَلةِ بين المدينة والقرية، وبين الزراعةِ والحِرَفِ الحرةِ والصناعة عن مكانِها لعلاقاتِ تصفية بعضِها البعض؛ إنما هو نتيجةٌ وخيمةٌ أخرى من نتائجِ قانونِ الربح الأعظمي. إذ وَلَجَت المدينةُ والصناعةُ مرحلةَ التعاظُمِ السرطانيّ، لدى الزجِّ بمجتمعِ القريةِ والزراعة على حافةِ الفناءِ والانتهاء، مما تُرِكَ المجتمعُ التاريخيُّ بذاتِه – وليس الاقتصاد وحسب – وجهاً لوجه أمام الفناء.
إخضاعُ الاقتصادِ المعتمدِ على قانونِ الربح الأعظمي لمثلِ هذه التحريفات، قد جَلَبَ معه التحولَ الطبقيَّ والصراعات السياسية، وأدى إلى شتى أنواعِ الحروب المحلية والقومية والدولية. ساطعٌ أنّ ما يَكمنُ في أساسِ كل تلك السلبيات المعروضة في سرودِ المدنية وكأنها قَدَرُ البشرية، هو استعمارُ ونهبُ الاقتصاد من طرفِ النزعةِ الفردية والاحتكارية الرأسمالية المعادية للاقتصاد.
لا تَكتَفي العصرانيةُ الديمقراطية فقط بإنقاذِ الاقتصاد من هذه الميول المضادة له. فهي بشكلِ حياتِها المتميزةِ بالشروطِ الأكثر رُقياً، تتسمُ بنظامٍ ممنهجٍ لا يَعترِفُ بالبطالةِ والبؤس القاهر، ولا يَتركُ مجالاً للإنتاجِ الزائدِ أو الناقص، ويُخَفِّضُ الفوارقَ بين البلدان والمناطق النامية أو المتقدمة إلى حدودها الدنيا، ويُحَوِّلُ تناقضاتِ القريةِ – المدينة إلى علاقاتٍ مغذِّيةٍ لبعضها البعض. وضمن منهجيتِها، لا يتم البلوغُ بالفوارقِ الاجتماعية والاقتصادية إلى أبعاد الاستغلال الطبقي، ولا تتجذَّرُ التطوراتُ الطبقية، ولا يتعاظَمُ الاستغلالُ الاقتصادي والتناقضاتُ الاجتماعية إلى أبعادِ التسبب في الأزمةِ والحرب. هذا ولا يَقتَصِرُ نظامُ العصرانيةِ الديمقراطية على عدم السماح بقيامِ الصناعويةِ والتمدن بابتلاعِ القريةِ والزراعةِ وحسب، بل ولا يَسمَح أيضاً باحتوائهما وهَضمِهما لنشاطاتِ المدينة والصناعة بأبعادها الحقيقية الممكن عيشُها. وآليةُ ذلك مُعطاةٌ ضمن أبعادِ العصرانية الديمقراطية الرئيسيةِ في هيئةٍ متكاملة. فجميعُ المجموعاتِ تتناوَلُ عناصرَ الأيكولوجيا والصناعةِ ضمن تكامُلٍ مُتَّحِدٍ في نشاطاتها الاقتصادية ارتباطاً بالبُعدِ الأخلاقي والسياسي. إنها موثوقةٌ ببعضها بأواصر لا تُبتَر. هكذا لا يُترَكُ شيءٌ بين مخالِبِ النزعةِ الفردية والاحتكارية الجارِحة. حيث تتم مُراعاةُ الاقتصادِ الأيكولوجيِّ والصناعةِ الأيكولوجيةِ في جميع النشاطات الاجتماعية. بناءً عليه، فإعادةُ إعمارِ البيئة، وإنعاش الزراعة، وتحويل القرية إلى ساحةِ حياةٍ تتميز بالبيئة الأسلم تُعَدُّ مشاريعاً قادرةً على إزالةِ كل ظواهر البطالة والفقر المدقع من الميدان بمفردها. البطالةُ مُناقِضةٌ لطبيعةِ الإنسان. ذلك أنّ بَني البشر المتسم بهذا الكم من الذكاءِ الراقي، لا يمكن بقاءَ فتياته عاطلاتٍ عن العمل إلا بِيَدِ العنفِ البشري، وهذا ما يحصل فعلاً. فالطبيعةُ التي لا يُعثَرُ فيها على نملةٍ واحدةٍ عاطلةٍ عن العمل، كيف لها أنْ تَترُكَ مخلوقَها الأرقى عاطلاً ويائساً؟ كيف للفقرِ أو الحرمان أنْ يَكُونَ قَدَراً في عصرِ الصناعةِ المعتمدةِ على التقنية، واللتَين هما إنجازان رائعان لممارسةِ الإنسان العملية؟
واضحٌ أنّ التحوُّلَ البنيوي الممنهج هو المطلوب.
الواقعُ التاريخي والراهنُ للعصرانية الديمقراطية يتسم بميزةِ عدم جعلِ الإنسان غريباً عن ممارسته وكدحه. والثورةُ الصناعيةُ انتصارٌ لأجلِ المجتمع واقتصاده كإحدى أعظم مراحل هذه الممارسة. القضيةُ تتجسدُ في تسخير الحداثة الرأسمالية لهذا النصر الذي لا مثيل له لخدمةِ قانونها في الربح منذ بداياته، وبالتالي في زَجِّ المجتمعِ التاريخي إلى حافةِ الفناءِ بإنشائها نزعةً فرديةً واحتكاريةً لا ند لها (تجارياً، صناعياً، مالياً، سلطوياً، ودولةً قومية). من هنا، فالعصرانيةُ الديمقراطيةُ بأحدِ المعاني اسمٌ لثورةٍ ممنهجةٍ وبنيوية إزاءَ مفاهيم الحداثة المنحرفة وتطبيقاتها، بينما الصناعةُ الأيكولوجيةُ هي إحدى أبعادِ هذه الثورة الأكثر أساسية. هذه الحجة بِحَدِّ ذاتها برهانٌ قاطعٌ على مدى حياتية العصرانية الديمقراطية.
ولو أنه يتم عرضُ مُقَوِّماتِ الاقتصاد الكلاسيكي للحداثة الرسمية على أنها تتألف من الأسرة والشركات ذات البنية المُحتَرِفة، إلا أنها عناصر تَهدِفُ إلى الربح، وأيٌّ منها لا هَمَّ له سوى الربح. فرغمَ عدم تَركِها ساحةً اقتصاديةً في أرجاءِ المعمورة إلا ودَسَّت فيها أَذرُعَها كالأخطبوط، لكنّ القضيةَ الوحيدةَ التي تهتم بها هي كيفيةُ تحقيقِ الربح الأعظمي، لا غير. أما إجماليُّ حصيلةِ نشاطاتِ الشركات والوحدات الاقتصادية – أو بالأحرى الخارجة عن الاقتصاد – المرتكزة إلى قانونِ الربحِ الأعظمي، فيتمثَّلُ في بلوغِ البطالةِ أبعاداً عملاقة، تعاظُمِ الفقر وهُوَّةِ فرق الدخلِ كالتيهور. فبينما تَنكَسِرُ شوكةُ مئات الملايين من البشر العائمين في بحرِ المجاعة من جانب، تُترَكُ الطاقةُ الإنتاجيةُ الهائلةُ عاطلةً من الجانب الآخر، ويتم فتحُ المجالِ أمام أزماتِ الإنتاجِ الزائد أو الناقص، ودَفعُ الزراعةِ إلى الإفلاس، وإفناءُ مجتمع القرية. لذا، فعنصرُ الاقتصادِ الأساسيُّ للعصرانية الديمقراطية سيَكُون – بالطبع – ضد عناصرِ تلك الشركاتِ الهادفة إلى الربح.
الأساسُ الاقتصاديُّ للحضارةِ الديمقراطية على تناقضٍ دائمٍ مع احتكاراتِ رأسِ المال المَبنِيّةِ على الفائضِ الاجتماعي. فهو منفتحٌ بِحُرِّيّة على شتى أشكالِ النشاطاتِ الزراعية والتجاريةِ والصناعية، بشرطِ أخذِ الاحتياجاتِ الاجتماعيةِ الأساسيةِ والعناصرِ الأيكولوجيةِ بعينِ الحسبان في تَطَوُّرها. وهو يَعتَبِرُ المكاسِبَ شرعيةً ما دامت خارجَ إطارِ الربحِ الاحتكاري. كما أنه ليس مضاداً للسوق، بل على العكس، هو اقتصادُ سوقٍ حرةٍ حقيقيةٍ، نظراً للوسطِ الحرِّ الذي يُوَفِّرُه. ولا ينكر دورَ المنافسةِ الخَلاّقة في السوق. ما يناهِضه هو أساليبُ الكسبِ بالمُضارَبة. أما المعيارُ في قضيةِ المُلكِية، فهو العطاء. في حين أنّ دورَ الاحتكار كمُلكيةٍ يتناقضُ مع العطاءِ في كلِّ الأوقات. لا تندرجُ المُلكِيةُ الفردية المفرطة، ولا مُلكيةُ الدولة ضمن إطارِ الحضارةِ الديمقراطية. فالاقتصادُ في الطبيعةِ الاجتماعية قد مُورِس دوماً على شكلِ مجموعات. إذ لا توجدُ علاقةٌ للفرد أو الدولة بمفردِهما مع الاقتصاد، فيما خلا الاحتكار. وأشكالُ الاقتصاد التي يَكُونُ فيها الفردُ أو الدولةُ موضوعَ حديث، إما أنْ تتجهَ صوبَ الربح أو الإفلاسِ بالضرورة. بينما الاقتصادُ هو عملُ المجموعاتِ على الدوام. و الاقتصاد هو الميدانُ الديمقراطيُّ الحقيقيُّ للمجتمع الأخلاقي والسياسي. الاقتصادُ ديمقراطية. والديمقراطيةُ ضروريةٌ للاقتصاد أكثر من غيره. وبهذا المعنى، لا يمكن تفسير الاقتصادِ كبنيةٍ تحتيةٍ أو فوقية. بل من الواقعيةِ أكثر تقييمه كممارسةٍ ديمقراطيةٍ أساسيةٍ أكثر بالنسبة للمجتمع.
لَطالما شَكَّلَ الاقتصادُ كموضوعٍ حساسٍ هَمّاً رئيسيّاً للمجتمعِ الأخلاقي والسياسي طيلةَ التاريخ. ففي طرفِ الأمر ثمة ظواهرٌ مُهَدِّدَةٌ للمجتمعِ بشكلٍ كليّ، كالقحطِ والفقر والمجاعة والموت. الربحُ أيضاً مثل الادخار، لم تَعتَرِفْ المجتمعاتُ بشرعيته في أيِّ وقت، بل نَظَرَت إليه دوماً كمصدرٍ للسيئات والرذائل والسرقات، فلَم تتوانَ عن مصادَرَتِه كلما سَنَحَت لها الفرصة. ذلك أنه ساطعٌ سطوعَ الشمس استحالةَ إنشاءِ الاقتصاد ارتباطاً بهدفٍ كهذا. فبالأصل، وكما تم الإيضاح، فالحديثُ عن الاقتصاد فيما يتعلق بنشاطٍ مضادٍّ للاقتصاد جوهرياً، هو التناقضُ بِعَينِه.
السبيلُ الوحيدُ للخلاصِ من هذا التناقض هو اقتصادُ المجموعات الأيكولوجية. فالآلافُ منها بمقدورها تنظيمَ ذاتها كمُكَوِّناتٍ اقتصادية حسب شروطِ المجتمعِ الأيكولوجيّ. أما الأراضي المُفتَقِرةُ لخاصيتها كوحدةٍ في الزراعة نتيجةَ اقتسامِها على التوالي بين العوائل، فإعادةُ تنظيمِها باتَت قضيةً مُلِحَّةً منذ زمنٍ بعيد، مع مُراعاةِ مبدأِ الصناعةِ الأيكولوجية. وتأسيسُ المجموعاتِ الأيكولوجية في الزراعة هو أحدُ المبادئ الاقتصادية الأكثر أساساً في العصرانية الديمقراطية. وتأسيساً على ذلك، فَقَدَت مفاهيمُ الفِلاحةِ المتبقية من القِنانةِ والعبودية سرَيانَها. كما أنّ المجموعاتِ الأيكولوجيةَ التي ستتحقق بتأسيس وحداتٍ زراعيةٍ وفق المكيال الأيكولوجي، تُشَكِّلُ الأرضيةَ لعصرانيةِ القريةِ أيضاً. أي، بمستطاع القرية – أو القرية الحديثة – اكتسابَ وجودِها مجدَّداً كمُكَوِّناتٍ اقتصاديةٍ بالمعيارِ الأيكولوجي، نظراً لأنها مجموعاتٌ أيكولوجية. بينما عَرَّفتُ حقيقةَ المجتمعِ الصناعيِّ – الأيكولوجيِّ بأنه مؤلَّفٌ من الجماعاتِ الصناعيةِ – الأيكولوجيةِ التي يُغَذِّي فيها مجتمعُ القريةِ الزراعيةِ ومجتمعُ المدينةِ الصناعيةِ بعضَهما بعضاً بما يتواءَمُ مع الأيكولوجيا دون بُدّ.
علينا التبيان، وبكلِّ إصرار، أنه ما مِن ممارسةٍ اجتماعيةٍ هي أخلاقيةٌ وسياسيةٌ بقدرِ الاقتصاد. وهو بتوصيفِه هذا لن يتخلصَ مِن إيجادِ معناه كموضوعٍ هو الأكثر أولويةً في السياسةِ الديمقراطية. عليه، فنظامُ الحضارةِ الديمقراطية المبنيُّ على اقتصادِ المجتمعِ التاريخيِّ الأكثر لُزوماً مِن الطبِّ ألفَ مرة لأجلِ سلامةِ وعافيةِ المجتمع، إنما يَعِدُ بثورةٍ حقيقيةٍ بقدرِ ما يُفَسَّرُ بمنوالٍ سليم.
وعن طريقِ عنصرِ الصناعةِ الأيكولوجيةِ واستخدامِه المثمِرِ للصناعةِ داخلَ المجتمع، ستَدخلُ القضايا الاجتماعيةُ الثقيلةُ الوطأةِ على دربِ الحلّ، وفي مقدمتِها البطالة والفقر والمجاعة وغيرها من القضايا التي هي بمثابةِ حربٍ تَشُنُّها الحداثةُ تجاه المجتمع. ومن جانبٍ آخر، يمكن عن طريقه سدَّ الطريقِ أمامَ الحربِ التي تَخوضُها الصناعويةُ ضد البيئة، لِيَتَحَقَّقَ بذلك السِّلمُ فيما بين المجتمعِ والبيئة.
هذا وبالإمكان تشكيل مجموعاتٍ أيكولوجيةٍ شبيهة في المدن أيضاً. حيث يُنَظَّمُ الاقتصاد كجزءٍ من التكامُلِ العامِّ ضمن مخطط المدينة ذات المحور الأيكولوجي. وكيفما ينبغي عدم وجودِ البيروقراطية التي تَبتَلِعُ المدينة، فلا مكانَ أيضاً للاقتصادِ الذي يَبتَلِعُ المدينة. إذ تُنَظَّمُ النشاطاتُ الاقتصاديةُ بما يتوافقُ وطبيعةَ كلِّ مدينة، باعتبارها وحداتٍ بالحجمِ الأمثَل، بحيث لا تَهدِفُ إلى الربح، بل إلى إزالةِ البطالةِ والبؤسِ من الميدان. كما يمكن توزيع السكان على هذه الوحدات بما يتناسبُ وبُنيتَهم ومهاراتِهم.
قد يَلُوحُ وكأننا نتحدثُ عن اقتصادٍ اشتراكيٍّ مخطَّط. لكنّ النموذج الذي تحدثنا عنه مختلف. فكيفما لا علاقةَ لهذا النموذجِ باقتصادٍ مركزيِّ التخطيط والتوجيه، فلا صلةَ له أيضاً بالشركات المتوحشةِ غيرِ الاقتصاديةِ والهادفةِ إلى الربح، والمُسَمّاة بالاقتصادية. بل هو بنيةٌ يُحَقِّقُ فيها المجتمعُ الأخلاقي والسياسي المحلي قراراتِه وممارساتِه. بالطبع، ثمة ضرورةٌ لوجودِ منسقيةٍ تُراعي الظروفَ المحليةَ والإقليميةَ وحتى الدوليةَ في كلِّ وقت. لكنّ هذا لا يَدحَضُ أو يفني كونَ القرارِ والممارسةِ ضمن مبادرةِ المجتمعِ المحلي. أُكَرِّرُ مجدَّداً أنّ الاقتصادَ ليس قضيةً تكنيكيةً معنيةً بالبنيةِ التحتية، بل، وبِحُكمِ كونه البنيةَ الوجوديةَ الأساسيةَ للمجتمعات، فهو نشاطٌ يتحقق بممارسةِ المجتمعِ برمته لآرائه ومداوَلاتِه وقراراتِه ونشاطاته التنظيمية. وقطعُ أواصرِ الإنسان مع الاقتصاد أساسٌ لجميعِ أشكالِ الاغتراب. ومثلما أنّ الحَؤولَ دون ذلك شرطٌ أولي، فالسبيلُ الوحيدُ إلى ذلك يَمُرُّ من تصيير الاقتصادِ مُلكاً لكافةِ المجموعات. يمكن تحوير القول: القيامةُ تَقُومُ عندما “أحَدُهم يأكل والآخَر يَنظُر”، إلى القول: القيامةُ تَقُومُ عندما “أحَدُهم يَعمَل، والآخَر يَجُوبُ بلا عمل”. الاقتصادُ شرطٌ أساسيٌّ لوجودِ المجتمع، بحيث يقتضي تنظيمَه وفقَ محورِ المجموعات، وبموجبِ أسسِ الأيكولوجيا والمردودية بكل تأكيد. وفيما خَلا ذلك، لا أحدَ سوى المجتمع أو المجموعات يَحُقُّ له امتلاك أو إلغاء حقِّ الوجودِ هذا. والمُكَوِّناتُ مُرغَمةٌ على الامتثالِ لهذه المبادئ الأساسية، تجاريةً كانت أم صناعيةً أم زراعية، بل وحتى لو كانت مالية، بشرطِ أداءِ دورِها كوسيطٍ فحسب. ينبغي تَوَفُّر هذه المبادئ في أساسِ معملٍ ضخمٍ أو أساسِ وحدةٍ قرويةٍ – زراعيةٍ على السواء.
تَخسَرُ مُلكِيةُ المُكَوِّناتِ الاقتصاديةِ أهميتَها في العصرانيةِ الديمقراطية، وتبقى في المرتبةِ الثانية. بالطبع، ستَبقى مُلكِيةُ المجموعات التي تتصرف بما يتناسب والمبادئ. فلا مُلكِيةُ الأسرة، ولا مُلكِيةُ الدولة يمكنهما تلبيةَ متطلباتِ الاقتصاد العصري. ذلك أن مُلكِيةَ الدولةِ والأسرة المتبقيةَ من الهرمية، باتت عاجزةً عن الاستمرارِ بوجودها حتى في الحداثةِ الرأسمالية. بل وحتى الشركاتُ تَدخُلُ تدريجياً في المُلكِية الجماعيةِ للعامِلين فيها بسبب إرغاماتِ الحقائقِ الاقتصادية. مع ذلك، يتوجب عدم الفصل بخطوطٍ عريضةٍ بين معايير المُلكِية. فمثلما يَحيا نظاما الحضارة والمدنية بشكلٍ متداخِل، فأنظمةُ المُلكِيةِ أيضاً ستُحافِظُ على تَداخُلِها مدةً طويلةً من الزمن. وكيفما أن مُلكِيةَ الأسرة تَصونُ وجودَها ضمن المُلكِيةِ الجماعية، فوجودُ الدولةِ أيضاً سيُحافِظُ على تأثيرِها وحِصّتها. المهم هو قابليةُ الانفتاح لمعاييرِ المُلكِيةِ المَرِنةِ القادرة على أنْ تَكُون جواباً لمتطلباتِ البيئة والإنتاجية والبطالة. ذلك أنّ كلَّ عملٍ يَخدمُ وجودَ الفردِ وحريتَه ورفاهَه وجمالَه هو عملٌ قَيِّمٌ وثَمين، حتى لو كان مُلكِية. لكن، وبما أنه يستحيل نشوء هذه القيم بلا مجموعة، فالأصحُّ والأنسبُ هو حلُّ القضايا ضمن الحدودِ المُثلى. العصرانيةُ الديمقراطيةُ مُخَوَّلَةٌ لأداءِ دورِها بنجاحٍ مظفّر في هذا الموضوعِ أيضاً بِمُلكِيتِها الجماعيةِ التي لم تَفقُد وجودَها الكومونالي على مر التاريخ، وذلك بعد مَوضَعَتِها مُجدَّداً ضمن الشروط العصرية تأسيساً على المجتمعِ الأخلاقي والسياسي.
لعبدالله أوجلان.
الشرق الأوسط الديمقراطي- موقع حزب الحداثة و الديمقراطية.