حالات عنف منزلي صادمة ضد السوريات.
اختبرت النساء السوريات أنواع عديدة من العنف، مثل العنف المنزلي والأسري والقتل بذريعة ما يسمى شرف، الحرمان من التعليم وتزويج القاصرات والعنف الجنسي والتنمر والتشهير وغيرها الكثير.
ويعد العنف ضد النساء من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشاراً في العالم عموما والشرق الأوسط بشكل خاص، ويترتب على العنف الممارس ضدهن، عواقب وخيمة قد تصل إلى حد تهديد أرواحهن وسلامتهن في الحياة.
العنف المنزلي.. نساء يتمنين الموت
“كنت أتمنى الموت في اليوم ألف مرة”، بهذه العبارة بدأت شيماء برواية تجربتها مع العنف الأسري للحل نت ، إذ تعرضت منذ طفولتها لكل أنواع التعنيف النفسية والجسدية واللفظية.
شيماء، امرأة سورية من منطقة الغوطة الشرقية، تعمل حالياً في أحد المطاعم التركية في ولاية غازي عنتاب، تقول “أنا تعرضت للضرب من والدي، كان يضربنا جميعاً إناثاً وذكوراً، لأن والدي يعتقد أن الضرب وسيلة تربية”.
ترى شيماء أنها في مرحلة من مراحل عمرها اعتادت أسلوب والدها في التعامل معها، ولم تكن تشعر أنه شيء غير مقبول، ولكن بدأت بالتفكير بالأمر عندما توقف الأب عن ضرب أخوتها الذكور بعد أن أصبحوا شباباً بينما استمر في تعنيف الإناث.
وأردفت شيماء، “شعرت بالتمييز والضعف وأن والدي كان يضرب الإناث لأنه يراهن ضعيفات”.
عندما تزوجت شيماء، كانت تعتقد أنها ستتزوج من رجل يشبه والدها، إلا أن زوجها لم يقم بتعنيفها يوماً.
أما هاجر، فهي أرملة سورية تعيش في إحدى دور الأيتام في ولاية غازي عنتاب، روت قصة تعنيفها من قبل زوجها المتوفى، تقول “لم أحزن عليه أبداً عندما توفي، كان يضربني بشدة ويشتمني بأبشع الصفات والكلمات ويضرب أطفالي، كنت أشعر أنه يتلذذ بتعذيبنا، كنت أكره حياتي معه”.
هاجر، أم لأربعة أطفال ثلاثة منهم ذكور، قتل زوجها في إحدى الغارات الجوية للقوات السورية على منطقة حمص، وكان الزوج يضرب زوجته بأساليب عديدة واستخدم أدوات حادة عدة مرات، ومن ثم يجبرها على ممارسة العلاقة الجنسية.
العنف ضد المرأة.. آثار نفسية
تظهر آثار العنف ضد المرأة على جميع المستويات سواء النفسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية في المجتمع.
حيث تعاني النساء المعنفات واللواتي تعرضن للعنف بشكل مستمر، من أعراض جسدية ونفسية كارثية تؤثر على صحتهن وعلى أدائهن في الحياة اليومية.
الاختصاصية النفسية نبال العلو، تحدث ، عن الآثار الجسدية، والتي تتمثل بالصداع المستمر واضطرابات في الطمث، وآلام المعدة وغيرها من الآلام الجسدية غير المفسرة.
وقالت نبال، إن “هذه الأعراض ناتجة عن الأثر النفسي لاستمرار العنف لفترات طويلة، إذ تظهر كأعراض جسدية مرضية.”
وبالنسبة للمشاكل النفسية التي قد تواجهها النساء اللواتي تعرضن للتعنيف لاسيما لفترات طويلة، أوضحت نبال، أن “الخوف المستمر ملازم لهن، وإحساس بتدني تقدير الذات، وعدم القدرة على التفكير الصحيح واتخاذ قرارات صحيحة”.
وترى نبال، أن أخطر الآثار هو شعورها بالذنب، إذ تسيطر على هؤلاء النساء مشاعر لوم الذات، واعتبار نفسها السبب في تعرضها للعنف، وأنها من دفعت شريكها للتصعيد وتعنيفها.
كما تحدث نبال عن الحلول لمواجهة ظاهرة العنف ضد النساء، وقالت، إنه يجب العمل على نشر الوعي على المستوى الفردي والاجتماعي، والتوقف عن تبرير العنف تحت أي مسمى.
إضافة إلى توعية النساء بحقوقهن وإقناعهن أن العنف يجب أن يكون مرفوضاً بشكل قاطع، والعمل مع كل حالة وفق خطة فردية، بالتزامن مع دعم فرص عمل لهن من أجل تحسين ظروفهن الاقتصادية.
وركزت نبال، أنه لا يمكن إغفال المستوى القانوني، بل يجب العمل عليه بالتوازي مع رفع الوعي المجتمعي، وأكدت على ضرورة العمل على تغيير القوانين التي لا تدعم النساء وتسلبهن حقوقهن.
16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة
تحتفي الأمم المتحدة بحملة الـ 16 يوماً من النشاط لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي من 25 تشرين الثاني/نوفمبر إلى 10 كانون الأول/ديسمبر لهذا العام.
وذلك ضمن إطار الموضوع العالمي الذي حددته حملة الأمين العام للأمم المتحدة “لوّن العالم برتقاليًا: فلننهِ العنف ضد المرأة الآن!”
إذ قالت الأمم المتحدة في تقرير لها أن واحدة من كل ثلاث نساء تتعرض إلى العنف على الأقل مرة في حياتها، وترتفع النسب في الأزمات الإنسانية والنزاعات والكوارث الناجمة عن تغير المناخ…إلخ.
منظمات سورية مشاركة في الحملة
نظراً لما تعانيه المرأة السورية من العنف القائم على النوع الاجتماعي، وتفاقم حالتها نتيجة الصراع المسلح والظروف التي تعيشها البلاد، تشارك العديد من المؤسسات السياسية والمدنية في الحملة.
ومنها اللوبي النسوي السوري والحركة السياسية النسوية السورية، وشبكة المرأة السورية، ومؤسسة عدل وتمكين ومنظمة عدل لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى الإدارة الذاتية شمال شرق سوريا وغيرها من الجهات والمؤسسات.
إحصائيات وأرقام
لايوجد في تاريخ سوريا الحديث أي إحصاء أو دراسة أو بحث قامت به جهة رسمية عن العنف القائم على النوع الاجتماعي.
ولكن مؤسسة اللوبي النسوي السوري، قامت بإطلاق استبيان عن العنف الأسري أُجريت عليه دراسة لتحري انتشار ظاهرة العنف الأسري ضد المرأة في المجتمع السوري، شاركت به 500 عينة عشوائية لنساء من مختلف مناطق سوريا ومختلف الشرائح المجتمعية المتباينة اقتصادياً وثقافياً وعرقياً ودينياً.
وخلصت الدراسة إلى أن 80 بالمئة من الفتيات تعرضن لعنف معنوي وجسدي من قبل أسرهن في طفولتهن، و45% يضربن من قبل أزواجهن، و63% يتعرضن لعنف معنوي من قبل أزواجهن.
السوريون هم الأكثر عنفاً ضد المرأة من بين اللاجئين في ألمانيا
المكتب الاتحادي لمكافحة الجريمة في ألمانيا (BKA) نشر إحصائية حديثة، أشارت إلى أن نسبة الرجال السوريين الذين يرتكبون جرائم بحق النساء، هي الأعلى من بين جرائم العنف ضد المرأة المنسوبة للرجال الأجانب في ألمانيا.
ونشرت الإحصائية من خلال موقع تلفزيون (DW) الألماني، عبر تقرير أعدته القناة بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة.
وبحسب ترجمة التقرير، تقول الإحصائية، أن “نسبة الذكور إلى الإناث من مرتكبي العنف الزوجي بين حاملي وحاملات الجنسية السورية هي 91.5% ذكور، و 8.5% إناث”، وأن السوريين من مرتكبي العنف الزوجي بين المهاجرين نسبتهم 28.8 بالمئة، يليهم الأفغان بنسبة 14.2، ثم العراقيون بنسبة 9.4 تليها جنسيات أخرى.
أما نسبة السوريين من مرتكبي مجمل الحالات المسجلة في ألمانيا عام ٢٠٢٠ فتبلغ 2,8%، 3.466 حالة من أصل 122.537 حالة مسجلة في جميع أنحاء البلاد.
وذكرت الإحصائية أن العنف بين شركاء الحياة الحاليين أو السابقين أودى بحياة 139 امرأة و30 رجلاً في 2020، بحسب موقع موقع تلفزيون (DW).
فيما أوضحت، البيانات التي نشرها مكتب BKA أن الرجال هم المسؤولون عن غالبية جرائم العنف مع حدوث ارتفاع طفيف في نسبة هذه الجرائم التي ارتكبتها النساء حيث وصلت إلى 20.9 بالمئة.
لآلاء محمد
الحل نت – موقع الحداثة و الديمقراطية