حداثة و ديمقراطية

هل باتت وسائل التواصل الاجتماعي خطرا على الديمقراطية؟

سلط مقال لمجلة الإيكونومست البريطانية الشهيرة، في عدد سابق لها ، الضوء على الدور السلبي الذي باتت تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي، في دنيا السياسة وتقسيم المجتمعات ، وأشار المقال إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي، باتت تستغل منصاتها لنشر المعلومات المغلوطة بين الناس، والتي تؤدي بدورها إلى تسميم الأجواء، بدلا من أن تستخدم في تعزيز الممارسة السياسية والديمقراطية الحقيقية، ومحاربة الفساد والتعصب والكذب.

ويشير المقال إلى أنه من جنوب إفريقيا إلى إسبانيا، تبدو السياسة الآن أكثر قبحا، والسبب يعود في جانب منه، إلى نشر وسائل التواصل الاجتماعي للمعلومات المغلوطة والكراهية، وإلحاق الضرر بقدرة الناخبين على الوصول لأحكام صحيحة.

ويضيف المقال إنه ومع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، بدا الأمر واعدا بأن تسهم في مزيد من الممارسة المستنيرة للسياسة في العالم، بحيث تساعد الساسة الجيدين، على مقاومة الفساد والأكاذيب، لكنه وعوضا عن ذلك فإن فيسبوك على سبيل المثال، أقر مؤخرا بأن 124 مليون مستخدم شاهدوا أكاذيب روسية، على منصته قبل الانتخابات الأميركية الرئاسية الماضية وبعدها، خلال الفترة من يناير 2015 وحتى أغسطس 2017،في حين أقرت شركة يوتيوب، بأن مستخدميها شاهدوا 1108 تسجيلا مصورا مرتبطا بـروسيا ، وقالت قالت شركة تويتر إن العدد لديها بلغ 36 ألفا و746 تغريدة.

لكن المقال يبرز أيضا، أن وسائل التواصل الاجتماعي بحد ذاتها، لا تحدث الانقسام في المجتمع، لكنها تعمل على تعميق مثل هذا الانقسام، ويضرب مثالا بكيف لعبت دورا في تضخيم حنق الناس، إبان الأزمة المالية العالمية بين العامين 2007 و 2008 ضد الطبقة الثرية في المجتمعات الغربية، وكيف هي تلعب دورا سلبيا في الحروب الثقافية في المجتمعات، عبر تقسيم الناخبين واستقطابهم، وفقا لهوياتهم وليس وفقا لطبقتهم الاجتماعية.

وكان الجدل بشأن دور وسائل التواصل الاجتماعي السلبي في دنيا السياسة، والوصول إلى خيارات ربما لا تكون في صالح الشعوب بشكل عام، قد تفجر بعد فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة، وقد أشار مراقبون في ذلك الوقت، إلى أن ترامب ربما لا يكون الخيار الأفضل للأمريكيين، لكنه نجح في السيطرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أكسبته تغريداته عبر تويتر شهرة واسعة بين الأمريكيين العاديين، بصرف النظر عن الطريقة التي يستخدمها، وتجاوز عدد متابعيه في ذلك الوقت سبعة ملايين شخص، بجانب مشاركة تلك التغريدات من قبل ملايين آخرين.

ورغم ما يراه خبراء من الأثر السلبي لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، من قبل ساسة وأحزاب يطرح بعضها في كثير من الأحيان خطابا شعبويا متطرفا، إلا أنهم يعتبرون أن تلك الوسائل باتت تمثل واقعا لا يمكن تجاهله، وأن اعتماد كثيرين عليها ربما يعكس فقدان الناس الثقة في وسائل الإعلام التقليدية، وهو ما يحتم السعي لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، من أجل واقع سياسي أكثر صدقا.

عربي – موقع حزب الحداثة و الديمقراطية.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
Translate