يشكّل الملف السوري إحدى الخلافات البارزة بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، إلى جانب بعض القضايا الأخرى التي بدأت تطفو على السطح مؤخراً، فيما يبدو مواجهة ديبلوماسية وسياسية بين الجانبين.
انتقاد روسي لأميركا بسبب سوريا
وخلال تصريحات في أعقاب اختتام الاجتماع الـ17 لمحادثات أستانا، حمل المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتيف، إدارة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، المسؤولية عن تفويض جهود المصالحة في محافظة درعا السورية.
وقال لافرنتيف في التصريحات التي نقلتها صحيفة “كوميرسانت” الروسية: «نأمل دائما في أن أي مصالحة ستكون طويلة الأمد. وللأسف لم تكن المصالحة في درعا كذلك لسبب بسيط واحد، وهو التدهور الحاد للوضع الاقتصادي والاجتماعي بفضل مساعي صديقنا السيد جيمس جيفري (مبعوث إدارة ترامب الخاص إلى سوريا)».
تصريحات لافرنتيف وقبله لافروف حملت بعدا سلبيا تجاه الولايات المتحدة، وبالأخص حديث لافرنتيف حول عدة زوايا في الملف السوري، وأضاف: «إدارة الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن اعترفت بأن نهج ترامب لم يكن بناء، وتعلن حاليا أن هدفها الرئيسي يكمن في تطبيع الوضع الإنساني في سوريا من خلال الدعم الإنساني».
ويؤكد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي حسام نجار أن القضية السورية لا تزال تشكل أبرز الخلافات بين روسيا والولايات المتحدة، لا سيما فيما يتعلق بطريقة الحل في سوريا.
ويقول نجار في حديثه : «هناك مواضيع عدة و قضايا متشابكة كثيرة بين الطرفين الامريكي و الروسي، أهمها العقوبات الامريكية والاوروبية المتزايدة على روسيا و كذلك أوكرانيا ومحاولة ضمها للناتو و تم تفعيل قضية الجاسوس الروسي في بريطانيا من جديد و كذلك الكشف عن شبكة تجسسية روسية تعمل في أوروبا».
وحول الخلافات الإقليمية والدولية بين الجانبين يضيف نجار: «تعمد روسيا لاستخدام اوراقها كافة ضد أميركا و تحاول الضرب تحت الحزام في مواقع كثيرة و يكون عملها في جهة و تصريحاتها في جهة اخرى كي تشتت الانتباه على القضية التي تعمل عليها مثال تصريحاتها عن وجود القوات الامريكية في سورية».
واشنطن والاهتمام بالملف السوري
وكانت تقارير صحفية تحدثت مؤخراً عن إزاحة الإدارة الأميركية لسوريا ومنطقة الشرق الأوسط من أولوياتها الاستراتيجية.
وتذهب الكثير من تحليلات الموقف الأميركي إزاء سوريا، للقول إن تراجع اهتمام واشنطن بالملف السوري مرتبط بعدة عوامل، أبرزها الشعور الجماعي بالاستسلام أمام فكرة أن «النظام سيبقى»، وأنه لا يوجد أحد في المجتمع الدولي يخطط لتغيير هذا الوضع، فضلاً عن نجاح حلفاء الولايات المتحدة بالحد بشكل كبير من خطر تنظيم “داعش” في البلاد.
ويرى الصراع الدائرة في سوريا لم يعد يشكل أولوية بالنسبة للإدارة الأميركية، في إطار جهودها للضغط على إيران لدفعها نحو تقديم تنازلات تساهم في الحد من سلوكها النووي.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي درويش خليفة في حديث سابق له: «منذ وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى البيت الأبيض، لم تكن سوريا والصراع الدائر فيها جزءا اصيلاً من سياسته الخارجية».
ويعتقد خليفة أن واشنطن لم تعد تهتم بالملف السوري مؤخراً: «خصوصاً بعد تقليص خطر داعش وتمركزها في البادية السورية، وإبقاء الآبار النفطية في أيدي حلفاء واشنطن قوات “قسد” لتأمين التمويل الذاتي لهم» حسب قوله.
وحول أسباب تراجع اهتمام واشنطن بالملف السوري يضيف المحلل السياسي قائلاً: «ذا أردنا التركيز على الأسباب الحقيقية، فهي من وجهة نظري ليست مرتبطة بالقضية السورية على وجه الخصوص، إنما ما خلفته جائحة كورونا من اعباء على الأمريكيين، وآثار الحرب الاقتصادية البادرة التي تتبعها مع الصين، والتفرغ لها بعيداً عن الشرق الأوسط وصراعته التي لا تكاد أن تنتهي إطلاقاً».