أخبارعالمية

واشنطن تسعى لتهدئة الوضع في سوريا وأولية للمساعدات الإنسانية

ورثت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن منذ عشرة أشهر خريطة سياسية وأمنية في سوريا، لكننا حتى الآن لم نشهد متغيرات عميقة هناك، كما أننا لم نشهد تغييراً كبيراً في موقف الإدارة الأميركية الحالية مقارنةً بالإدارة السابقة حيال ملف سوريا.

باقون في سوريا

و حسب مصادر تشير إلى أن الأميركيين لن يتركوا سوريا قريباً، كما تؤكد هذه المصادر في العاصمة الأميركية أن الأميركيين، ولأسباب عسكرية وأمنية كثيرة، يتمسكون بقاعدة التنف.

الكلام الرسمي الأميركي أقل حدّة ووضوحاً، فقد ذكر مسؤول كبير في وزارة الدفاع في إيجاز للصحافيين، تمهيداً لخطاب الوزير لويد اوستن في “حوار المنامة”، أن “الوزير سيتحدّث عن جهود الولايات المتحدة للاحتفاظ بقواتها في العراق وفي سوريا”. وأكد أن أوستن سيتحدث عن قرار أميركي “بالاحتفاظ بقوات هناك للمساعدة في محاربة داعش”، وهذا ما فعله أوستن.

سلسلة المخاطر

ما أن الأميركيين يرون في سوريا سلسلة من المخاطر، وأولها أن الأميركيين والأسرة الدولية لم يتمكنوا بعد من التوصل إلى حلّ لمشكلة المعتقلين من داعش لدى قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، ويصل عددهم إلى 10 آلاف مقاتل. ويقول الأميركيون إنهم حاولوا إيجاد حلول، لكنها تبدو حتى الآن مشكلة مستعصية، مؤكدين أن عناصر داعش خطر أمني جدّي.

ثاني المخاطر هو التهديدات التركية باجتياح بعض أو كل الجيب الذي يسيطر عليه الأكراد في شمال شرق سوريا. مرّت الولايات المتحدة في مرحلة حرجة خلال الشهر الماضي عندما هدّدت تركيا بمهاجمة الجيب الكردي، وكان الأميركيون يتخوّفون بشكل خاص من أن يصرّ الرئيس التركي على إدخال جنوده إلى هذا الجيب. ويجد الأميركيون مرة أخرى أن جنودهم على مسافة قصيرة من جنود أتراك، والدولتان عضو في حلف شمال الأطلسي، وربما يطلق جنود الحلفاء النار على بعضهم.

يبدو الآن أن الاتصالات بين الأميركيين والأتراك في هذا الشأن انتجت تعليقاً للتهديدات التركية، أقلّه حتى إشعار آخر.

المشكلة الإيرانية

يرى الأميركيون أيضاً أن هناك مشكلة حقيقية في “التسرّب الإيراني” والأسلحة التي تعبر إلى سوريا، فهي “تساعد نظام الأسد لمتابعة قهر السوريين”، وتتمدّد جنوباً وتهدّد أمن إسرائيل.

تشير تقديرات الأميركيين إلى أن حركة الأسلحة الإيرانية عبر الحدود لم تتراجع خلال الأشهر الماضية، فيما تتصاعد المخاطر. كما يعتبر الإسرائيليون أن حملة القصف التي يشنونها منذ سنوات ضد المواقع والميليشيات التابعة لإيران ليست بالفاعلية التي يريدونها.

لا يريد الأميركيون تصعيداً عسكرياً في سوريا وهم يشدّدون على ذلك، بل يدعون إلى التوصل لتفاهمات عبر الحوار، لكن هذه الدعوات لم تصل إلى أي نتيجة بعد، ويبقى الأميركيون متمسكين بالقول إن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها “لكننا نريد حواراً وليس تصعيداً”.

لا تطبيع

المشكلة الأخرى التي لا تجد إدارة بايدن حلاً لها هي النظام السوري وتصرفاته، فالأميركيون يعتبرون أن هذا النظام عرّض ويعرّض السوريين لظروف حياتية وأمنية مهينة،و إنه من الصعب التحدّث عن هذه الظروف من دون أن يشعر الإنسان بالحاجة إلى البكاء”، وأضاف أن “تصرفات هذا النظام لا يمكن نسيانها أو تناسيها”.

و أن الأميركيين يريدون من الأطراف الدولية والدولة المانحة القيام بدور أكبر للمساعدة في إعانة السوريين الذين يعيشون ظروفاً حياتية صعبة. كما يرفض الأميركيون أية محاولات للتطبيع مع النظام السوري ويعتبرون أن هذا النظام تسبب بصعود داعش وفتح الباب أمام النفوذ الإيراني والروسي.

المسؤول الكبير في وزارة الدفاع الأميركية قال للصحافيين: “عندما ينخرط شركاؤنا الاستراتيجيون مع النظام السوري، عليهم أن يأخذوا بعين الاعتبار من هو المستفيد”.

تثبيت الهدوء

لا تملك إدارة بايدن حلّاً للمشكلة السورية ولا تدّعي أن لديها حلّاً يختلف عن السير في تطبيق القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن في هذا السياق، لذلك يطرح الأميركيون قاعدة للتعامل مع الوضع في سوريا تقوم على وقف إطلاق النار، والتشديد على الإعانات الإنسانية، ومحاربة داعش والتوصل إلى حلّ سياسي للنزاع.

تبدو إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن محظوظة بعض الشيء لأن الأطراف في المشكلة السورية لم تقم بتحركات كبيرة تغيّر من الأمر الواقع، وتسعى هذه الإدارة إلى تثبيت هذا الهدوء وإعطاء المساعدات الإنسانية الأولوية، كما أنها ترى أن التصعيد ليس هو الحل.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
Translate