حداثة و ديمقراطية

في سمات فكر ما بعد الحداثة كتابة مدخلية (١)

توطئة:

تمتد فترة مابعد الحداثة (Post modernism) من سنة 1970م إلى سنة 1990م، ويقصد بها النظريات والتيارات والمدارس الفلسفية والفكرية والأدبية والنقدية والفنية التي ظهرت ما بعد الحداثة البنيوية والسيميائية واللسانية. وقد جاءت مابعد الحداثة لتقويض الميتافيزيقا الغربية ، وتحطيم المقولات المركزية التي هيمنت قديما وحديثا على الفكر الغربي، كاللغة، والهوية، والأصل، والصوت، والعقل…وقد استخدمت في ذلك آليات التشتيت والتشكيك والاختلاف والتغريب، وتقترن مابعد الحداثة بفلسفة الفوضى والعدمية والتفكيك واللامعنى واللانظام. وتتميز نظريات ما بعد الحداثة  عن الحداثة السابقة بقوة التحرر من قيود التمركز، والانفكاك عن اللوغوس والتقليد وماهو متعارف عليه، وممارسة كتابة الاختلاف والهدم والتشريح ، والانفتاح على الغير عبر الحوار والتفاعل والتناص، ومحاربة لغة البنية والانغلاق والانطواء، مع فضح المؤسسات الغربية المهيمنة، وتعرية الإيديولوجيا البيضاء، والاهتمام بالمدنس والهامش والغريب والمتخيل والمختلف، والعناية بالعرق، واللون، والجنس، والأنوثة، وخطاب مابعد الاستعمار….

إذاً، ماهو  مفهوم مابعد الحداثة؟  وماسياقها التاريخي والإبستمولوجي(المعرفي)؟ وماهي مرتكزات هذا المفهوم ومكوناته النظرية والتطبيقية والمنهجية؟ وماهي أهم النظريات التي رافقت مابعد الحداثة؟ وما هي إيجابيات ما بعد الحداثة وسلبياتها؟ تلكم هي مجمل الإشكاليات التي سوف نحاول رصدها في هذه الدراسة المقتضبة.

1- مفهوم ما بعد الحداثة:

من المصطلحات الأكثر التباسا وإثارة في فترة مابعد الحداثة هو مصطلح :” مابعد الحداثة” نفسه، حيث اختلف حوله نقاد ودارسو مابعد الحداثة؛ نظرا لتعدد مفاهيمه ومدلولاته من ناقد إلى آخر. بل نجد أن المعاني التي قدمت لمفهوم مابعد الحداثة متناقضة فيما بينها ومختلفة ومتداخلة، حتى أثير حول استخدام مفهوم مصطلح “مابعد الحداثة” نقاش مستفيض، إذ يعتبر من أهم المصطلحات التي:” شاعت وسادت منذ الخمسينيات الميلادية، ولم يهتد أحد بعد إلى تحديد مصدره: فهناك من يعيد المفردة إلى المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي عام 1954م، وهناك من يربطها بالشاعر والناقد الأمريكي تشارلس أولسون في الخمسينيات الميلادية، وهناك من يحيلها إلى ناقد الثقافة ليزلي فيدلر، ويحدد زمانها بعام 1965م. على أن البحث عن أصول المفردة أفضى إلى اكتشاف استخدامها قبل هذه التواريخ بكثير، كما في استخدام جون واتكنز تشابمان لمصطلح ” الرسم مابعد الحداثي” في عقد 1870م، وظهور مصطلح مابعد الحداثة عند رودولف بانفتز في عام 1917م.”[1]

وقد تبين واضحا أن أفكار مابعد الحداثة مختلفة نسبيا عن مفاهيم الحداثة السابقة. وهناك من يرى أن أفكار مابعد الحداثة مختلفة جذريا عن أفكار الحداثة. ويعتقد:”بعضهم أنه من الممكن اعتبار الكتاب والفنانين في مرحلة ماقبل الحداثة على أنهم مابعد الحداثيون، بالرغم من أن المفهوم لم يكن مصاغا آنذاك. وهذا أقرب إلى الجدل الذي يرى نظريات فرويد عن اللاوعي أنها موجودة مسبقا في الفكر الرومانسي الألماني. وقد ناقش الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس (Habermas) أن مشروع الحداثة لم ينته أبدا بعد، حيث يواصل هذا المشروع سعيه لتحقيق أهدافه (وبهذا، يقصد هابرماس قيم تنوير العقل والعدالة الاجتماعية). ويعد مصطلح مابعد الحداثة (والكلمات المشابهة له) أيضا في نظر الكثيرين أنه يشير، بصفة عامة، إلى دور وسائل الإعلام في المجتمعات الرأسمالية في أواخر القرن العشرين. وأيا كان استخدامه المفضل، فمن الواضح أن نظرية تفسير التطورات الاجتماعية والثقافية عن طريق السرديات الكبرى لم تعد ممكنة أو مقبولة، وأنه لم يعد ممكنا للأفكار أن تكون مرتبطة ارتباطا وثيقا مع الواقع التاريخي. فكل شيء هو النص والصورة. وبالنسبة للكثيرين، يحاول العالم الذي يتم تصويره في فيلم” الماتريكس“، حيث نجد الحياة البشرية تقلد الآلات التي تسيطر عليها، إقناع المشاهد بعالم مابعد الحداثة، لإقناعه بكابوس من عالم الخيال العلمي، فهذا العالم هو بمنزلة استعارة أو مجاز عن حالة الإنسان الحالي.”[2]

وهناك من الباحثين والدارسين من يربط  مابعد الحداثة بفلسفة التفكيك والتقويض، وتحطيم المقولات المركزية الكبرى التي هيمنت على الثقافة الغربية من أفلاطون إلى يومنا هذا. وفي هذا الصدد، يقول دافيد كارتر (David karter) في كتابه:” النظرية الأدبية“:” وتعبر هذه المواقف من مابعد الحداثة عن موقف متشكك بشكل جوهري لجميع المعارف البشرية، وقد أثرت هذه المواقف على العديد من التخصصات الأكاديمية وميادين النشاط الإنساني(من علم الاجتماع إلى القانون والدراسات الثقافية، من بين الميادين الأخرى). وبالنسبة للكثيرين تعد مابعد الحداثة عدمية على نحو خطير، فهي تقوض أي معنى للنظام والسيطرة المركزية للتجربة. فلا العالم ولا الذات لهما وحدة متماسكة”[3].

ومن ثم، فقد اعتمدت فلسفة مابعد الحداثة على التشكيك والتقويض والعدمية ، كما اعتمدت على التناص واللانظام واللاانسجام، وإعادة النظر في الكثير من المسلمات والمقولات المركزية التي تعارف عليها الفكر الغربي قديما وحديثا. ومن ثم، تزعزع مابعد الحداثة- حسب دافيد كارتر- :” جميع المفاهيم التقليدية المتعلقة باللغة والهوية، إذ نسمع كثيرا من الطلاب الأجانب الذين يدرسون الأدب الإنكليزي ينعتون أي شيء لايفهمونه أو يعبرون عنه بمابعد حداثي. وكثيرا ماتكشف النصوص الأدبية في مابعد الحداثة عن غياب الانغلاق، وتركز تحليلاتها على ذلك. وتهتم كل من النصوص والانتقادات بعدم وضوح الهوية، وماهو معروف باسم” التناص”: هو إعادة صياغة الأعمال المبكرة أو الترابط بين النصوص الأدبية.”[4]

هذا، ويمكن الحديث في إطار مابعد الحداثة عن أربعة منظورات تجاهها ، المنظور الفلسفي الذي يرى أن مابعد الحداثة دليل على الفراغ بغياب الحداثة نفسها، والمنظور التاريخي الذي يرى أن مابعد الحداثة حركة ابتعاد عن الحداثة أو رفضا لبعض جوانبها، والمنظور الإيديولوجي السياسي الذي يرى أن ما بعد الحداثة تعرية للأوهام الإيديولوجية الغربية، والمنظور الاستراتيجي النصوصي الذي يرى أن مقاربة نصوص مابعد الحداثة لا تتقيد بالمعايير المنهجية،  وليست ثمة قراءة واحدة، بل قراءات منفتحة ومتعددة.[5]

2- السياق الذي ظهرت فيه مابعد الحداثة:

ارتبطت مابعد الحداثة في بعدها التاريخي والمرجعي والسياقي بتطور الرأسمالية الغربية ما بعد الحداثية اجتماعيا، واقتصاديا، وسياسيا، وثقافيا. كما ارتبطت ارتباطا وثيقا بتطور وسائل الإعلام. كما جاءت مابعد الحداثة كرد فعل على البنيوية اللسانية ، والمقولات المركزية الغربية التي تحيل على الهيمنة والسيطرة والاسغلال والاستلاب. كما استهدفت مابعد الحداثة تقويض الفلسفة الغربية، وتعرية المؤسسات الرأسمالية التي تتحكم في العالم، وتحتكر وسائل الإنتاج، وتمتلك المعرفة العلمية. كما عملت مابعد الحداثة على انتقاد اللوغوس والمنطق عبر آليات التشكيك والتشتيت والتشريح والتفكيك.

هذا، وقد ظهرت مابعد الحداثة في ظروف سياسية معقدة ، وذلك بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وخاصة في سياق الحرب الباردة، وانتشار التسلح النووي، وإعلان ميلاد حقوق الإنسان، وظهور مسرح اللامعقول( صمويل بيكيت، وأداموف، ويونيسكو، وأرابال…)، وظهور الفلسفات اللاعقلانية كالسريالية، والوجودية، والفرويدية، والعبثية ، والعدمية… وقد كانت التفكيكية معبرا رئيسا للانتقال من مرحلة الحداثة إلى مابعد الحداثة. ومن ثم، فقد كانت مابعد الحداثة مفهوما مناقضا ومدلولا مضادا للحداثة. ولذلك، ” احتفلت مابعد الحداثة بأنموذج التشظي والتشتيت واللاتقريرية كمقابل لشموليات الحداثة وثوابتها، وزعزعت الثقة بالأنموذج الكوني، وبالخطية التقدمية، وبعلاقة النتيجة بأسبابها ، حاربت العقل والعقلانية، ودعت إلى خلق أساطير جديدة تتناسب مع مفاهيمها التي ترفض النماذج المتعالية، وتضع محلها الضرورات الروحية ، وضرورة قبول التغيير المستمر،  وتبجيل اللحظة الحاضرة المعاشة. كما رفضت الفصل بين الحياة والفن، حتى أدب مابعد الحداثة ونظرياتها تأبى التأويل، وتحارب المعاني الثابتة.”[6]

هذا، وقد ظهرت مابعد الحداثة أولا في مجال التشكيل والرسم والعمارة والهندسة المدنية ،  قبل أن تنتقل إلى الفلسفة والأدب والفن والتكنولوجيا وباقي العلوم والمعارف الإنسانية. ولايمكن الحديث عن مابعد حداثة واحدة، بل هناك مابعد حداثة عامة ومابعد حداثات فرعية. وقد غزت نظرية مابعد الحداثة جميع الفروع المعرفية، كالأدب، والنقد، والفن، والفلسفة، والأخلاق، والتربية، وعلم الاجتماع، والأنتروبولوجيا، وعلم الثقافة، والاقتصاد، والسياسة، والعمارة، والتشكيل…

3- مرتكزات مابعد الحداثة:

تستند مابعد الحداثة في الثقافة الغربية إلى مجموعة من المكونات والمرتكزات الفكرية والذهنية والفنية والجمالية والأدبية والنقدية، ويمكن حصرها في العناصر والمبادىء التالية:

•  التقويض: تهدف نظرية مابعد الحداثة إلى تقويض الفكر الغربي، وتحطيم أقانيمه المركزية ، وذلك عن طريق التشتيت والتأجيل والتفكيك. بمعنى أن مابعد الحداثة قد تسلحت بمعاول الهدم والتشريح لتعرية الخطابات الرسمية، وفضح الإيديولوجيات السائدة المتآكلة، وذلك باستعمال لغة الاختلاف والتضاد والتناقض.

•  التشكيك: أهم ما تتميز به مابعد الحداثة هو التشكيك في المعارف اليقينية، وانتقاد المؤسسات الثقافية المالكة للخطاب والقوة والمعرفة والسلطة. ومن ثم، أصبح التشكيك آلية للطعن في الفلسفة الغربية المبنية على العقل والحضور والدال الصوتي. ومن هنا، فتفكيكية جاك ديريدا هي في الحقيقة تشكيك في الميتافيزيقا الغربية من أفلاطون إلى فترة الفلسفة الحديثة.

•  الفلسفة العدمية: من يتأمل جوهر فلسفات مابعد الحداثة، فإنه سيجدها فلسفات عدمية وفوضوية، تقوم على تغييب المعنى، وتقويض العقل والمنطق والنظام والانسجام. بمعنى أن فلسفات مابعد الحداثة هي فلسفات لا تقدم بدائل عملية واقعية وبراجماتية، بل هي فلسفات عبثية لا معقولة، تنشر اليأس والشكوى والفوضى في المجتمع.

• التفكك واللاانسجام: إذا كانت فلسفة الحداثة أو تيارات البنيوية والسيميائية تبحث عن النظام والانسجام، وتهدف إلى توحيد النصوص والخطابات، وتجميعها في بنبات كونية، وتجريدها في قواعد صورية عامة، من أجل خلق الانسجام والتشاكل، وتحقيق الكلية والعضوية الكونية، فإن فلسفات مابعد الحداثة هي ضد النظام والانسجام، بل هي تعارض فكرة الكلية. وفي المقابل، تدعو إلى التعددية والاختلاف واللانظام، وتفكيك ماهو منظم ومتعارف عليه .

• هيمنة الصورة: رافقت ما بعد الحداثة تطور وسائل الإعلام، فأصبحت الصورة البصرية علامة سيميائية تشهد على تطور مابعد الحداثة، ولم تعد اللغة هي المنظم الوحيد للحياة الإنسانية، بل أصبحت الصورة هي المحرك الأساس للتحصيل المعرفي، وتعرف الحقيقة. ولاغرو أن نجد جيل دولوز (Gilles Deleuze) يعنى بالصورة السينمائية ، إذ يقسمها إلى الصورة – الإدراك ، والصورة – الانفعال ، و الصورة – الفعل، ويعتبر العالم خداعا، كخداع السينما للزمان والمكان عن طريق خداع الحواس، وذلك في كتابيه:”الصورة- الحركة” (1983م) و” الصورة- الزمان” (1985م).

• الغرابة والغموض: تتميز مابعد الحداثة بالغرابة ، والشذوذ، وغموض الآراء والأفكار والمواقف، فتفكيكية جاك ديريدا – مثلا- مازالت مبهمة وغامضة، من الصعب فهمها واستيعابها، حتى إن مصطلح التفكيك نفسه أثار كثيرا من النقاش والتأويلات المختلفة في حقول ثقافية متنوعة، وخاصة في اليابان والولايات المتحدة الأمريكية. كما أن فلسفة جيل دولوز معقدة وغامضة ، من الصعب بمكان تمثلها بكل سهولة.

• التناص: يعني التناص استلهام نصوص الآخرين بطريقة واعية أو غير واعية. بمعنى أن أي نص يتفاعل ويتداخل نصيا مع النصوص الأخرى امتصاصا وتقليدا وحوارا. و يدل التناص في معانيه القريبة والبعيدة على التعددية ، والتنوع ، والمعرفة الخلفية، وترسبات الذاكرة. وقد ارتبط التناص نظريا مع النقد الحواري لدى ميخائيل باختين(M.Bakhtine).

• تفكيك المقولات المركزية الكبرى: استهدفت مابعد الحداثة تقويض المقولات المركزية الغربية الكبرى كالدال والمدول، واللسان والكلام، والحضور والغياب،إلى جانب انتقاد مفاهيم أخرى كالجوهر، والحقيقة، والعقل، والوجود، والهوية…وذلك عن طريق التشريح، والتفكيك، والتقويض، والتشتيت، والتأجيل…

• الانفتاح: إذاكانت البنيوية الحداثية قد آمنت بفلسفة البنية والانغلاق الداخلي، وعدم الانفتاح على المعنى، والسياق الخارجي والمرجعي، فإن ما بعد الحداثة قد اتخذت لنفسها الانفتاح وسيلة للتفاعل والتفاهم والتعايش والتسامح. ويعد التناص آلية لهذا الانفتاح؛ ، كما أن الاهتمام بالسياق الخارجي هو دليل آخر على هذا الانفتاح الإيجابي التعددي.

• قوة التحرر: تعمل فلسفات مابعد الحداثة على تحرير الإنسان من قهر المؤسسات المالكة للخطاب والمعرفة والسلطة، وتحريره أيضا من أوهام الإيديولوجيا والميثولوجيا البيضاء، وتحريره كذلك من فلسفة المركز، وتنويره بفلسفات الهامش والعرضي واليومي والشعبي.

• إعادة الاعتبار للسياق والنص الموازي:إذا كانت البنيوية والسيميائيات قد أقصت من حسابها السياق الخارجي والمرجعي، وقتلت الإنسان والتاريخ والمجتمع، فإن فلسفات مابعد الحداثة، قد أعادت الاعتبار للمؤلف والقارىء والإحالة والمرجع التاريخي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي ، كما هو حال نظرية التأويلية، وجمالية التلقي، والمادية الثقافية، والنقد الثقافي، ونظرية مابعد الاستعمار، والتاريخانية الجديدة…

• تحطيم الحدود بين الأجناس الأدبية: إذا كانت الشعرية البنيوية تحترم الأجناس الأدبية، حيث تضع كل جنس على حدة تصنيفا وتنويعا وتنميطا، فتحدد لها قواعدها وأدبيتها التجنيسية، فإن ما بعد الحداثة لا تعترف بالحدود الأجناسية، فقد حطمت  كل قواعد التجنيس الأدبي، وسخرت من نظرية الأدب. ومن ثم، أصبحنا نتحدث اليوم عن أعمال أو نصوص أو آثار غير محددة وغير معينة جنسيا.

• الدلالات العائمة: تتميز نصوص وخطابات مابعد الحداثة عن سابقتها الحداثية بخاصية الغموض والإبهام والالتباس. بمعنى أن دلالات تلك النصوص أو الخطابات غير محددة بدقة، وليس هناك مدلول واحد ، بل هناك دلالات مختلفة ومتناقضة ومتضادة ومشتتة تأجيلا وتقويضا وتفكيكا، كما في المنظور التفكيكي عند جاك ديريدا. وبتعبير آخر، يغيب المعنى ، ويتشتت عبثا في كتابات مابعد الحداثة.

د. جميل الحمداوي

شبكة الالوكة / حزب الحداثة

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
Translate